شيء من التاريخ

1

الجزء الخامس 

جميل عبدالله 

وبعد انتهاء العمليات العسكرية التي قامت بها قوات التحالف ضد العراق بموجب التفويض الممنوع لها بقرار مجلس الامن 678 / 1990 , اصدر مجلس الأمن القرار 687 / 1991 الذي يشكل معاهدة سلام فرضت على العراق كما بينا سابقا .

وقد أولى القرار المذكور مسألة الحدود أهمية خاصة وافرد لها القسم –

أ – من القرار كونها كانت احد اهم جذور النزاع بين العراق والكويت . كما اعتبر المجلس ان الحل الذي فرضه لموضوع الحدود بين العراق والكويت يساهم في استعادة السلم والأمن الدوليين في المنطقة , كما ان المجلس ضمن الحدود التي فرضها .

معالجة القرار 687 / 1991 للحدود بين العراق والكويت , جاء في الفقرتين 6 و 7 من ديباجة القرار 687 / 1991 ما يلي :

وإذا يلاحظ ان العراق والكويت , بوصفهما دولتين ذواتي سيادة , قد وقعنا في بغداد في 4 تشرين الأول 1963 على محضر متفق عليه بين دولة الكويت والجمهورية العراقية بشأن استعادة العلاقات الودية والاعتراف والأمور ذات العلاقة , معترفين بذلك رسميا بالحدود بين العراق والكويت وبتخصيص الجزر , وقد سجل هذا المحضر لدى الأمم المتحدة وفقا للمادة 102 من ميثاق الأمم المتحدة , واعترف فيه العراق باستقلال دولة الكويت وسيادتها التامة المبينة في رسالة رئيس وزراء العراق المؤرخة في 21 تموز عام 1932 والتي وافق عليها حاكم الكويت في رسالته المؤرخة في 10 تموز 1932 . و إدراكا منه لضرورة تخطيط الحدود المذكورة .

وجاء في القسم – أ – من القرار وفي الفقرة العاملة 2-4 ما يلي :

الفقرة الثانية : يطالب بان يحترم العراق والكويت حرمة الحدود الدولية وتخصيص الجزر , على النحو المحدد في ” المحضر المتفق عليه بين دولة الكويت والجمهورية العراقية بشأن استعادة العلاقات الودية والاعتراف والأمور ذات علاقة ” الذي وقعاه ممارسة منهما لسيادتهما , في بغداد في تشرين الأول 1963 وسجل لدى الأمم المتحدة .

الفقرة الثالثة : يطلب الى الأمين العام ان يساعد في اتخاذ الترتيبات اللازمة مع العراق والكويت لتخطيط الحدود بين العراق والكويت , مستعينا بالمواد المناسبة , بما فيها الخرائط المرفقة بالرسالة المؤرخة 28 آذار 1991 الموجهة اليه من الممثل الدائم للملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وايرلندا الشمالية لدى الأمم المتحدة وان يقدم الى مجلس الأمن تقريرا عن ذلك في غضون شهر واحد .

الفقرة الرابعة : يقرر ان يضمن حرمة الحدود الدولية المذكورة أعلاه وان يتخذ جميع التدابير اللازمة حسب الاقتضاء لتحقيق هذه الغاية وفقا لميثاق الأمم المتحدة .

ملاحظات حول الجوانب القانونية لمسألة الحدود العراقية – الكويتية وطرحها في قرار مجلس الأمن 687 / 1991 .

