فريق راديو صوت العرب من أمريكا
نقلت شبكة CNN عن مصدر مطلع قوله إن قطر حصلت على إعفاء من العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة الأمريكية على سوريا، يمكنها من خلاله دفع رواتب موظفي القطاع العام السوري.
وكانت سوريا قد أعلنت يوم الأربعاء أنها ستتلقى منحة من قطر بقيمة 29 مليون دولار شهريًا للمساعدة في دفع رواتب موظفي الحكومة.
وقال المصدر إن قطر حذرة من تقديم أي دعم مالي لسوريا دون موافقة واشنطن، وتضغط على إدارة الرئيس دونالد ترامب لرفع العقوبات المفروضة على سوريا بموجب “قانون قيصر”. وأضاف المسؤول أنه من المتوقع أن تكون سوريا محورًا رئيسيًا خلال زيارة ترامب للمنطقة الأسبوع المقبل.
وأكدت وزارة الخارجية الأمريكية موافقة بلادها على الإعفاء الذي يسمح لقطر بدفع رواتب موظفي القطاع العام السوري، وقال متحدث باسم الوزارة إن الإعفاء سيسمح بإجراء معاملات تهدف إلى المساعدة في استقرار سوريا.
وفرض “قانون قيصر” الذي طبق في 2019 على نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، عقوبات واسعة النطاق قيّدت الأفراد والشركات والحكومات من ممارسة الأنشطة الاقتصادية التي تدعم جهود الأسد الحربية، وقد أدى هذا القانون إلى شل الاقتصاد السوري بأكمله.
وتكافح سوريا للخروج من أزمة اقتصادية بعد أكثر من عقد من الصراع والعقوبات واسعة النطاق التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على نظام الأسد، الذي أُطيح به في ديسمبر.
وبدأ الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة رفع العقوبات المفروضة على الهيئات والمؤسسات الحكومية، لكن الولايات المتحدة تحركت ببطء أكبر، ساعيًا إلى وضع عدد من الشروط قبل تخفيف العقوبات.
ومع ذلك، أصدرت وزارة الخزانة الأمريكية في يناير/كانون الثاني إعفاءً محدودًا من العقوبات لـ6 أشهر، سمح بإجراء معاملات معينة مع المؤسسات الحكومية في سوريا.
ووفقًا لدبلوماسي أوروبي، تُطالب الولايات المتحدة الحكومة السورية الجديدة بإنهاء أنشطة المنظمات الفلسطينية المُسلّحة في سوريا، والتعاون في مجال مكافحة الإرهاب، من بين شروط أخرى، لتخفيف العقوبات بشكل أكبر.
ودأب الرئيس السوري، أحمد الشرع، على المطالبة بتسريع تخفيف العقوبات، محذرًا من أن “أي فوضى في سوريا ستُلحق الضرر ليس فقط بالدول المجاورة، بل بالعالم أجمع”.
وفي الشهر الماضي، حضر وفد سوري اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في واشنطن لأول مرة منذ 20 عامًا، وسوّت السعودية وقطر متأخرات سورية مستحقة للبنك الدولي، والبالغة حوالي 15 مليون دولار.
انفتاح أمريكي
ومنذ تولي إدارة الرئيس دونالد ترامب زمام الأمور قبل شهور، ظل الملف السوري مجمدًا، إلا أن ترامب كشف في 5 مايو الجاري أنه ناقش “كل شيء عن سوريا” بجانب قضايا أخرى، في اتصال هاتفي مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان الذي قال خلال الاتصال، إن أنقرة تبذل جهودا لحماية وحدة الأراضي السورية وتحقيق الاستقرار، مؤكدًا أن الجهود الأمريكية لتخفيف العقوبات على سوريا ستسهم في هذه المرحلة.
