شيء من التاريخ

4

– الجزء الثالث –

جميل عبدالله 

طلبت الجمهورية العربية المتحدة ( مصر وسورية ) تسوية النزاع من خلال هيئة تمثل جامعة الدول العربية . وبينما كان مجلس الامن مجتمعاً اجتمع مجلس الدول العربية في 5 تموز عام 1961 وصدرت الموافقة على انضمام الكويت الى الجامعة , شريطة ان تطلب الكويت انسحاب القوات البريطانية . كما وافق المجلس على نشر قوة تابعة للجامعة العربية على طول الحدود العراقية الكويتية . وقضت الجامعة العربية بأن يتعهد العراق بعدم استخدام القوة ضد الكويت . كما وافقت على مساعدة الكويت في الانضمام الى الامم المتحدة . وعلى الكويت بعد قبولها ان تطلب القوات البريطانية ومرابطة القوة للجامعة العربية على طول الحدود . وتم قبول الكويت عضواً في الجامعة الدول العربية في 30 تموز عام 1961 رغم اعتراضات العراق .

وفي 6 تموز 1961 طلبت الكويت رسميا الانضمام كعضو دائم الى الامم المتحدة . وفي اليوم نفسه تقدمت بريطانيا بمشروع قرار يدعو فيه مجلس الامن جميع الدول الى احترام استقلال الكويت وسلامة اراضيها . بينما تقدمت الجمهورية العربية المتحدة بمشروع قرار يحث المجلس على حل المسألة بالطرق السليمة ويدعو بريطانيا الى سحب قواتها من الكويت على الفور . ويتم التصويت على المشروعين في 7 تموز 1961 ولم يعتمد المشروع البريطاني في نظرا لاعتراض الاتحاد السوفيتي , كما لم يعتمد مشروع الجمهورية العربية المتحدة لعدم حصوله على سبعة اصوات ( لان المجلس كان يتألف حينذاك من 11 عضواً والاكثرية المطلوبة لاعتماد القرار 7 اصوات ).

وفي 12 اب 1961 توصلت جامعة الدول العربية الى اتفاق لتنظيم انتشار قوات الامن التابعة لجامعة الدول العربية في الكويت . وبدأت هذه القوات تتخذ مواقعها منذ 10 سبتمبر 1961 وكانت تتالف من وحدات من الاردن والجمهورية العربية المتحدة والسودان والمملكة العربية السعودية . وتمركزت هذه القوات على طول الجانب الكويتي من الحدود . وبدأت القوات البريطانية سحب قواتها من الكويت واكتمل الانسحاب في 19 تشرين الاول 1961 .

تقدمت الكويت مرة اخرى بطلب الانضمام الى عضوية الامم المتحدة في 20 نيسان 1963 بعد انقضاء اكثر من عام على الاستقرار العام على طول الحدود العراقية الكويتية , وبعد انسحاب القوات التابعة لجامعة الدول العربية . وعقد مجلس الامن جلسة بتاريخ 7 ايار 1963 للنظر في طلب الكويت وحضر مندوب العراق الذي كرر موقف العراق من ان الكويت جزء لايتجزء من راضيه وطلب تأجيل النظر في طلب الكويت . غير ان المجلس وافق بالاجماع على ان يوصي الجمعية العامة بقبول طلب الكويت . وأيدت الجمعية العامة في دورتها الاستثنائية الرابعة تلك التوصية بالتزكية بتاريخ 14 ايار 1963 بموجب قرار الجمعية العامة رقم 1872 (د أ-4 ) .

على الرغم من التبديل الحاصل في نظام الحكم في العراق بتاريخ 8 شباط 1963 لم يتبدل موقف العراق من الكويت , كما ذكرنا , عند بحث مجلس الامن لطلب الكويت الانضمام الى الامم المتحدة . ولكن هذا الموقف تبدل بعد عدة اشهر , حيث عقد في بغداد بتاريخ 4 تشرين الاول 1963 اجتماع رفيع المستوى بين العراق والكويت , وقع الطرفان في نهايته على محضر متفق عليه تضمن اعتراف العراق وفق الحدود المذكورة في الرسائل المتبادلة بين رئيس وزراء العراق وحاكم الكويت عام 1932 كما وردت سابقا . ونظرا لاهمية هذا المحضر نورد نصه الكامل :