يلاحظ من مسيرة الأحداث ان مسألة تخطيط الحدود العراقية – الكويتية قد تم الاتفاق عليها بمبادرة من المملكة المتحدة منذ عام 1932 ثم جاء توقيع المحضر المتفق عليه بين العراق والكويت في 4 تشرين الأول 1963 . وأودعت الكويت هذا المحضر لدى الأمانة العامة للأمم المتحدة ولم يعترض العراق على هذا الإيداع بسبب عدم مصادقة الجهات الدستورية العراقية على المحضر , اذا كان يفترض ان يعترض العراق على هذا الإيداع ليطعن في القوة القانونية للاتفاق . وعلى الرغم من ذلك فان عدم الاعتراض العراق لا يكسب المحضر صفة المعاهدة او الاتفاق الدولي قانونا , لذلك ان الأمانة للأمم المتحدة عند نشرها اي اتفاق بناء على طلب الدول فهذا لا يعني بانها تتبنى رأي او موقف الدولة التي طلبت النشر . وقد استقرت ممارسة الأمم المتحدة على هذا النمط , بحيث يجوز للدولة المعينة أبداء جميع دفوعها القانونية المتعلقة بالاتفاقية بعد نشرها .

ولكن الملفت للنظر في سياق المراحل التمهيدية للاحتلال العراقي للكويت ولا سيما عبر الرسائل الموجهة من وزير خارجية العراق الى أمين عام جامعة الدول العربية والرد عليها من وزير خارجية الكويت في شهر تموز 1990 , بأن الطرفين قد أهملا ذكر المحضر المتفق عليه بتاريخ 4 تشرين الاول 1963 الذي تناول موضوع الحدود , بحيث لم يورد ذكره لا الجانب الكويتي في رده على ما جاء في رسالة وزير الخارجية العراق من ان مشكلة الحدود من المسائل المعلقة بين البلدين . كما لم يتطرق اليه الجانب العراقي وعلى العكس من ذلك ورد في رد وزير الخارجية العراقي على رسالة الوزير الكويتي ان البلدين لم يتفقا على تحديد الحدود البرية والبحرية بينهما .

وقد تمت الإشارة في الرسالة الكويتية الى ان أبار النفط تقع ضمن أراضيها جنوب خط الجامعة العربية , وعلى مسافة كافية من الحدود الدولية وفقا للمقاييس العالمية .

وبمعنى اخر , فان الكويت تعتبر خط الجامعة العربية حيث كانت متمركزة قوات الأمن العربية عام 1961 معيارا فنيا لتحديد الحدود , ما يؤكد عدم الإشارة الى المحضر المتفق عليه عام 1963 .

كما ان رسالة الجانب العراقي لم تشر الى اي اتفاق على الحدود وانما ورد فيها : وقد تجاهلت المذكرة الكويتية مبادرتنا التي اشرنا إليها في رسالتنا في 15/ 7 /1990 , ففي إثناء حضورنا قمة الجزائر في أيار 1988 أبلغت انا شخصيا وزير الكويت برغبة صدام حسين في حسم مسألة الحدود بين البلدين . غير ان الجانب الكويتي وبعد عدد من الاتصالات التي جرت حول الموضوع تهرب من الأمر . وابلغنا بان ظروفه لا تسمح ببحث هذه المسألة وطلب منا تأجيل بحثها . كما ان مسؤولين كويتيين اتصلوا بنا وابلغونا عن رغبتهم في تحويل ملف الحدود من مسؤول كويتي الى أخر . وان صدام حسين هو الذي اقترح ثانية على سمو امير الكويت إثناء زيارته الى العراق في شهر سبتمبر 1989 , معاودة البحث في الموضوع وحله ومن العودة الى مناقشات مجلس الأمن عند اعتماد القرار 660 / 1990 لم يتطرق الجانب الكويتي او اي عضو من الأعضاء مجلس الأمن الى اتفاق السابق بين العراق والكويت والمودع لدى الأمم المتحدة والذي يقضي بالاعتراف باستقلال الكويت وتحديد الحدود بينهما . ثم صدرت عدة قرارات عن مجلس الأمن حول الحالة بين العراق والكويت وأهمها القرارات 660 و 661 و 665 و 670 و 678 / 1990 وأخيرا القرار 686 / 1991 بعد انتهاء المعارك التي خاضتها قوات التحالف ضد العراق ولم يرد ذكر الاتفاق على الحدود بين العراق والكويت .

  

التعليقات معطلة.