سلامك الداخلي.. لا تمنحه لأحد

1

في زحمة هذا العالم المزدحم، وفي دوامة الأيام التي لا تنتظر أحدًا، تذكّر شيئًا واحدًا: لا تفرّط في سلامك الداخلي، لا تُقايض هدوءك بصخب الآخرين، ولا تسمح لعواصف الخارج أن تعبث بميناء روحك، فداخلك إن اختل، اختلّ كل شيء.

اصنع لنفسك حالة مزاجية لا تتبع الطقس، بل تصنعه، كن شمسك في عز الغيم، وابتسامتك حين يجفّ الضحك من الوجوه، لا تنتظر من يمنحك الفرح، بل كُن الفرح، وزرعه في دربك قبل أن تطلبه من الآخرين.

تجنّب أولئك الغارقين في بحار الشكوى، الذين لا يجيدون من الحديث سوى سرد الهموم وتصدير الإحباط.
هناك فرق شاسع بين من يشاركك ألمًا لتتشاركا الشفاء، ومن يغرقك معه دون شراع، لا تكن مركبًا لنجاة أحد لا يريد النجاة.

احذر من المجالس الملبدة بالأنين، التي تُفرغ فيك ما لا يحتمل، وتتركك محمّلًا بطاقة لا تشبهك، لا تجلس طويلًا مع من يتحدث عن الظلام فقط، حتى لا تنسى أن للكون شمسًا تُشرق كل يوم، ولو خلف الغيوم.

ابحث عمّن يوزعون الابتسامات في الطرقات كأنهم يبعثون في العابرين حياة، عن أولئك الذين لا يهربون من الألم، بل يحولونه إلى أمل، ويرتقون جراحهم بخيط اسمه “الرضا”، عن الذين يرون في كل محنة منحة، وفي كل سقوط فرصة للنهوض.

ما أحوجنا إلى أصحاب الوجوه البشوشة، القلوب الخفيفة، الذين يمرون في حياتنا كنسمة تهدهد أرواحنا، لا كعاصفة تخلّ بتوازننا، هؤلاء، وإن قلّوا، هم الثروة الحقيقية،كن واحدًا منهم، أو على الأقل لا تكن عكسهم.

سلامك الداخلي ليس رفاهية، بل ضرورة، هو درعك في مواجهة الحياة، ومصدر قوتك حين يخونك الجميع، لا تسمح لأحاديث سامة أن تتسلل إليك، ولا لأشخاص مسممين أن يجاوروا قلبك، ضع حاجزًا بينك وبين كل ما يسرق منك نفسك.

العزلة أحيانًا علاج، والانتقاء فضيلة، اجلس مع نفسك، اسقها بما تحب، حدّثها بما يريحها، وأبعد عنها ما يؤذيها، فليس كل من يتحدث يستحق الاستماع، وليس كل من يقترب يستحق المقعد بقربك.

راحة بالك أهم من رضا الناس، وسلامك الداخلي أغلى من كل المجاملات، فابحث عنه، حافظ عليه، وإن ضاع، فابحث عنه في داخلك أولًا، لا في الآخرين.

التعليقات معطلة.