مع عودته إلى منصب الرئاسة بفوز مثير في الانتخابات، يعزز الرئيس دونالد ترامب نهجه القوي في السياسة الخارجية التي تعتمد على “فرض السلام بالقوة”. هذه الاستراتيجية تتضمن الضغط العسكري والاقتصادي لتحقيق أهدافه، وقد اتخذت شكلًا أكثر تحديدا وجدية في ولايته الثانية، حيث أظهر ترامب تصميمًا أكبر على تنفيذ هذه السياسة في ملفات حساسة مثل إيران والعراق.
السلام بالقوة: استراتيجية ترامب المتجددة
ترامب لا يراهن على الدبلوماسية التقليدية، بل يركز على استخدام القوة كأداة رئيسية لتحقيق السلام. ففي ولايته الثانية، أظهر ترامب عزمه على تنفيذ هذه الاستراتيجية بشكل أكثر وضوحًا، مستعينًا بكبار مستشاريه، مثل وزير الدفاع الجديد، لتنفيذ هذه السياسة ضمن فترات زمنية محددة.
من أبرز محاور هذه السياسة في ولايته الثانية :
رفع الحظر عن القنابل الذكية لإسرائيل: في خطوة لافتة، وافق ترامب على رفع الحظر عن القنابل الذكية التي تمكن إسرائيل من استهداف المنشآت العميقة والمحصنة، مثل المفاعل النووي الإيراني. هذه الإشارة كانت واضحة بأن إسرائيل حصلت على الأدوات اللازمة لمهاجمة الأهداف الحساسة في إيران، وهو ما امتنع الرئيس الأسبق بايدن عن توفيره خشية من تصعيد غير قابل للسيطرة في المنطقة.
مهام وزير الدفاع الجديد: وزير الدفاع الجديد، في تصريحاته المبكرة بعد توليه المنصب، أكد أن العراق سيكون “أول مهامه”. طلب الوزير من الرئيس أن يضع ملف العراق في أولويات العمل، مما يعكس اهتمامًا خاصًا بالملف العراقي في سياق إعادة ترتيب المنطقة وفقًا للسياسة الأميركية.
الضغط المستمر على إيران: مع استمرار سياسة “الضغط الأقصى”، يتوقع أن تواصل إدارة ترامب الضغط على إيران باستخدام أدوات متنوعة تشمل العقوبات القاسية، فضلاً عن تعزيز العلاقة العسكرية مع إسرائيل لضمان الرد السريع إذا لزم الأمر. من خلال رفع الحظر عن القنابل الذكية، يرسل ترامب رسالة واضحة بأن أي تهديد إيراني للطموحات الإسرائيلية قد يواجه ردًا عسكريًا مباشرًا .
التركيز على العراق: في وقت حساس من تاريخه، يعتبر العراق نقطة محورية في استراتيجية ترامب. مع استمرار النفوذ الإيراني في العراق، ووجود ميليشيات موالية لطهران، يسعى ترامب إلى التأثير في المشهد العراقي لصالح الولايات المتحدة وحلفائها. تصريحات وزير الدفاع الجديد حول العراق تشير إلى تحول في السياسة الأميركية التي قد تشهد تصعيدًا في الضغط على القوى السياسية والفصائل المسلحة في العراق.
التحديات والانتقادات
على الرغم من الإنجازات التي تحققها إدارة ترامب في بعض الملفات، فإن سياسة “فرض السلام بالقوة” تواجه عددًا من التحديات والانتقادات:
التهديد بتصعيد كبير: في سياق التوترات المستمرة في المنطقة، يشكل رفع الحظر عن القنابل الذكية إشارة إلى احتمال تصعيد عسكري قد يؤدي إلى حرب مفتوحة مع إيران أو تدخلات عسكرية واسعة النطاق في المنطقة.
الانعكاسات على العراق: سياسة ترامب في العراق قد تثير ردود فعل معقدة من القوى الإقليمية والدولية الأخرى، خاصة أن العراق هو نقطة التقاء مصالح متعددة، بما في ذلك إيران والولايات المتحدة .
السلام الهش: كما هو الحال في ولايته الأولى، تظل مسألة السلام الذي يتحقق تحت وطأة الضغط العسكري والاقتصادي معضلة، حيث يمكن أن يكون هذا السلام مؤقتًا وهشًا إذا لم يتم ربطه بحلول سياسية دائمة .
سياسة “فرض السلام بالقوة” التي يتبعها الرئيس ترامب، لا تقتصر فقط على التعامل مع إيران أو الاتفاقيات الإقليمية، بل تشمل أيضًا الاهتمام المتزايد بالملف العراقي. من خلال منح وزير الدفاع فترة محددة لتنفيذ أهدافه، ورفع الحظر عن الأسلحة المتقدمة لإسرائيل، يعزز ترامب موقفه القوي في المنطقة. ومع التركيز على العراق كأولوية، يترقب العالم ما إذا كانت هذه الاستراتيجية ستؤدي إلى إعادة تشكيل القوى الإقليمية أم ستزيد من تعقيد الوضع في منطقة الشرق الأوسط .

