شيء من التاريخ

6

 

– الجزء السادس عشر –

جميل عبدالله 

اتبعت لجنة الأمم المتحدة للتعويضات مجموعة من الإجراءات التي ابتعدت بها عن تلك المعترف بها على صعيد العلاقات الدولية في حكم مسائل التعويضات , اذا استحدث إجراءات لم يسبق لها مثيل في القانون الدولي المعاصر والتطبيقات الدولية , دخلت من اية ضمانات قضائية تمنح الى الأطراف المعنية بشكل عام والى الطرف المدعي عليه او  المسئول بشكل خاص . واستندت اللجنة في وضع هذه الإجراءات الى صلاحيتها بموجب قرار مجلس الأمن 692/1992 , الذي أحدثها والى تقرير الأمين العام الصادر بموجب الفقرة 19 من القرار 687/1991 . وقد وضعت اللجنة مبادئ توجيهية في كل المسائل المتعلقة بسياسة اللجنة ولا سيما تلك المتعلقة بالإجراءات المستخدمة في دعاوي المطالبات وتسوية المتنازع حولها وتسديد التعويضات من إيداعات الصندوق . وان المقصود بالمبادئ التوجيهية ليس الا سعي اللجنة لخلق قواعد قانونية جديدة تطبق على مطالبات التعويض المقدمة اليها من الأطراف المعنية وتتمتع بالقوة الإلزامية المستندة الى قرارات مجلس الأمن الصادرة بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة , سواء تجاه العراق او الدول الأخرى كافة .

اي ان اللجنة تمارس وظيفة مشروع وبتخويل من مجلس الأمن الذي لا يملك أصلا سلطة التشريع اذ لا يوجد اي نص في الميثاق ما يخول مجلس الأمن او غيره من أجهزة الأمم المتحدة الحق بخلق قواعد قانونية ملزمة للدول الأعضاء .

ومن كل ما استحدثته لجنة التعويضات من إجراءات , تستطيع ان نتبين أهمها نتائجها في استبعاد العراق , الطرف المدعي عليه , من المشاركة في أعمال اللجنة , على الرغم من ان قواعد القانون الدولي التي تعمل على تقنيتها لجنة القانون الدولي تقضي بأتباع طرق التسوية والتوفيق والتحكيم واللجوء الى القضاء , كما بينا في البحث التمهيدي . وهذا يعني إشراك كل من المدعي عليه والمدعي في اختيار إلية التسوية ومن ثم الاتفاق على الإجراءات تلك الآلية , بينما استبعدت إجراءات التعويضات العراق كليا من المشاركة فيها , عما يرد من طلبات وما تقرره بصددها , فالعراق لم يمثل في مجلس الإدارة لانه ليس عضوا في مجلس الأمن , كما انه لم يمنح حق تسمية او انتداب من يمثله في المجلس بصفة مراقب , وقد تقدم العراق بطلب لمثيله في اللجنة بصفة مراقب وقد رفض هذا الطلب .

وبهذا فقد أصبح العراق , وهو دولة عضو في الأمم المتحدة , متلقيا فقط للتقارير الصادرة عن الأمين التنفيذي للجنة التي لا تتضمن سوى معلومات إحصائية وتصنيفات موجزة للمطالبات المقدمة تمثل جرداً لما تقدمت به بعض الدول من مطالبات وأنواعها وحجم المبالغ الإجمالية المستحقة عنها , على الرغم بما تمثله هذه التقارير في ما يتعلق بالعراق من أهمية كبيرة بوصفها المصدر الوحيد للمعلومات .

