شريك

1

د. ثامر محمود العاني

د. ثامر محمود العاني مدير إدارة العلاقات الاقتصادية بجامعة الدول العربية – أستاذ الاقتصاد القياسي بجامعة بغداد سابقاً

يعد القطاع الخاص أحد أهم أدوات النمو الاقتصادي في كل دول العالم؛ وذلك لما له من مساهمات في الناتج المحلي الإجمالي ومعدلات النمو الاقتصادي، إلى جانب الدور المهم الذي يلعبه في سوق العمل وتوظيف العمالة، وما له من أثر إيجابي في المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية لأي دولة، وبالتالي يصبح دعم القطاع الخاص من أولويات كل دولة؛ إذ لعبت المبادرات والحوافز الطموحة التي قدمتها السعودية واستجابتها السريعة دورها على الاقتصاد السعودي بوجه عام وعلى القطاع الخاص بوجه خاص، والذي يسهم بنحو 50 في المائة من الناتج المحلى الإجمالي للاقتصاد السعودي مقارنة بالقطاع الحكومي والقطاع النفطي اللذين يسهمان بما نسبته 25.4 في المائة، و24.1 في المائة على التوالي لكلٍ منهما خلال عام 2022.
وأُعلن في السعودية عن إطلاق الحزمة الأولى من مشروعات الشركات الكبرى (شريك) المنضمة إلى برنامج تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص، المصمم خصيصاً لدعم الشركات السعودية الكبرى لتمكين نمو أعلى للقطاع الخاص، بما يساهم في تحقيق الطموحات الوطنية التي حددتها «رؤية المملكة 2030»، حيث أطلقت السعودية البرنامج في 30 مارس (آذار) من العام 2021، ويبلغ عدد الشركات المشمولة في البرنامج حالياً 28 شركة من القطاع الخاص في السعودية؛ إذ إن تنفيذ «رؤية المملكة 2030» يتطلب تمكين القطاع الخاص من تفعيل دوره وترسيخه، ومن هذا المنطلق وإيماناً منها بأهمية دورها الوطني في المرحلة المقبلة تسعى خدمة «سالم» لتصدّر الريادة ولتقديم أفضل الخدمات وأكثرها تقنية وحداثة في مجال اختبار وفحص التمديدات الكهربائية؛ لما تشكله من أهمية قصوى لتعلقها المباشر بسلامة الأفراد والمنشآت.
وفي هذا الإطار، تسعى السعودية لتفعيل دور القطاع الخاص وجعله شريكاً أساسياً في تحقيق المسيرة التنموية الطموحة، وذلك برفع مساهماته من 40 إلى 60 في المائة من الناتج المحلي بحلول عام 2030، ومن هذا المنطلق تحرص خدمة «سالم» كونها جزءاً من القطاع الخاص على القيام بدورها الوطني لإنجاح مسيرة التنمية الاقتصادية في السعودية، وذلك من خلال تقديمها خدمات تتميز بأعلى معايير الجودة والحداثة والكفاءة لتصبح بذلك نموذجاً يحتذى به، ليس على المستوى الإقليمي فحسب، بل على المستوى العالمي أيضاً.
وتم التوقيع على عدد من الاتفاقيات الإطارية والاتفاقيات لـ12 مشروعاً سيتم تنفيذها من قِبل 8 شركات، في عدد من القطاعات الاستراتيجية والحيوية؛ إذ تساهم هذه المشروعات في تعزيز النمو الاقتصادي وتوطين الصناعات وتحفيز الابتكار وتعزيز مستوى الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص؛ إذ يساعد برنامج «شريك» الشركات التي تستوفي معايير التأهيل على رفع حجم استثماراتها والتسريع من وتيرة تنفيذ مشروعاتها واستكشاف فرص استثمارية جديدة من خلال تقديم الدعم الحكومي لها.
إن «الرؤية» ساهمت في جعل السعودية وجهة رائدة للاستثمار والنمو عبر منهجية توسيع الشراكة مع القطاع الخاص، التي تعدّ ركيزة للتنمية والوصول إلى اقتصاد مستدام، حيث إن برنامج «شريك» أصبح خياراً رئيسياً لكبرى شركات القطاع الخاص، حيث عمل البرنامج على تمكين 12 مشروعاً للقطاع الخاص في 4 قطاعات حيوية.
كما أن مشروعات «شريك» تعزز من نمو 8 شركات وطنية وتساهم في رفع إمكاناتها التنافسية على الصعيد الدولي، كما تخلق أثراً إيجابياً عالياً عبر سلاسل القيمة بأكملها؛ ما يُنتج فرصاً استثمارية كبيرة لشريحة كبرى من الشركات في القطاع الخاص؛ إذ يعد الأثر الاقتصادي الشامل للمشروعات أحد المعايير الرئيسية التي يراعيها البرنامج عند تقديم عوامل التمكين، إذ ستحمل الحزمة الأولى من المشروعات المدعومة أثراً اقتصادياً واستراتيجياً يطول جملة من القطاعات الاقتصادية في المملكة، بالإضافة إلى توفير 64.4 ألف فرصة عمل جديدة.
ومن بين المشروعات، مشروع مشترك لصبّ وتشكيل المعادن برأس الخير من شأنه أن يعزز من تكامل سلاسل الإمداد الصناعية بالسعودية، ومشروع مجمع «أميرال» للبتروكيمياويات الذي سيسهم في توطين إنتاج مواد كيميائية جديدة بهدف تعزيز ريادة السعودية عالمياً في مجال الصناعات البتروكيمياوية، وفي قطاع الطاقة كذلك ستتلقى شركة «أكوا باور» دعماً لإنشاء أكبر مصنع لإنتاج الهيدروجين الأخضر في العالم، حيث يتم تطويره وفق شراكة مع شركتي «نيوم للهيدروجين الأخضر» و«إير برودكتس قدرة». ويسلط هذا المشروع الضوء على الإمكانات الهائلة للسعودية كدولة رائدة في مجال الطاقة الخضراء، ويدعم جهودها المبذولة لتقليل الانبعاثات الكربونية.
وفي قطاع البتروكيماويات، حصلت شركة «سابك» على دعم البرنامج لمشروع صناعة المحفزات بهدف تقليل الاعتماد على الواردات وتعزيز الصادرات من خلال إنشاء أول مركز لصناعة المحفزات في السعودية، ومن خلال مشروع مشترك للشركة المتقدمة للبتروكيماويات، قدّم «شريك» الدعم لإنتاج الميثيونين السائل وكبريتات الأمونيوم؛ ما من شأنه المساهمة في تعزيز الأمن الغذائي بالسعودية. وختاماً، فإن برنامج «شريك» صُمم بهدف المساهمة في تحقيق مستهدفات «رؤية المملكة 2030» المتمثلة برفع مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي السعودية إلى حدود 65 في المائة، وزيادة نسبة الصادرات غير النفطية من 16 إلى 50 في المائة.

التعليقات معطلة.