بقلم | واثق الجابري …
تُستغل الفاقة والعوز والحاجة عند الناس أحياناً بأساليب لا أخلاقية، الى درجة الإستعباد، فيما يناقض ذلك طيب القلب والسيرة، بسعيه لرفع الحيف ويبحث عن المحتاج ليجد له عمل يرفع من قدره ويُعيد كرامته، وكذلك إستغلت الحاجة لشهادة الزور والأصطفاف مع الباطل والفاسد، والمشكلة توهم المحتاج أن ما يفعله صحيح، حتى وأن قدم صوته الإنتخابي مقابل وعد لم يقبضه وعمل لم يُشغل به ودار سكن على ورق.
لو تنافس المتنافسون بشرف، ولم يستخدموا المال الحرام والعام في حملاتهم الإنتخابية، لما كان هناك شراء للأصوات ومخادعة للناخب.
يدرك الفاسدون أنهم على خطأ، وحظوظهم ضئيلة مع تنامي الوعي الشعبي، وإذا تنافسوا بشرف سوف يخسرون الجمهور، ولا سبيل أمامهم سوى مخادعة الفقراء للعودة الى قبة البرلمان والحكومة، لممارسة الكسب غير المشروع، وحماية أنفسهم بالحصانة والنفوذ والمال الحرام، ويأمنوا حياة كريمة رغم ما ارتكبوا من جرائم بحق الشعب وبددوا كل أمنياته، وهدروا الثروات وأضاعوا البلاد بالتناحرات السياسية، التي في غايتها مكاسب شخصية، وإلاّ هم يجلسون ويتسامرون ويتقاسمون المغانم معاً.
يتباين المستوى الثقافي والإنتخابي بين مواطن وآخر، وربما لا يستطيع كثيرون التفريق بين الضار والنافع والصادق والكاذب، وقد تؤثر عليهم صخب الدعايات الإنتخابية والوعود والمناطقية والعشائرية والقومية والطائفية، لذلك يسلم بعض الناخبين لأطروحة بعض المرشحين، وقد يعتقد أن المرشح تفقده وهو في حالة صحوة فجاء لمساعدته، مع إنزواء النخب والمؤسسات الفاعلة بالتعريف بحقوق الناخب وأهمية الصوت بالتغيير.
أسوء الوسائل في إستدراج الناخب وتغيير إرادته، وذلك بتقديم الهدايا والعطايا وظاهر الخدمة البلدية كرش الشوراع “بالسبيس”، وربما اصبح لازمة مع بعض المرشحين أنهم ” مرشحي السبيس”، وعندما يسأل هكذا مرشح فلا يرد طلب بالتعيين والتمليك والتبليط، في حين ذلك ليس من واجبه المقبل، فيما يرى بعض الناخبين أن المُنتخب سيكون رئيس وزراء، لذلك تذهب الأصوات معظمها الى رئيس القائمة، والنتيجة عودة وجوه فاسدة، لا تحضر جلسات البرلمان في حال عدم حصولها على منصب تنفيذي.
طرق مختلفة ووسائل متدنية، من ترغيب وشراء ذمم ومال سياسي لشراء صوت الناخب، ناهيك عن الولاء وحضور الأفراح والمأتم، وعيادة المرضى والجلوس في المقاهي.
شر الدعاية ما يُضحك، وشر منها شراء صوت الناخب بلقمة عيش ومصروف يوم واحد، وإستخدام المال العام في الدعاية الإنتخابية كتسخير المؤسسة وإستخدام العنوان الوظيفي، ولو عرف الناخب الذي يتنازل عن صوته مقابل مبلغ بسيط او هدية عينية، أن ذلك الصوت هو سبب المعاناة والسخط الذي بداخله تجاه من إنتخبه، ولكن يسكت كونه شريك بالخطأ، وربما بعض أفعال وخطابات بعض النواب، هي من أوصلت العراق الى هاوية الخلافات السياسية والتناحر وسيل الدماء، وبذا يُعد بيع الصوت جريمة يتحملها الفرد وتنعكس على المجتمع، وسبب لبقاء أولئك الّذين يدركون أن حظوظهم مفقودة لولا وجود مال حرام وبائع بخس، ومرشحين يلجأون للمهاويل ويتركون المفكرين والمثقفين، وأنها دعاية مضحكة عند وطني عاقل حريص على مستقبل بلده.