سرقةُ الرياح.. صراعاتُ المستقبل!

2

أحمد عبدالتواب

 

لم تعد سرقة الرياح من شطحات الخيال العلمى، وإنما صارت قضية بدأت بوادر نزاعاتها تَتَجَلَّى على المستوى المحلى، داخل الدولة الواحدة، بين الشركات التى تُوَلِّد الكهرباء من الرياح، مثلما يحدث فى بريطانيا، وكذلك فى صراعات بين دولتين متجاورتين تمارس فيهما شركات مختلفة هذا النشاط، مثلما يحدث بين الدنمارك والنرويج، أى أنها فى سبيلها لتصير مثل الصراعات بسبب الاستنزاف من جانب واحد للحقوق المشتركة فى آبار البترول والغاز، ومثل صيد الأسماك الجائر فى المياه المشتركة! وذلك بعد أن تبينت نتائج لم تكن متوقعة نتيجة للتوسع الضخم السريع حول العالم فى توليد الكهرباء من الرياح، ومع التطور الفائق فى المعدات المستخدمة لهذا الغرض، والتى وصل فيها طول شفرة التوربين إلى أكثر من 100 متر، أى بطول ملعب لكرة القدم، بهدف التعرض لرياح أكثر لتوليد طاقة أكبر تجعل المشروع أكثر ربحية. مع المساهمة فى هدف عالمى لتخفيض استهلاك الكربون، خاصة أن كل توربين عملاق يولد طاقة تكفى لنحو 20 ألف أسرة أوروبية.

 

عَرَض موقعُ (بى بى سى/ عربى) تقريراً وافياً عن القضية، جاء فيه، نقلاً عن بعض الخبراء، أن التوربينات الدوّارة فى مزارع الرياح تستخلص الطاقة من التيارات الهوائية، مما يؤدى إلى تكوين ذيل هوائى يُضْعِف سرعةَ الرياح خلف المزرعة، ويمتد هذا الذيل عشرات الكيلومترات، قد تصل إلى 100 كم فى حالة المزارع البحرية الكبيرة والكثيفة، فيترتب على إنشاء مزرعة رياح فى اتجاه الريح قبل مزرعة أخرى أن يضعف انتاج الطاقة فى المزرعة التالية، وكلما كانت المزرعة أكبر كان تأثير الذيل الهوائى أقوى، وهذا هو أساس النزاع، خاصة إذا عملت بعض التوربينات على مقربة شديدة من توربينات قائمة، فيزداد تأثير الذيل الهوائى! وتتنبأ بعض الدراسات أن يُثار النزاع فى بحر الشمال خلال العقود القادمة، نتيجة لتزايد اكتظاظ مزارع الرياح هناك.

وعموماً، لا يزال الموضوع غامضاً، لأن الخبراء أنفسهم فى طور الدراسة ليطوروا قدرتهم على التنبؤ، بخصوص المسافات اللازمة لفصل المزارع عن بعضها البعض، ومعرفة مدى تأثير هذه التيارات بشكل دقيق. ويظل الخوف عاملاً سلبياً قد يُبْعِد المستثمرين.

التعليقات معطلة.