د. حيدر سلمان
اعلان عدة دول عن سلالة جديدة اهمها بريطانيا والدنمارك واستراليا وايران وجنوب افريقيا وهولندا.
اكثر ٤٣ دولة تعلن اجراءات متشددة من الغلق للاماكن العامة والتوسع باجراءات الوقاية ومنها العراق على لسان وزير صحتها، واجراءات اخرى لمنع حركة السفر.
????️قبل اشهر
كنت مسبقا ووتحديدا في مارس / اذار الماضي، كنت قد حذرت من ان توسع الاصابات كثيرا، قد ينتج ما لايحمد عقباه من تعدد للسلالات وتعدد للطفرات نظرا لان الفايروس قابل للتغير بطرق صعب التنبوء بها.
اليوم هنا احاول التركيز كثيرا على المتغير الجديد او الطفرات المستجدة في الكورونا COVID19 والتي لم يسبق لها مثيل، وهي تحديث على سلالة SARSCoV2 التي اعلنت في المملكة المتحدة وكيف تطورت بسرعة كبيرة:
????️ المتغير الجديد يسمى B.1.1.7 (المعروف أيضًا باسم VUI-202012-01) ويحتوي على 23 طفرة – حيث اكتسب فجأة 17 طفرة “دفعة واحدة” – والتي يقول الخبراء إنها طفرة لم يسبق له مثيل من قبل في باقي السلالات.
????️الجدير بالذكر أننا ناقشنا سابقًا إمكانية العلاج بالأجسام المضادة (convalescent plasma and monoclonal Ab) للسلالات السابقة، والتي يعتقد الان انها ساهمت في تفاقم الطفرة لدى اشخاص مصابين بشكل مزمن.
????️ فلنتحدث أولاً عن الطفرات:
أحد أسباب القلق هو أنه من بين 17 طفرة هناك ثماني طفرات في الجين الذي يشفر البروتين الشائك spike protein على سطح الفيروس، اثنان منها مثيران للقلق بشكل خاص.
1. الطفرة الاولى تسمى N501Y تزيد من إحكام ارتباط البروتين بمستقبلات ACE2 ، وهو نقطة دخوله إلى الخلايا البشرية.
والان تم العثور على هذا أيضًا في سلالة أخرى مزعجة في جنوب إفريقيا، وهذا أمر مقلق أيضاً ويعني سعة انتشار واسعة.
2. الطفرة الأخرى تسمى del69-70، وتؤدي إلى فقدان اثنين من الأحماض الأمينية في بروتين سبايك spike protein وقد تم العثور عليه في الفيروسات التي استعصت على استجابة المناعة في بعض المرضى الذين يعانون من نقص المناعة، ولذلك تعتبر هذه طفرة حذف سيئة.
????️ان اهم اختبارات ال PCR المستخدمة على نطاق واسع في المملكة المتحدة، تسمى TaqPath ، وتكشف عادةً قطع من 3 جينات. لكن الفيروسات التي بها del 69-70 تؤدي إلى إشارة سلبية (-ve) للجين المفقود وبدلا من ذلك تظهر جينين فقط من اصل ثلاثة.
هذا يعني أن اختبارات Taqpath PCR التي تجريها المملكة المتحدة بمئات الآلاف يومياً والتي تكون أسرع وأرخص بكثير من عملية تتبع تسلسل الفيروس بأكمله باجهزة التتبع، يمكن أن تساعد في تتبع B.1.1.7 بكشف الجينين وفقدان الثالث.
????️بدا كشف هذا المتغير في 20 سبتمبر ووصل حوالي 26٪ من مجمل الحالات المكتشفة في منتصف نوفمبر. وفي التاسع من كانون الأول (ديسمبر) في لندن كان قد وصل الى أكثر من 60٪ من مجمل الحالات المكتشفة ما يعني سرعة انتشار سريع، ولتصبح السلالة الجديدة اكثر انتشارا من السابقة.
الامر الذي وصفه رئيس الوزراء البريطاني “بوريس جونسون” أن سلسلة الطفرات ربما زادت من قابلية انتقال الفيروس بنسبة 70٪ عن سابقه ممن لم يعاني الطفرات الحديدة.
