حسن فليح / محلل سياسي
الجزء الثاني
نقول أن التركيبة السياسية الموجودة بالعراق باتت تحت السيطرة الايرانية بحيث لا تسمح للأميركيين بوصول رئيس وزراء موالٍ لهم إلى السلطة عن طريق الانتخابات كما ان طهران تحاول الان تشكيل حشد شعبى جديد اكثر ولاء لنظام ولاية الفقيه من الحشد الشعبي الحالي ، بعد التفكك الذي اصابه مؤخرا والاختلاف بوجهات النظر حول التعامل مع الامريكان ، بموضوع بقائهم من عدمة ، انعكسى ذلك جليا في جلسة البرلمان التي لم يكتمل فيها النصاب من اجل اخراج القوات الامريكية ، في سعي واضح من قوى سياسية كثيرة ومنها اطارية محسوبة على ايران لتجنب اتخاذ هكذا موقف لتفادي تداعياتة السياسية والاقتصادية وربما العسكرية الخطيرة ، حيث ان الامر دفع الامريكان والايرانيين للبحث عن اساليب ومخططات اكثر تكتيكا في التسابق بحسم الصراع للاستحواذ على العراق، خصوصا بعد تعرض التخادم السياسي الذي كان متبعا بين النظام الايراني والامريكان بالشأن العراقي الى التباين والتنافس بسبب قناعة ايران انها تقدمت كثيرا على الامريكان في تحريك الوضع السياسي والتوجهات الحكومية ومؤسساتة التشريعية بالعراق ، دون الحاجة لاستمرار ذلك التخادم الى الابد ونضوج اجواء حسم الامر لصالحها بصيطرتها على جميع مفاصل الدولة العراقية مما يؤهلها بالعمل على خروج الامريكان خالين الوفاض من العراق ،
قلق الامريكان من التقدم الحاصل للنفوذ الايراني لايمكنها من قلب المعادلة بالطرق السياسية التقليدية التي اثبتت فشلها ألا في حال تغيير المعادلة السياسية القائمة حاليا بالعراق والاتيان بنظام وطني قادر على تجاوز الازمة والمحنة التي المت بالعراق طيلة العشرين سنة الماضية خاصةً بعد عجز الخيارات الاخرى التي عولت عليها الولايات المتحدة كثيرا واهمها التغيير بواسطة الانتخابات التي اصبحت مستحيلة في ضل التزوير المستمر واستخدام المال السياسي والمقاطعة الشعبية الواسعة لها لعدم ايمان العراقيين بالمؤسسات القائمة عليها والنفوذ السياسي للقوى السياسية المهيمنة على تلك المؤسسات
ان بقاء المعادلة السياسية الحالية على حالها لايضمـن للامريكان ، وجودا دائما ومستقِـرا في العراق، يسهِّـل عليها الحصول على التوقيع على أية اتفاقيات وفي مختلف المجالات، وفي مقدمتها المجالات العسكرية والأمنية والمعاهدات طويلة الامد ، وانهاء النفوذ الايراني في العراق ومعالجة الفشل السياسي للتجربة السيئة التي لازمت العراقيين لمدة عشرين عاما، والتي تتحملها امريكا بمفردها لسوء قيادتها بالتعويل على ايران بمسك الملف العراقي بالشراكة معها في خطوة خطيرة وغبية منقطعة النظير باتت تدفع ثمنها الولايات المتحدة بأدارة الديمقراطين لها التي تتعرض الان لانتقادات لاذعة داخل امريكا وخارجها وعلى صعيد المنطقة برمتها ، هل تفعلها امريكا ؟ ام تسبقها ايران بتشكيل حشدها الجديد لتكريس هيمنتها وقطع الطريق امام الولايات المتحدة ؟ انهُ الصراع الذي سيتجلى في مقبل الايام كون سياسة التخادم بخصوص العراق تعرضت الى مزيد من عدم الثقة وبطلان جدوها في ضل التفاعلات الحاصلة الان بالمنطقة التي حتمت على الاثنين معا من توضيح مواقفهما الغامضة امام العراقيين الرافضين تماما ان يبقى وطنهم العراق تحت هيمنة احتلاليين وارادتين لن يجمعهما جامع بالعراق غير تدميرة وانعدام مستقبلة ، علما ان الاحتقان الشعبي والغليان الحالي ينذر بموجة تظاهرات عارمة ستكون لها الاثر البالغ على تغيير مسار الوضع السياسي الحالي ،
في حين لن تسمح الاحداث الحالية التي تمر بها المنطقة لمزيد من الغموض وسوف تجبر كلا الطرفين الايراني والامريكي ان يتسابقا على حسم صراعهما بالعراق بعد ان تقلصت مساحة العب كثيرا وبات العمل التخادمي غير مجدي الذي استمر بالضحك على عقول العراقيين طيلة الفترة الماضية، صحيح ايران دولة مسلمة وجارة ازلية للعراق ولكنها غير مرغوبا بها من قبل عموم العراقيين ولن يضمر التاريخ لنا حسن الجيرة والعلاقات الخيرة والطيبة معها وتلك حقيقة لاتقبل المجاملة ، وامريكا قامت بتغيير النظام السابق وأقامة تجربة سياسية فاشلة امتدت لعقدين من الزمن جلبت الكوارث على العراقيين ، حيث انها الان اصبحت على قناعة بفشلها هذا ، وعليها الاتيان بحكومة عراقية عادلة قوية تحكم العراق من شمالة الى جنوبة لتحقيق التوازن المفقود اقليميا ، وسيكون هذا الحل الجزء المهم والشامل والمرتكز الاساسي باستقرار العراق والمنطقة .