وعلى مجلس الأمن مراعاة ما للأطراف من حقوق بإعطاء الفرصة لحضور الإطراف المعنية كافة , وان يكون صانع القرار مستقلا وحياديا وليس له التزام تجاه اي طرف من أطراف القضية المعروضة . وقد نصت على ذلك المادة 15 من قواعد التحكيم التجاري الدولي . وعليه فلئن كانت قرارات مجلس الأمن قد أشارت الى ان العراق ( مسئول بمقتضى القانون الدولي ) فالمسؤولية ضمن هذا الوصف مسؤولية دولية ويجب ان يراعى في تنفيذها قواعد القانون الدولي الي اشرنا اليها سابقا .

تشير المعلومات عن هيكلية لجنة صندوق التعويضات الى هيمنة الموظفين صانعي القرار عليها من الجنسية الأمريكية , اذ تولى الأمريكيون معظم المناصب الأساسية في سكرتارية اللجنة بالإضافة الى مساعد السكرتير التنفيذي . وضمت هذه المؤسسة في سنة 2000 رئيس مطالبات القطاع النفطي , ورئيس التعويضات البيئة ورئيس القسم المالي ورئيس فرع الخدمات القانونية , و ” في سنة 2004 خدم رولف .ج . كنوتسون مساعد مدير الديوان في مكتب الامين العام للامم المتحدة كسكرتير تنفيذي للجنة الأمم المتحدة للتعويضات , وقد حل محل جان كلود أيميه . وعمل مايكل ف. رايوين مساعداً للسكرتير التنفيذي منذ البداية في سنة 1991 . وهو امريكي الجنسية وجاء الى اللجنة يحمل معه خبرة تسبية حيث عمل في السابق مساعد عميل امريكي في محكمة التعويضات الإيرانية الأمريكية . وكان عمله يقضي ضمان ان تكون التجربة الأمريكية في محكمة التعويضات الإيرانية مفيدة في تشكيل لجنة التعويضات العراقية لمصلحة الولايات المتحدة .

نشرت صحيفة اليموند ديبلوماتيك الفرنسية مقالا كتبه الان كريش (Alain Gresh ) بعنوان ” تحقيق من لجنة مستترة – العراق سيدفع ” جاء خلاصتها ما يلي :

لاول مرة كسر الإجماع في مجلس إدارة لجنة الأمم المتحدة لتعويضات , بتاريخ 15 حزيران 2000 في ظل الصمت المطبق على أعمال هذه اللجنة . صحيح ان المبلغ المطالب به مؤثر اذ يبلغ 15,9 مليار دولار والذي يعادل مرتين دخل الأردن , اذ ان مجلس الإدارة يجب ان يصوت على مطالبات للتعويضات للشركة الكويتية للبترول وقد تأجلت الجلسة الى 30 حزيران 2000 .

ان الأصول المعتمدة من قبل مجلس الأمن للجنة التعويضات لا سابقة لها , على الأقل منذ اتفاقية فرساي التي أنهت الحرب العالمية الأولى , وجاء في المادة 231 من الاتفاقية نص اعتبر ألمانيا مسئولة وحدها عن الحرب وألزمها بدفع التعويضات , وكانت كلمة السر هي تعبير ألمانيا ستدفع . وان البروفيسور ” لاليف ” في مكتب المحاماة السويسري أدان الآليات المتبعة في اللجنة وتقدم بطلب الى اللجنة لإلغائها ولكن الطلب رفض . ان العراق لا يعتبر طرفا في نزاع وليس عليه الا ان يدفع وقد التقينا بالدكتور محمد الدوري سفير العراق في مكتب الأمم المتحدة في جنيف والأستاذ السابق للقانون الدولي والذي يعمل تحت وطأة الحصار , حيث يتعذر تبادل المراسلات بنيه وبين بغداد اذ يمضي حامل البريد أربعة أيام بين بغداد وجنيف .

وقد شرح لنا الدكتور الدوري الملفين بين المقدمين من Kuwait petroleum corporation  بمبلغ 21,6 مليار دولار . ويتعلق الموضوع بتوقف انتاج وبيع النفط الكويتي خلال الاحتلال العراق للكويت .

 

التعليقات معطلة.