فيما رد “كريستيان دروستن” عالم الفيروسات الالماني في برلين على ذلك التصريح قائلا: إن ذلك سابق لأوانه لان هناك الكثير من المجهول لقول شيء من هذا القبيل.
????️ بدءاً
المتغير في N501Y يشترك مع متغير حدث بالفايروس في “جنوب إفريقيا”، فهناك قلق من أن السلالة في المملكة المتحدة “B.1.1.7” يمكن أن تسبب مرضًا أكثر حدة، وهو ما وصفه الاطباء لدى الشباب والأصحاء و من يتمتع حتى بمناعة جيدة، كما وصف مدير مركز مكافحة الأمراض الانتقالية في إفريقيا: “إنه أمر مقلق ، لكننا نحتاج حقاً إلى مزيد من البيانات للتأكد”، مؤكدا ان فرقة العمل الأفريقية لمكافحة فايروس كورونا ستعقد اجتماع طارئ لمناقشة الموضوع يوم الاثنين من الاسبوع القادم في نهاية ديسمبر.
????️ في البداية اعتقد العلماء أن معدل الوفيات في السلالة الجديدة في حالة N501Y (في بريطانيا و جنوب افريقيا) أعلى بنسبة 50٪، ولكن تبين أن ذلك كان “بيانات فوضوية ومتحيزة ولم تقرا الارقام جيدا وتم اهمالها لاحقا”، حيث تبين ان زيادة الوفيات هي شكلية ناتجة من زيادة اعداد الاصابات، وليس شرطا نتيجة قوة السلالة الجديدة.
????اما في الطفرة الثانية
️بالعودة إلى ذلك الحذف del69-70 ظهرت مع طفرة أخرى تسمى D796H في فيروس تم عزله من مريض أصيب بالعدوى لعدة أشهر وأُعطي بلازما نقاهة لعلاج المرض دونما فائدة وقد توفي المريض في النهاية.
وفي المختبر ، وجدت مجموعة علمية تسمة GUPTA أن الفيروس الذي يحمل الطفرتين كان أقل تأثرا ب “بلازما النقاهة” حتى لو كانت من عدة متبرعين من فايروس كورونا من السلالة الشائعة.
مجموعة GUPTA وجدت أن حذف (69-70) وحده جعل هذا الفيروس معدي مرتين مقارنة بالسلالة القديمة الشائعة.
????️ يقول العلماء إن سلالة B.1.1.7 قد تكون بالفعل أكثر انتشار عن سوابقه. حيث وجد باحثون هولنديون ذلك في عينة مأخوذة من مريض واحد في أوائل ديسمبر ، كما كتب وزير الصحة الهولندي “هوغو دي يونج” في رسالة إلى البرلمان امس الاثنين ٢١ ديسمبر ان علمائه سيحاولون تتبع المزيد.
يجب ان نذكر ان B.1.1.7 قد يكون بدأ اصلا لدى بلدان اخرى او حتى انتشر فيها و ربما تكون المملكة المتحدة قد التقطته أولاً لتكتشفه، لأن هذا البلد لديه أكثر مراقبة جينومية لـ SARS-CoV-2 تطوراً في العالم، علما ان لدى العديد من البلدان تتبع للتسلسل بشكل ضئيل أو معدوم حتى.
????️ مع طرح اللقاحات ، سيتغير الضغط الانتقائي على الفيروس، مما يعني أنه يمكن اختيار المتغيرات التي ساعدت الفيروس على الانتشار، وهو ما نحتاج لمعرفته في الفترة القادمة، وقد قامت امس الاثنين شركتي PFIZER و MODERNA بتجارب ضمان استجابة الملقحين ضد السلالة الجديدة.
اما نسب B.1.1.7 فمن المرجح أن تتغير في أجزاء أخرى من العالم ومتابعة ذلك يعد حاليا من اهم الاشياء لسد الفجوات في انتشاره حول العالم وليس مكان دون اخر وقد توسعت دائرة الغلق لتصل الى ٤٣ دولة للان.
