– الجزء العاشر –
جميل عبدالله
وجه المندوب الدائم للعراق نزار حمدون رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة بتاريخ 14 تشرين الثاني 1994 مرفقة برسالة من وزير خارجية العراق مؤرخة في 12 تشرين الثاني 1994 جاء فيها ما يلي : تعبيراً عن رغبة العراق في احترام ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي , وانسجاماً مع التزامها بالامتثال الكامل لجميع قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ذات الصلة . وإثباتا لنوايا العراق السلمية ولعزمه على العمل من اجل استتباب السلم والأمن والاستقرار في المنطقة وإقامة علاقات حسن جوار على أساس قواعد الاحترام المتبادل للأمن والسيادة والمصالح المشروعة , أود ان أرفق لكم طيا للبيان الصادر عن المجلس الوطني بتاريخ 10 تشرين الثاني 1994 , وقرار مجلس الثورة في جمهورية العراق رقم 200 اللذين يؤكدان اعتراف العراق بسيادة الكويت وسلامتها الإقليمية واستقلالها السياسي وحدودها الدولية المقررة وفق أحكام قرار مجلس الأمن 833/ 1993 . ونسخة من الوقائع العراقية , الجريدة الرسمية للحكومة التي نشر فيها البيان والقرار المذكوران .
ان العراق ينطلق من ان مجلس الأمن يعمل وفق التفسير القانوني للقرارات الصادرة عنه . وان يتبع في تطبيقها قواعد العدالة والأنصاف , وفي المقدمة من ذلك رفع الحصار الشامل . وكخطوة أولى تطبيق الفقرة 22 من القرار 687 /1991 بصورة كاملة ومن دون قيود او شروط أضافية . وأرفق بالرسالة ثلاث ضمائم : الضميمة الأولى تتضمن إعلان المجلس الوطني تأييده لاعتراف جمهورية العراق بسيادة دولة الكويت وسلامتها الإقليمية واستقلالها السياسي وتأييده امتثالا لقرار مجلس الأمن رقم 833 / 1993 لاعتراف جمهورية العراق بالحدود الدولية بين جمهورية العراق ودولة الكويت كما رسمتها لجنة الأمم المتحدة لترسيم الحدود بين العراق والكويت كما رسمتها لجنة الأمم المتحدة لترسيم الحدود بين العراق والكويت المشكلة بموجب الفقرة 3 من قرار مجلس الأمن 687/1991 واحترامها حرمة الحدود المذكورة .
والضميمة الثانية هي قرار مجلس قيادة الثورة رقم 200 بتاريخ 10 /11/1994 ويتضمن نفس نص إعلان المجلس الوطني بالاعتراف بسيادة دولة الكويت وسلامتها الإقليمية واستقلالها السياسي وتأييده لقرار مجلس الأمن رقم 833 / 1993 لاعتراف جمهورية العراق بالحدود الدولية بين جمهورية العراق ودولة الكويت المشكلة بموجب الفقرة 3 من قرار مجلس الأمن 687 / 1991 واحترامها لحرمة الحدود المذكورة . ونص القرار على ان تتولى الوزارات والجهات المختصة ذات العلاقة تنفيذ هذا القرار وينشر القرار في الجريدة الرسمية .
وتضمنت الضميمة الثالثة نسخة من الجريدة الرسمية لجمهورية العراق – العدد 3537 تاريخ 10 تشرين الثاني 1994 الذي نشر فيه إعلان المجلس الوطني وقرار مجلس قيادة الثورة بحيث أصبحا ضمن التشريعات العراقية النافذة والملزمة .
قبل صدور موافقة العراق على قرار مجلس الأمن 833 /1993 حدث توتر على الحدود العراقية الكويتية حيث توجهت قوات عراقية صوب الحدود الكويتية وتدخل مجلس الأمن واصدر القرار رقم 949 / 1994 بتاريخ 15 تشرين الأول 1994 الذي يدين عمليات الوضع العسكري الذي قام به العراق مؤخرا في اتجاه الحدود مع الكويت وطالب العراق بأن يكمل فورا سحب جميع الوحدات العسكرية التي وزعت مؤخرا في الجنوب العراقي الى مواقعها الأصلية , ويطالب العراق بالا يستعمل مرة أخرى قواته العسكرية بشكل عدواني او استفزازي لتهديد جيرانه او عمليات الأمم المتحدة في العراق .
وكان قد تدخل الاتحاد الروسي لإقناع العراق سحب قواته . وقام وفد روسي يضم وزير الخارجية الروسي ومبعوث الرئيس يلتسن بمساع لدى السلطات العراقية للقبول بقرار مجلس الأمن 833 /1993 من قبل المجلس الوطني ومجلس قيادة الثورة لتسهيل رفع الجزاءات عن العراق كما ورد في رسالة وزير خارجية العراق الى الأمين العام عند قبول العراق بالقرار المذكور . وتنفيذا لذلك صدر بلاغ مشترك عن زيارة الوفد الروسي أودع لدى مجلس الأمن برسالة مشتركة من المندوبين العراقي والروسي بتاريخ 15 تشرين الأول 1994 وجاء في البلاغ المشترك ما يلي : استقبل السيد الرئيس صدام حسين في 13 تشرين الأول 1994 السيد اندرية كوزيريف وزير خارجية روسيا ومبعوث الرئيس الروسي بوريس بلتسين الى العراق .