ويرى مراقبون أن زيارة ترامب المرتقبة إلى الشرق الأوسط خلال الأسبوع المقبل، والتي ستشمل كلا من السعودية وقطر والإمارات، بجانب التقارب مع تركيا، وتأييد ترامب المعلن لدورها في سوريا، ستمثل نقطة فاصلة في التعاطي الأمريكي مع الملف السوري الذي قد يشهد اختراقا خلال الزيارة أو بعدها.
ووفقًا لموقع “الجزيرة نت” فإن السعودية وقطر وتركيا تتصدر قائمة الدول الإقليمية الحليفة للولايات المتحدة التي تطالب برفع العقوبات عن سوريا بهدف إنجاح المرحلة الانتقالية وتثبيت الأمن والاستقرار وإعادة إعمار ما دمرته حرب النظام السابق على شعبه.
ومن المرجح أن تؤثر مطالب هذه الدول حول مستقبل سوريا على رؤية ترامب لكيفية التعاطي مع الملف السوري، رغم تناقضها مع الرؤية الإسرائيلية.
وفي هذا الإطار قال أيمن عبد النور، السياسي والإعلامي السوري الناشط في الجالية السورية بالولايات المتحدة، في منشور على حسابه في موقع إكس، إنه وصله تأكيد لأول مرة يثبت أن البيت الأبيض قد وافق على إدراج الملف السوري للنقاش بين المعنيين، ابتداءً من الفريق العامل على ذلك في مجلس الأمن القومي من إدارة ترامب مع نظرائهم السعوديين.
وذكر عبد النور أن الرئيس ترامب، وكي يحيط بكافة أبعاد الملف السوري ومواقف الدول المعنية به، وذلك قبل السفر للسعودية، اتصل بالرئيس أردوغان وناقش معه رؤيته حول الملف السوري.
ولاحقا، قال ترامب في تصريح صحفي بالمكتب البيضاوي، في 6 مايو الجاري إنه بصدد “إعلان مهم” قبيل زيارته المرتقبة إلى الشرق الأوسط، متوقعًا أن يحدث ذلك نهاية الأسبوع الجاري أو مطلع الأسبوع القادم.
وردا على سؤال لأحد الصحفيين في وقت لاحق، أوضح ترامب أن الإعلان ليس متعلقا بالتجارة، بل “سيكون تطورًا إيجابيًا ومذهلًا حقًا لهذا البلد ولشعبه” دون إبداء المزيد من التفاصيل.
اختراق محتمل
فيما يرى وائل ميرزا الباحث والسياسي السوري المقيم بالولايات المتحدة أن تحاشي تركيا الرد على اعتداءات إسرائيل على الأراضي السورية – بما في ذلك استهداف قواعد يدرس الجيش التركي نشر قوات فيها بناء على اتفاق دفاعي مرتقب بين دمشق وأنقرة- يعود إلى وعود تلقتها الأخيرة من واشنطن بحصول اختراق فيما يتعلق بالملف السوري خلال زيارة ترامب إلى الشرق الأوسط.
وتحدث ميرزا في مقال تحليلي نشره في حسابه على فيسبوك عن “الأنباء المستجدة عن جاهزية تركيا العملياتية لعملية كسر عظم أولية مع إسرائيل في سوريا، وهي جاهزيةٌ تم إبلاغ أميركا والأوروبيين والعرب، ذوي العلاقة، بها” مستدركا بأن “الشيء الوحيد الذي يساهم في عدم نقل تلك الجهوزية إلى مرحلة الفعل هو وعود واشنطن بالاختراق الذي سيحصل في زيارة ترامب إلى السعودية وقطر والإمارات”.
ويعتقد ميرزا أن “جنون نتنياهو، تحديداً، يتصاعد بشكل غير مسبوق مع توارد احتمالات الاختراق النوعي الذي يتم العمل عليه خلال زيارة ترامب للسعودية وقطر والإمارات فيما يتعلق بالملف السوري”.