استجابة للرغبة التي يحس بها الطرفان في أزالة ما يشوب العلاقات بين البلدين , اجتمع الوفد الكويتي الذي يزور الجمهورية العراقية بدعوة من رئيس وزرائها , بالوفد العراقي وذلك في بغداد في اليوم 4 من شهر تشرين الاول عام 1963 وكان الوفد العراقي يتألف من رئيس اللواء احمد حسن البكر , والفريق الركن صالح مهدي عماش وزير الدفاع ووزير الخارجية بالوكالة , والدكتور محمود محمد الحمصي وزير التجارة والسيد محمد كيان وكيل وزير الخارجية . وكان الوفد الكويتي يتألف من : سمو الشيخ صباح سالم الصباح , ولي عهد ورئيس الوزراء – وسعادة الشيخ سعد العبد الله السالم الصباح , وزير الداخلية ووزير الخارجية بالوكالة . وغيرهم من الشخصيات .

وقد جرت المباحثات بين الوفدين في جو مفعم بالود الاخوي والتمسك برابطة العروبة والشعور باواصر الجوار وتحسين المصالح المشتركة . وتأكيدا من الوفدين المجتمعين عن رغبتهما الراسخة في توصيد العلاقات لما فيه الخير للبلدين بوحي من الاهداف العربية العليا وايمانيا بالحاجة الى الاصلاح ما طرأ على العلاقات العراقية الكويتية نتيجة موقف العهد القاسمي المباد تجاه الكويت قبل اشراق مايسمى ثورة الرابع عشر من رمضان . ويقينا بما يمليه الواجب القومي من فتح جديده من العلاقات بين الدولتين العربيتين تتفق وما بينهما من روابط وعلاقات ينحسر عنها كل ظل لتلك الفجوة التي اصطنعها العهد السابق في العراق وانطلاقا من ايمان الحكومتين بذاتية الامة العربية وحتمية وحدتها وبعد ان اطلع الجانب العراقي على بيان حكومة الكويت الذي القي بمجلس الامة الكويتي بتاريخ 9 نيسان 1963 والذي يتضمن رغبة الكويت في العمل على انهاء الاتفاقية المعقودة مع بريطانيا في الوقت المناسب , اتفق الوفدان على مايلي :

اولا , تعترف الجمهورية العراقية باستقلال دولة الكويت وسيادتها التامة بحدودها المبنية بكتاب رئيس وزراء العراق بتاريخ 21 تموز 1932 والذي وافق عليه حاكم الكويت بكتابة المؤرخ في 10 آب 1932 .

ثانيا , تعمل الحكومتان على توطيد العلاقات الاخوية بين البلدين الشقيقين يحدوهما في ذلك الواجب القومي والمصالح المشتركة والتطلع الى وحدة عربية شاملة .

ثالثا , تعمل الحكومتان على اقامة تعاون ثقافي وتجاري واقتصادي بين البلدين وعلى تبادل المعلومات الفنية بينهما . وتحقيقا لذلك يتم فورا تبادل المعلومات الفنية بينهما . وتحقيقا لذلك يتم فورا تبادل التمثيل الدبلوماسي بين البلدين على مستوى السفراء . واشهادا على ذلك وقع كل من رئيسي الوفدين على هذا المحضر . اللواء احمد حسن البكر رئيس الوفد العراقي , وصباح السالم الصباح رئيس الوفد الكويتي . وقامت حكومة الكويت بإيداع هذا المحضر لدى الامانة العامة للامم المتحدة بموجب المادة 102 من الميثاق التي تنص على ان كل معاهدة وكل اتفاق دولي يعقده اي عضو من اعضاء الامم المتحدة , بعد العمل بهذا الميثاق , يجب ان يسجل في امانة الهيئة وان تقوم بنشره باسرع مايمكن . وليس لاي طرف في معاهدة او اتفاق دولي لم يسجل وفقا لهذه المادة ان يتمسك بتلك المعاهدة او ذلك الاتفاق امام اي فرع من فروع الامم المتحدة . ولم يعترف العراق على هذا النشر لكون المحضر لم تكتمل اجراءاته الدستورية العراقية لانه لم يقترن بموافقة السلطة التشريعية في العراق .

التعليقات معطلة.