????️من المؤكد انفايروس SARS-CoV-2 عموما يتطور بمرور الوقت بشكل أكثر اي فايروس اخر بمعدل يصل الى 1 إلى 2 تغيير شهري، وهذا يعني أن العديد من الجينات التي تم كشف تسلسلها لغاية اليوم تختلف في حوالي 20 نقطة عن أقدم الجينات التي تم تسلسلها في الصين في يناير باكرا عند كشف الفايروس. نظراً لأن هناك مراقبة مكثفة جدًا للجينومات حول العالم وبشفافية، يمكنك تقريباً رؤية كل خطوة.
لكن منذ بداية اكتشاف الفايروس لم يرى العلماء أبدًا الفيروس يكتسب أكثر من اثنتي عشرة طفرة على ما يبدو دفعة واحدة. ويعتقدون أن ذلك حدث أثناء إصابة طويلة عند مريض واحد سمحت لـ SARS-CoV-2 بالمرور بفترة ممتدة من التطور السريع، مع متغيرات جينومية متعددة تتنافس للحصول على ميزة تعزز قدرة مقاومة الفايروس. علما ان طفرة N501Y تتواجد في RBD (وحدات التطابق مع مستقبلات ACE2) لدى الفايروس.
بشكل أكثر تحديدًا ، مجال ربط المستقبِل (مواقع الالتحام في خلايا الإنسان) … له 4 مواقع – 4 فئات. ومرة أخرى، حيث تكون الطفرة N501Y داخل أحد مواقع الإرساء الأربعة للالتحام مع مستقبلات ACE2.
???? اما عن طفرة الحذف del69-79
فهي بالقرب من منطقة مستهدفة بواسطة MAB (MONOCLONAL ANTIBODY)وقد يؤدي الحذف الذي نتحدث عنه إلى تغيير بنية الأحماض الأمينية المجاورة، وهذا ما يفسر عدم قدرة ال MAB على علاج المرضى المصابين بهذه السلالة التي تعاني هذه الطفرة، كما قد تكون سببا في التهرب من الاستجابة المناعية، وبالتالي قد تؤثر أو لا تؤثر على استجابة تكوين الاجسام المضادة المرتكز على اللقاح أيضاً وهو امر لا نعرفه بعد ويحتاج لوقت لدراسته والتأكد منه..
وبذلك ربما يكون العلاج ب MAB حسبما ذكرنا يمكن أن تؤدي أيضًا إلى تطور الفيروس كتطور تكيفي. كما يمكن أن يرتبط هذا المتغير ايضاً ببلازما النقاهة. حيث غالباً ما يتم إعطاء بلازما النقاهة عندما تكون الكمية الفايروسية للمريض عالية (وقد اكد القائمين على علاج مرضى من هذا النوع، ان التنوع الجيني للفيروس داخل المريض قد زاد بعد إعطاء العلاج بالبلازما، وكان اول مؤشر على حدوث تغير بالفايروس نفسه جعله لا يتاثر بما نعطيه مما ذكرنا وكلما زدنا تركيز العلاج ب MAB كلما زاد تكيف الفايروس لكي لا يتاثر ما يعزز ما ذهبنا له.
وقد لوحظ بعد إعطاء العلاج بالأجسام المضادة MAB بعد عدة أسابيع من العدوى المزمنة، فقد يزداد كمية الفايروس كثيرا بشكل غير عادي ومتنوع وراثياً و في الوقت الذي يتم فيه تطبيق الضغط الانتقائي بوساطة الجسم المضاد MAB تحديدا.
لذلك نقول “ربما التغير الجيني نتج ، على الأقل جزئيًا ، عن تطور الفيروس في فرد مصاب بالعدوى المزمنة. على الرغم من ندرة مثل هذه العدوى، ومن المفترض أن يكون انتقال العدوى منها نادر، إلا أنه ليس بعيد الاحتمال نظرًا للعدد الكبير المستمر من الإصابات الجديدة وقد يكون المسبب في الموجة الثانية.
????️ ان اهم ما نحتاجه الآن هو انتظار الدراسات الدقيقة حول الانتقال ومعدلاته، واستجابة اللقاح، وكيفية تأثيرها على علاجات CP / MAB.
????️نحن اذا بحاجة إلى الانتظار لمعرفة المزيد ضمن حلقات جائحة القرن الواحد والعشرين والتي كلما يحل عقدة منها تبرز عقد اخرى تطيل الموضوع الذي انهك الدول والشعوب وقوض اغلب اقتصاداتها.