اقتصادي

“ستاربكس” تواجه المتاعب في التزام الاستدامة!

أكواب ستاربكس مكتوب عليها رسائل

أكواب ستاربكس مكتوب عليها رسائل

طوابير طويلة.. انخفاض في المبيعات.. موظفون غاضبون. هل يمكن أكبر سلسلة مقاهٍ في العالم أن تجعل القهوة ممتعة مجددًا؟ هل تعرفون ذلك الشعور بالارتعاش والغثيان الذي ينتابكم عندما تشربون الكثير من القهوة؟ هذا ما تشعر به “ستاربكس” نفسها في هذه الأيام. ففي ساعات الذروة، تكون مقاهيها المنتشرة في كل مكان مكتظة، وتكون خدمتها بطيئة، وقد استُبدلت الأسماء المشوشة المكتوبة بخط اليد بملصقات مطبوعة بالكمبيوتر لمن يطلبون عبر الإنترنت، والذين تسنح لهم الفرصة بتخطّي الطابور.  النظام المنقذ في زاوية مشرقة من مقهى “ستاربكس” الشهير، حيث تمتزج رائحة القهوة الطازجة بهمسات الزبائن، يقف نظام Siren Craft رمزاً للابتكار والتجديد. هذا النظام المتطور، الذي وُعد بأن يكون منقذ عشاق القهوة، يحمل في طياته قصصاً من التحدّيات والإشكاليات التي لا تظهر للعين المجرّدة. كانت الشركة قد أعلنت عن تجديد كبير في طريقة تنظيم مقاهيها، ويُطلق عليه اسم نظام “سيرين كرافت” (Siren Craft). يعمل هذا النظام على إصلاح سير العمل في نحو 10,000 مقهى من مقاهيها، في محاولة للحدّ من عدم الكفاءة، ولتسريع الطلبات، وتعزيز رضا العملاء. لكن، خلافاً لمعظم الخطط التي يحلم بها الاستشاريون، لا يحاول هذا النظام حل المشكلة بدفع الموظفين إلى تقديم إنتاجية عالية. بدلاً من ذلك، يقوم بشيء جديد حقاً في مجال الأعمال الأميركية: يحاول إصلاح الخطأ الذي تعاني منه كل الشركات التي تصنع الأشياء للكثير من الناس. في المبدأ، يهدف النظام إلى تقديم تجربة شاملة تبدأ من لحظة دخول العميل إلى المتجر حتى حصوله على كوب القهوة، مع التركيز على الجودة والخدمة الممتازة، بحيث يمكن العملاء استخدام التطبيقات الذكية للحصول على معلومات حول القهوة التي يتناولونها، وتخصيص مشروباتهم أيضاً. على الرغم من أن نظام “سيرين كرافت” لدى “ستاربكس” يُعدّ خطوة متقدّمة في تحسين جودة مشروبات القهوة وتقديم تجربة مميزة للعملاء، فإنه ليس خالياً من الإشكاليات والتحدّيات. تعقيد وصعوبةبدأت الحكاية حينما قرّرت “ستاربكس” الاستثمار في التكنولوجيا المتقدّمة لتحسين جودة مشروباتها. كان النظام الجديد يتطلّب أجهزة متطورة وحبوب قهوة مختارة بعناية من أرقى المزارع. لكن هذا الحلم الباهظ جعل الأسعار ترتفع، ما أثار تساؤلات بين الزبائن العاديين: هل تستحق القهوة هذا الثمن؟ أصبحت التكلفة العالية عقبة تواجهها الشركة، تحدّ من قدرة الجميع على الاستمتاع بهذه التجربة الفريدة. في كل صباح، كان الموظفون يتجمعون حول هذا النظام الجديد، ويحاولون فهم تعقيداته وإعداداته الدقيقة. بالرغم من جمال التقنية وروعة نتائجها، فإن التدريب المكثف والدعم الفني المستمر أصبحا ضرورة لا غنى عنها. في بعض الأحيان، كان النظام يخرج عن سيطرته، ما يؤدي إلى تأخير في تحضير الطلبات، ويتسبّب في تذمّر الزبائن المنتظرين. ومع كل رشفة من القهوة، تبرز مشكلة التخصيص الزائد، فالخيارات المتعددة، على الرغم من أنها تقدّم تجربة مميزة، قد تضع العملاء في حيرة من أمرهم. فالوقوف أمام شاشة الطلبات، ومحاولة الاختيار بين عشرات النكهات والإضافات، يشبه متاهة تُفقد العميل الشعور بالبساطة. ولأن “ستاربكس” تحب الريادة في الاستدامة، وعدت بأن يكون هذا النظام جزءاً من هذا الالتزام. لكن، تحت المجهر، بدأت تظهر شكوك حول مدى تطبيق هذه الممارسات بشكل فعلي. فهل كل كوب من القهوة يحمل حقاً بصمة الاستدامة التي يدّعيها؟ تجارب متفاوتةوفي الفروع المنتشرة حول العالم، تختلف التجربة من مكان إلى آخر. الموظفون المتفاوتون في الكفاءة، والأجهزة التي قد تكون في حالات متفاوتة من الصيانة، تجعل من الصعب الحصول على نفس التجربة المميزة في كل زيارة. وهذا التفاوت يخلق نوعاً من الغموض، حيث لا يعرف الزبون ما الذي ينتظره في كل مرّة يطلب فيها كوباً من القهوة. في ظلّ هذا التطور، أصبح التفاعل الرقمي جزءاً لا يتجزأ من تجربة القهوة. تطبيقات ذكية وأجهزة تفاعلية، كلها تهدف إلى تحسين التواصل وتخصيص الطلبات. لكن، بالنسبة إلى البعض، كان هذا الاعتماد على التكنولوجيا يمثل تحدّياً. فالزبائن الأكبر سناً، أو أولئك الذين يفضّلون اللمسة التقليدية التي استبدلت كتابة أسمائهم على الكوب الورقي بخط اليد بملصق من دون حياة، شعروا بالاغتراب وسط هذا العالم الرقمي المعقّد. إبتكارٌ وتحدِّفي نهاية المطاف، يبقى نظام “سيرين كرافت” قصة من قصص الابتكار والتحدّي. بين تكلفة الحلم الباهظ وتعقيد السحر التكنولوجي، بين البساطة المفقودة والتخصيص المربك، بين وعود الاستدامة والتفاوت في التجربة، تظل الحكاية مستمرة. إنها دعوة للتأمّل في رحلة القهوة، وللأمل في أن يتجاوز الابتكار كل التحدّيات، ليحقق الحلم الذي ينشده كل عاشق لفنجان القهوة المثالي. يقول أحد موظفي “ستاربكس”: “كان هناك عنصر من المرح في العمل كنادل في “ستاربكس”. كان رائعاً أن تتحدث إلى العملاء وتتذوق المنتجات الجديدة معهم وتتعرف على أذواقهم”.