استمالة ترامب
وكشفت تقارير أن الرئيس السوري أحمد الشرع بدأ حملة هادئة للفوز بالدعم الأميركي لإعادة بناء بلده من خلال سلسلة خطوات، تشمل اعتقال مسلحين أجانب، والتواصل من خلال وسطاء مع إسرائيل، وإبداء الاستعداد لإبرام صفقات تسمح لشركات النفط والغاز الأميركية بالقيام بأعمال تجارية في سوريا.
وجاء ذلك بعد زيارة إلى دمشق أجراها الأسبوع الماضي جوناثان باس الناشط الجمهوري المؤيد لترامب والرئيس التنفيذي لشركة أرجنت للغاز الطبيعي ومقرها لويزيانا، وذلك لتقديم خطة إلى الشرع لتطوير موارد الطاقة في البلاد مع شركات غربية وشركة نفط وطنية سورية جديدة مدرجة في الولايات المتحدة.
وبحسب التقارير، فإن الشرع أوصل رسالة إلى البيت الأبيض حملها رئيس المنظمة السورية للطوارئ معاذ مصطفى الذي كان يصحبه خلال اللقاء، يطلب فيها الرئيس السوري عقد اجتماع مع ترامب خلال زيارته المرتقبة لدول الخليج.
وأبدى الرئيس التنفيذي لشركة أرجنت الأمريكية حماسه لانفتاح واشنطن على الشرع، ونقل مقال منشور في موقع قناة فوكس نيوز عنه قوله إن “سوريا اليوم يقودها مصلح حقيقي” داعيا الولايات المتحدة لانتهاز الفرصة التاريخية لدخول شركاتها إلى هذا البلد الذي يحتاج إلى عملية إعادة إعمار، وقطع الطريق على الصين التي تسعى بإلحاح لتقديم التمويل للحكومة السورية.
وقال باس “هذه لحظة تستطيع فيها الولايات المتحدة للمرة الأولى منذ عقود إقامة علاقات تجارية واستثمارية حيوية مع سوريا، والمساهمة بالتالي في إحلال السلام في الشرق الأوسط بأسره”.
ويؤكد باس أن بكين ضغطت بقوة على المسؤولين السوريين لقبول تمويلها، لكن السوريين أبدوا تخوفًا من العواقب البعيدة المدى للوجود الصيني.
انقسام داخل إدارة ترامب
ويشير الخبراء إلى أن الإدارة الأمريكية تنقسم إلى معسكرين فيما يتعلق بطريقة التعامل مع الوضع الجديد في سوريا، فبينما يفضل مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض الانتظار وعدم الثقة بالشرع وحكومته مسلطين الضوء على ماضيه الموصوم بالإرهاب في نظر واشنطن، تدافع الخارجية عن مقاربة تقوم على ضرورة المسارعة إلى ملء الفراغ الذي خلفه سقوط الأسد، لعدم السماح بعودة روسيا وإيران إلى بناء نفوذ مجددا في سوريا.
وكان وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، قد أقر – في جلسات استماع بالكونغرس لدى تسميته للمنصب- بحاجة الولايات المتحدة للانخراط في سوريا باعتبار سقوط النظام السابق فرصة للمصالح الأمريكية في المنطقة، مع عدم إغفال خلفية الحكومة الجديدة.
وشهد المعسكر المدافع عن عدم الانخراط في الملف السوري ضربة بعد إقالة ترامب مستشار الأمن القومي مايكل والتز ونائبه أليكس وونغ.
وأفاد تقرير لمركز سوفان الأميركي للدراسات الأمنية ومكافحة الإرهاب بأن الضغط يتزايد على ترامب لتخفيف العقوبات عن سوريا، وسط تصاعد الجدل بين المسؤولين الأميركيين بشأن سياسة البلاد تجاه سوريا ما بعد الأسد.
ويقول المركز إن شركاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وأوروبا يسعون إلى تكثيف جهودهم لإقناع إدارة ترامب بأن الحكومة السورية الجديدة ستنهار ما لم يتم رفع العقوبات الأميركية بشكل أكثر شمولا وديمومة.