صالح مسلم لـ”النهار”: ضغوط أنقرة تعطّل محاولات حوار الإدارة الذاتية مع دمشق

1

سركيس قصارجيان
المصدر: النهار
بعد الردّ الإيجابي من قيادة حزب العمال الكردستاني على دعوة عبدالله أوجلان إلى إلقاء الحزب سلاحه وعقد مؤتمر عام تمهيداً لحل نفسه والانخراط في الدولة والمجتمع التركيين، تحوّلت الأنظار إلى شمال شرق سوريا، حيث مناطق سيطرة الإدارة الذاتية، التي تعتبرها أنقرة امتداداً سورياً لحزب العمال الكردستاني وتطالبها بحل نفسها.
في حوار مصور مع “النهار” قيّم صالح مسلم، عضو هيئة الرئاسة في حزب الاتحاد الديموقراطي، أحد أكبر أحزاب الإدارة الذاتية، موقف الأكراد في شمال شرق سوريا، وعلاقة الإدارة الذاتية بدمشق وتركيا، ومستقبل القضية الكردية عموماً.
موقف الإدارة الذاتية من دعوة أوجلان
ورأى مسلم أن “دعوة عبد الله أوجلان إلى إلقاء السلاح ليست مجرد قرار عابر أو خطوة تكتيكية، بل هي تغيير استراتيجي في مسار القضية الكردية على مستوى المنطقة بأكملها، ضمن رؤية طويلة المدى كانت موجودة سابقاً”.
وشدد مسلم على أن الإدارة الذاتية ومكوّناتها الحزبية والقيادية لم تكن تعلم مسبقاً بتفاصيل الرسالة، لكنها وجدت فيها خطوة في الاتجاه الصحيح.
ووفقاً له “أدّى النضال المسلح وظيفته الأساسية في إحياء الهوية الكردية وحماية الكرد من محاولات القضاء عليهم”، معتبراً “أن المرحلة الحالية تستوجب الانتقال إلى النضال السياسي بدلاً من المسلّح”.
تفاؤل حذر
وشدّد على أن الواقع الآن يفرض اتباع نهج سياسي لحل القضية الكردية، بخاصة أن الكفاح المسلح بات “يكرر نفسه” من دون تحقيق نتائج جديدة، مشيراً إلى أن كل المحاولات السابقة للتفاوض السلمي، أُحبطت بسبب أطراف داخلية تركية تعارض الحل السياسي.
وأعرب مسلم عن تفاؤله الحذر بنجاح مسار اليوم بخلاف المحاولات الفاشلة في الماضي، لأن “الظروف الراهنة مختلفة عن عام 2015، إذ أن الجهات التي كانت تعارض السلام في السابق هي نفسها التي بدأت هذه المبادرة الآن”، في إشارة إلى حزب “الحركة القومية” بزعامة دولت بهجلي.
وأضاف أن التغيرات الإقليمية والدولية تفرض على تركيا إعادة النظر في سياساتها، إذ أن القضية الكردية لم تعد قضية محلية، بل أصبحت مسألة دولية، ما يدفع أنقرة إلى البحث عن مخرج سياسي.
كذلك نفى وجود أي ترتيب دولي لمبادرة أوجلان، معتبراً أن ما يتم تداوله مجرد تحليلات وتوقّعات، لكنه أشار إلى أن “أوجلان يحاول استغلال الفرصة الحالية لتحقيق اختراق سياسي”.
لا ضمانات أميركية لـ”قسد”
رغم أن مبادرة أوجلان موجهة إلى حزب العمال الكردستاني، فإن تركيا لا تفرق بين العمال الكردستاني و”قوات سوريا الديموقراطية” (قسد).
في هذا السياق، أكد مسلم أن الإدارة الذاتية لم تؤسس لمحاربة تركيا، بل لحماية نفسها من هجمات “داعش” والفصائل الجهادية، مشدداً على أن التحالف الدولي لا يعتبر “قسد” منظمة إرهابية، على عكس التصنيف التركي.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة رحبت بدعوة أوجلان، معتبرة أنها قد تساهم في التهدئة، لكنها لم تصدر أي التزامات واضحة بحماية الإدارة الذاتية من هجمات تركية محتملة.
ضغوط تركية على دمشق
وأكّد أن العلاقة مع دمشق لا تزال متوترة، مشيراً إلى أن الإدارة الذاتية تسعى الى الحوار مع الحكومة السورية، لكن هذه الجهود تتعثر بسبب ضغوط أنقرة.
ولفت إلى أن التفاهمات التي تمت بين “قسد” ودمشق تتعرض للعرقلة بعد كل زيارة لمسؤولين أتراك الى دمشق، ما يعكس استمرار النفوذ التركي في تحديد سياسات النظام السوري حيال الأكراد.
وكشف أن الاتفاق النفطي الجديد بين الإدارة الذاتية ودمشق “ليس أمراً مستجداً تماماً، بل هو امتداد لاتفاقات سابقة كانت قائمة منذ عهد نظام الأسد، الذي كان يعتمد على وسطاء لنقل النفط من شمال شرق سوريا إلى دمشق، إلا أن الأحداث الأخيرة والتغييرات الميدانية أدت إلى انقطاع هذا المسار، والآن تم استئناف عملية التوريد مجدداً وفق اتفاق جديد”.
وقال مسلم: “ثروات شمال سوريا وشرقها، بما فيها النفط، هي جزء من موارد الشعب السوري بأسره. الإدارة الذاتية لطالما أكدت أنها جزء من سوريا، وأن هدفها هو إدارة هذه الموارد لمصلحة جميع السوريين”.
العلاقة بين الإدارة الذاتية والسويداء
في تطور آخر، أعلنت مجموعة من القوى الدرزية في محافظة السويداء تشكيل مجلس عسكري، وهو ما اعتبره مراقبون مؤشراً إلى توجه المحافظة نحو إدارة ذاتية على غرار شمال سوريا وشرقها. وأكد المجلس أنه ينسق مع “قسد” ما أثار تساؤلات عن طبيعة العلاقة بين الطرفين ومدى تأثير هذه الخطوة على المشهد السوري.
ووفق مسلم فإنّ “العلاقة بين الإدارة الذاتية ومكونات السويداء ليست جديدة، بل تعود إلى عام 2012، مع بدء الحراك السوري، إذ كان هناك تواصل مستمر بين الطرفين”.
وقال إن “الفكر الديموقراطي الذي تطبقه الإدارة الذاتية في شمال سوريا انتقل إلى مناطق سورية أخرى، بما فيها السويداء، ما دفع سكانها إلى التفكير في أشكال جديدة من التنظيم الذاتي لحماية أنفسهم وضمان حقوقهم. تجربة السويداء مع تنظيم داعش، عندما اضطر سكانها لحماية أنفسهم في غياب أي دعم من النظام السوري، أثبتت ضرورة وجود قوات محلية تدافع عن الأهالي”.

التعليقات معطلة.