وتم أثناء اللقاء تحليل الوضع في منطقة الخليج وكذلك الوضع الراهن للعلاقات الروسية العراقية . ودعت روسيا الى اتخاذ خطوات حاسمة من اجل عدم السماح بتصعيد التوتر وإعادة الوضع الى مسار الجهود السياسية والدبلوماسية التي من شأنها ان تؤدي في نهاية المطاف الى تحقيق الأمن والاستقرار الوطيد في المنطقة والى رفع الجزاءات المفروضة على العراق وإقامة علاقات حسن جوار بين العراق والكويت .
وأعلن العراق رسميا انه قد أكمل في الساعة 21 من مساء يوم 12 تشرين الأول نقل قواته الى مواقع الخلف . وقد ثمنت روسيا عاليا هذه الخطوة من الجانب العراقي . وأكد العراق استعداده لان يحل بشكل ايجابي مسألة الاعتراف بسيادة الكويت وحدودها التي تقررت بموجب قرار مجلس الأمن 833 /1993 .
ان روسيا , بعد اعتراف العراق الرسمي بسيادة الكويت وحدودها , ستؤيد البدء رسمياً في تشغيل نظام الرصد الطويل الأجل وفقا ً لقرار مجلس الأمن 715/1991 وفي نفس الوقت بدء فترة ” المراقبة ” المحدودة الزمن من اجل التأكيد من فعالية نظام الرصد , التي ينبغي , حسب وجهة نظر روسيا , الا تزيد عن ستة أشهر , يتخذ بعدها مجلس الأمن قرار بشأن تنفيذ الفقرة 22 من القرار 687/1991 بصورة كاملة وبدون شروط إضافية . وتؤكد روسيا انها ستؤيد رفع الجزاءات الأخرى في صور التقدم الذي ينجزه العراق في تنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة . وأكد العراق استعداده لمواصلة التعاون مع لجنة الصليب الأحمر الدولية في تقصي مصير المواطنين الكويتيين المفقودين . واشار كوزيريف الى الاهتمام الخاص الذي توليه روسيا لهذه المسألة الإنسانية .
ولكن الإحداث التالية لصدور البلاغ المشترك أثبتت بان ما نفذ من الجهود الروسية اقتصر على قبول العراق بالقرار 833 / 1993 ولم يتم تنفيذ اي وعد من روسيا ورد في البلاغ المشترك بصدد تطبيق الفقرة من القرار 687/1991 حول الجزاءات المفروضة على العراق . وبتعبير أخر فان الصفقة السياسية التي تمت بين العراق وروسيا حول قبول العراق بقرار مجلس الأمن 833/1993 اقتصرت نتائجها على قبول العراق من دون ان تتبعه ايه خطوة لرفع الجزاءات جزئيا او كليا , ولم يكشف النقاب عن الآثار السياسية التي نالتها روسيا في علاقاتها مع الولايات المتحدة نتيجة جهودها بإقناع العراق بقبوله قرار مجلس الأمن 833 / 1993 .
اصدر مجلس الأمن بيانا رسميا بتاريخ 16 تشرين الثاني 1994 تعليقا على قبول العراق بالقرار 833 / 1993 حاء فيه ما يلي :
ان مجلس الأمن يرحب بهذا التطور , وقد كتب رئيس المجلس الى الممثل الدائم للعراق يفيده بذلك في رسالة مؤرخة 16 تشرين الثاني 1994 (1297/1994/S ) ويلاحظ المجلس ان العراق قد اتخذ هذا الإجراء امتثالا لقرار مجلس الأمن 833 /1993 والتزم التزاما لا لبس فيه بموجب إجراءات دستورية وافية ورسمية باحترام سيادة المجلس 687/ 1991 و 833 /1993 و 949 / 1994 . وان مجلس الأمن يرى ان هذا القرار الذي اتخذه العراق يمثل خطوة مهمة اتجاه تنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة .
ومن الواضح بأن مسيرة قبول العراق بما ورد في القسم – أ- من القرار 687 / 1991 قد مرت بنفس المنهج الذي أدى الى القبول الإذعاني بالقرار 687 بأكمله , لان صدور القرار بموجب الفصل السابع من الميثاق والتهديد باستخدام القوة واستخدامها عمليا أكثر من مرة ضد العراق , قد وضع العراق بموقف لا خيار له ألا القبول بهذه القرارات على أمل رفع الجزاءات ولكن ذلك لم يتم ألا بعد تحقق الهدف البعيد المدى من القرارات وهو احتلال العراق