شرق أوسط ترامبي – امجد طليع

2

 

شرق أوسط ترامبي – امجد طليع

فكرة الشرق الاوسط الجديد تعود للعام 1993، اطلقها رئيس وزراء الكيان الاسرائيلي انذاك شمعون بيريز وتحديدا بعد اتفاقية اوسلو التي نظمت العلاقة بين الكيان ومنظمة التحرير الفلسطينية..

بيريز بنى على اقامة علاقات نفعية مصلحية بين كيانه والدول العربية وانهاء حالة العداء بين الطرفين من اجل ضمان ضمان الامن الاسرائيلي…

بعد هجمات ديسمبر 2001 في الولايات المتحدة اعاد الامريكيون طرح هذه الفكرة من قبل المحافظين الجدد، لكن اخطرها ما جاءت به كونداليزا رايس مستشارة الامن القومي ووزيرة الخارجية السابقة في عهد بوش الابن وتحديدا عام 2005، وفي عام 2006 ابان الحرب بين اسرائيل ولبنان قالت ان هذه الحرب جزء من مخاض ولادة شرق اوسط جديد.

فوضى خلاقة

كونداليزا رايس كانت فكرتها ذو بعد متطرف ونزعة لا انسانية، و وسيلتها لتحقيق هذا الهدف، مشروع «الفوضى الخلاقة» وهو عبارة عن اضطرابات دموية مؤلمة تؤدي في النهاية إلى نظام أفضل وفقا لافكار رايس..

كانت تسعى لصناعة فوضى مؤقتة تؤدي الى  إسقاط أنظمة و حروب أو احتجاجات قد تُفضي لاحقًا إلى تفكيك دول و ولادة نظام ديمقراطي جديد، ينهي الحالة العدائية ما بين العرب واسرائيل من جهة واسرائيل وايران من جهة اخرى، والمحصلة ضمان امن اسرائيل..

وبالعودة الى الفكرتين الاسرائيلية و والامريكية، الاولى كانت ناعمة مصلحية فيها مغريات اقتصادية وصناعية وتكنلوجية وثقافية واخرى دموية مرعبة..

اما اوباما الذي تعامل مع الشرق الاوسط بشكل خاص والدول العربية بشكل بطريقة سيئة، فارغد شرق اوسط جديد بالاعتماد على دعم التيارات الاسلامية المتشددة وتفكيك الدول الوطنية في العالم العربي وخلق دول عقائدية ضعيفة وفاشلة، ثم يبدأ بعده التحول التدريجي، متبعا سياسة عرفت فيما بعد «بعقيدة اوباما» التي اخلت بالتوازنات الدولية بالمنطقة وكلفتها الكثير، انقلبت على اهداف امريكا الاستراتيجية، وخلقت فجوة بينها وبين حلفائها، وانقلبت على الكيان الاسرائيلي نفسه، وحينها شهدت المنطقة نشاط غير مسبوق للجماعات الجهادية شكلت خطرا على اقتصاد بلدان المنطقة وتنميتها، واثرت على وعي وثقافة وتماسك مجتمعاتها.

ما بعد 7 اكتوبر 2023 اخذت الاحداث في الشروق الاوسط تتطور بسرعة، واعطت مساحة للكيان الاسرائيلي لاستخدام العنف وباكثر الاسلحة تطورا في العالم مع دعم دولي غير مسبوق، ما ادى الى اختلال موازين القوى لصالح الكيان الاسرائيلي، ومع وصول ترامب للسلطة في الولايات المتحدة فان ما حصل في الحرب على غزة ولبنان واليمن وسقوط النظام السوري شكل قاعدة لان تطرح بقوة فكرة «شرق اوسط جديدة» لكنه ليس بمقاسات اسرائيلية ولا امريكية (بوصفها الدولة) ولا بمقاسات اهل المنطقة الذين يريدون الحفاظ خطوط ورسومات  «البريطاني سايكس والفرنسي بيكو»، وانما بمقاسات «ترامبية» تعكس منهجه «السياسي الاقتصادي»، تضمن امن اسرائيل والحلفاء الموثوقين لواشنطن، انه شرق اوسط «ترامبي» اكثر مما هو شرق اوسط جديد، اطلقت شرارته عملية 7 اكتوبر من قبل منظمة حماس وصاغته غرف حرب تل ابيب، واعاد صياغته دونالد ترامب، كل ذلك بفترة زمنية لا تتجاوز السنة والنصف تقريبا، ولذلك فهو شرق اوسط ترامبي، لان الشرق الاوسط الجديد لم يمر بمرحلة زمنية سوى بضعت شهور انحصرت ما بين لحظة استهداف السيد حسن نصر الله امين عام حزب الله اللبناني ولحظة سقوط نظام الاسد في سوريا ولحظة اداء اليمين الدستورية لترامب رئيسا للولايات المتحدة للمرة الثانية.

وترامب فكرته اقرب الى فكرة شمعون بيريز عام 1993.

الفكرة الترامبية مبنية على دفع الدول الى التطبيع بدلا من تهديدها بالتفكيك .

اتفاقيات ابراهام

كما خطط «اوباما» والصفقات بديلا عن الفوضى الخلاقة كما خططت «رايس» وشراكة مع اسرائيل بديلا من ان تكون منطقة للصراع على تلنفوذ، ومن ابرز ملامح الشرق الاوسط الترامبي المضي بما تعرف «باتفاقيات ابراهام» وانهاء ملف غزة او بالاحرى انهاء ملف حماس مع ادارة دولية لغزة، واعادة فتح ملف ايران النووي ودورها السياسي والامني في مناطق غرب اسيا والخليج العربي واليمن وصولا الى الحافات الشرقية للبحرين الابيض والاحمر.

زيارة الرئيس الامريكي دونالد ترمب لمنطقة الخليج العربي خطوة ربما تنقلنا من العيش تحت ظلال اتفاقية سايكس-بيكو الى العيش تحت اضواء قدرات ترامب في التاثير على دول الشرق الاوسط بشكل الحديث المختلف سياسيا والراسخ جغرافيا..

فلا عقبات امام «شرق اوسط ترامبي» الا بقضيتين.

الاولى: ازمة غزة التي تحول دون تطبيع السعودية ودول اخرى، لتبقى بانتظار حل يحفظ ماء وجه رافضي التطبيع.

اما الثانية: فهي عقبة عقائدية ستصطدم بها ادارة الترامب مع العراق وايران، وبما اني واثق بان الايرانيين يملكون من الحكمة بمقدار يحول دون ذهابهم الى حرب بواجهون بها اعتى دول العالم خصوصا وان الايرانيين يعلمون جيدا، بمجرد انطلاق اول اطلاقة امريكية باتجاه اراضيهم ستلتحق معظم دول اوروبا واستراليا وبريطانيا وكندا وغيرها بقطار ترامب لكسب وده ومساندته ماليا وعسكريا، مقابل عدم مجازفة الصين وروسيا باي محاول لدعم ايران، لذلك يمكن للايرانيين الوصول مع الامريكيين لحد كبير من المرونة والقـــــــــبول بحالة من اللا حرب واللا سلم مع اسرائيل بمقابل مغريات اقتـــــــــــــصادية تعوضهم حتى عن القبول بمنع تخصيب اليورانيوم في مؤســـــــــــساتهم النووية.

اما العراق فمن الصعب توقع ما يمكن ان يكون عليه خصوصا وان البلاد مقبلة على انتخابات وتغيير سياسي لا نعلم من سيكون له التاثير الاكبر بعد اعلان نتائجها، هل الولايات المتحدة ام ايران.

التعليقات معطلة.