شخصية “سانتا كلوز” تمزج الحقيقة والخيال فكيف نتحاور مع أطفالنا بشأنها؟

1

يترقب الكبار والصغار يترقبون لحظة وصول الرجل العجوز ذي اللحية البيضاء لتوزيع الهدايا في العيد. إنها ليست شخصية من نسح الخيال، بل تستند إلى قصة واقعية فيها كل رمزية العيد وروحه التي تدعو إلى المشاركة والعطاء والتفكير بالآخر.
كيف لعيد الميلاد أن يمر من دون شخصية “بابا نويل” الأساسية فيه؟

في الواقع، بات الكبار والصغار يترقبون لحظة وصول الرجل العجوز ذي اللحية البيضاء لتوزيع الهدايا في العيد. قد يعتقد كثيرون أن قصة هذه الشخصية من نسح الخيال، لكنها في الواقع تستند إلى قصة واقعية فيها كل رمزية العيد وروحه التي تدعو إلى المشاركة والعطاء والتفكير بالآخر.

 

ما القصة الواقعية وراء شخصية “سانتا كلوز”؟
إنها قصة تعود إلى مئات السنين إلى الوراء للقديس نيكولاس الذي ولد في تركيا وتنازل عن ثروته وانكب على العمل في مساعدة المرضى والفقراء. وإذا بلفظ القديس نيكولاس باللغة الهولندية  Sinter Klaas  تتحول مع مرور الوقت إلى “سانتا كلوز” التي يسهل النطق بها.

وفي ملمح آخر، وُلِدَ لباس “سانتا كلوز” الشهير بالرداء الأحمر والأبيض، من خيال رسّام الكاريكاتور توماس ناست الذي قدمها في مجلة “هاربرز ويكلي” الأميركية في العام 1862، بعد أن طلب الرئيس الأميركي إبراهام لينكولن من تلك المجلة وضع صورة مميزة عن عيد الميلاد على صدر صفحتها الأولى. وفي سنوات تالية، حققت تلك الصورة انتشاراً واسعاً في الولايات المتحدة.

وبعدها، تكرست تلك الصورة. ثم حققت انتشاراً واسعاً من خلال إعلانات “سانتا كلوز” الشهيرة التي رعتها شركة مشروبات غازية  في العام 1931.

وترتبط بشخصية “سانتا كلوز” تلك الأسطورة التي تفيد بأنه يعيش مع زوجته في منزل في القطب الشمالي. ويكتب الأطفال رسائل له، ثم يترقبون قدومه عشية عيد الميلاد لتوزيع الهدايا عليهم. وكذلك تحكي الأسطورة أن “سانتا كلوز” يعتمد “قائمة سيئة” وأخرى “لطيفة” لتوزيع الهدايا بعدالة بين الأطفال الذين يستحقوها بحسب سلوكياتهم. انطلاقاً من هذه الفكرة، يميل الأهل إلى إطلاق الأحكام على أطفالهم وتهديدهم بحرمانهم من هذه الهدايا إذا ما أخطأوا التصرف.

 

كيف يجب نقل الحقيقة حول شخصية “سانتا كلوز” إلى الطفل؟

أصبحت قصة “سانتا كلوز” تشكل جزءاً أساسياً في عيد الميلاد، لكنها أحياناً تبعد كثيرين عن جوهر العيد. وأكثر من ذلك، صارت مهمة نقل حقيقة هذه الشخصية إلى الأطفال هاجساً للأهل ومصدر قلق لهم. وثمة اعتقاد بأن نقلها إلى الطفل قد يكسر قلبه وشيئاً من أحلامه، وقد تقضي على سحر العيد بالنسبة له.

تفضل الاختصاصية في المعالجة النفسية الدكتورة شارلوت خليل عدم الجزم بشأن هذا الموضوع، وألا يوضع أي تصرف بهذا الشأن في خانة الأبيض والأسود. وتوضح أن قصة “سانتا كلوز” باتت مرتبطة بالعادات والتقاليد في عيد الميلاد، مع ملاحظة أنها تستند بالفعل إلى قصة من الواقع للقديس نيكولاس. ويعتمد نقل حقيقة هذه الشخصية للطفل على عادات وتقاليد كل عائلة وقناعاتها وطريقتها في عيش العيد بروحه ومبادئه الأساسية.

وتشير خليل إلى أنه من الأجدى طرح سؤال أساسي عمّا يرغب الأهل بنقله إلى أطفالهم في العيد من مبادئ وقيم. وعلى الرغم من محبة شخصية “سانتا كلوز”، إلا أن المبدأ الاساسي من وجودها يتمثل بكونها ترتبط بالقيم الأساسية للعيد التي تتمحور حول العطاء والمشاركة والمحبة. إنها تلك المبادئ هي الأساس في العيد وشخصية “سانتا كلوز”.
في المقابل، قد لا يفضل كثيرون ألا يتحلوا بالصراحة والشفافية مع أطفالهم، ويحجمون عن نقل الحقيقة إليهم. ولا تمانع خليل في الحفاظ على الواقعية مع الحرص على سحر العيد. وتشير إلى أن الصراحة  مع الطفل لن تؤثر بالضرورة على مخيلته أو أفكاره أو شخصيته. وخير دليل على ذلك، أن الطفل الذي يلعب بطريقة فيها شيء من الخيال يستمتع، وإن كان يدرك ان ما يفعله ليس من الواقع. وكذلك يستمتع الكبار كافة بالأفلام التي تحكي عن سحر الميلاد وشخصية “سانتا كلوز” فيه، مع معرفتهم بأن هذه الشخصية ليست واقعية.

واستطراداً، تحتفظ تلك الشخصية بسحرها المؤثر على الأطفال والكبار، ولا يؤثر في ذلك كونها واقعاً أو خيالاً. وبالتالي، نقل الحقيقة للطفل لن يؤثر على المتعة التي يجدها الأطفال في العيد.
وفي الوقت نفسه، تشدد خليل على أهمية أن ننقل إلى الطفل أيضاً، حينما نقرر مصارحته بشأن تلك الشخصية، أن هنالك مجايلون له  يصدقون وجود “سانتا كلوز” ولا بد من احترام أفكارهم وقناعاتهم، لدى نقل الحقيقة إليه

وكذلك يمكن الاستفادة من تلك المصارحة في توجيه تساؤلات الطفل عن الأشياء المحيطة بـ”سانتا كلوز” بالطريقة الصحيحة، لتشجيعه على الفكر النقدي. يمكن الحوار معه حول تصوراته عن تلك الشخصية الميلادية وطريقة تفكيره بها، بهدف إيجاد الأجوبة الصحيحة معاً.

هل من خطأ يقع فيه الأهل أحياناً؟

من أبرز الأخطاء التي لا بد من تصحيحها بشأن “سانتا كلوز”  هو تهديد الأطفال بحرمانهم من الهدايا إذا لم يحسنوا سلوكياتهم.وتشدد خليل على أهمية عدم الربط بين سلوك الطفل وهذه الشخصية المحبوبة لأنها مبنية على التسامح والعطاء والمحبة، ويجب ألا تتحوّل إلى عنصر تهديد للطفل.

التعليقات معطلة.