صراع النفوذ يشتعل بين الدبيبة والبرلمان الليبي… هل تُستَدرج الزنتان إلى حرب؟

1

اجتماع بين الدبيبة وأعيان من مدينة الزنتان.

واصل الفرقاء الليبيون المتصارعون لعبة عض الأصابع، فبينما أعلن مجلس النواب تحديه حكومة الوحدة الوطنية الموقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، وقرر عقد جلسته المقبلة في مدينة الزنتان جنوب غربي العاصمة، استنفر الأخير قواه لتطويق هذا التحرك ومنعه، وبين الطرفين وقع سكان المدينة التي تتوسط جبل نفوسة وتتاخم الحدود الليبية – التونسية، فتباينت المواقف بين من يؤيد حضور نواب البرلمان إلى مدينتهم بل ويطالب بإبعاد الدبيبة عن المشهد، ومن يرفض نقل التوتر إلى المدينة الهادئة ويقف داعماً لرئيس الحكومة المسيطرة على طرابلس ومحيطها. حشود وتحذيرات تستعيد أيام الحربوكان الصراع المحتدم بين النواب وحكومة الدبيبة منذ آذار (مارس) العام الماضي، قد عاد إلى الواجهة مجدداً الأسبوع الماضي، على إثر قرار الأول التئام جلسة النواب التي كانت مقررة الأسبوع الجاري في الزنتان التي تخضع لسيطرة الدبيبة، لتشهد المدينة بعدها بساعات تحشيدات عسكرية متبادلة بين مجموعات مسلحة تابعة لرئيس حكومة الوحدة الوطنية، وأخرى مناوئة له تحت قيادة رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية السابق أسامة جويلي، الأمر الذي أثار مخاوف المدنيين، وأعاد إلى الأذهان مشاهد الصراع المسلح الذي شهدته العاصمة الليبية والمدن المحيطة بها العام الماضي، بين الميليشيات المنقسمة الولاء بين الدبيبة وفتحي باشاغا رئيس الحكومة المكلف وقتها من مجلس النواب.  وجهاء الزنتان على الخطوفي هذه الأثناء دخل شيوخ الزنتان وعقالها على خط الصراع، لكن كان لافتاً الانقسام بين صفوفهم، فبينما أعلن ما يسمى “مجلس حكماء وأعيان الزنتان” في بيان ترحيبه بانعقاد مجلس النواب في المدينة، متهماً حكومة الدبيبة بمحاولة عرقلة المسار السياسي وإطالة أمد الأزمة للبقاء على مقاعدها، متوعداً بالرد على أي تحرك مسلح للدبيبة وحكومته، سارع الدبيبة إلى لقاء وفد من أعيان الزنتان في مقر رئاسة الوزراء في العاصمة طرابلس بحضور وزيري الحكم المحلي بدر الدين التومي، والدولة لشؤون رئيس الحكومة ومجلس الوزراء عادل جمعة. ووفقاً لبيان رسمي أكد الدبيبة ضرورة أن “يكون هدفنا جميعاً إجراء الانتخابات وإصدار دستور دائم لليبيا لضمان استقرارها”، مرحّباً بالدور الاجتماعي وجهود جميع المدن والقبائل الليبية من أجل استقرار البلاد. ونقل البيان عن أعيان الزنتان تأكيدهم “ضرورة وحدة البلاد واستقرارها ودعم الجهود الوطنية لإجراء الانتخابات، وفق قوانين عادلة ونزيهة”.  وفيما كانت الأجواء مشتعلة والحرب تطل برأسها على المدينة، أعلن الناطق باسم مجلس النواب عبد الله بليحق، الأحد، تأجيل جلسة مجلس النواب، عازياً القرار إلى “الظروف المناخية”، من دون مزيد من التفاصيل، لتهدأ الأجواء موقتاً مع تأكيد عدد من النواب تمسكهم بانعقاد الجلسة في المدينة. 

 وشدد عضو مجلس النواب عبد السلام نصية لـ”النهار العربي” على أن المجلس متمسك بعقد جلسته المقبلة في الزنتان، كخطوة ستليها جلسات أخرى في مدن المنطقتين الغربية والجنوبية، مشيداً بموقف قبائل الزنتان وترحيبها باجتماع النواب في مدينتها. تفسيرات متباينة لاحتدام الصراعواعتبر نصية أن ذهاب النواب إلى الزنتان هو في إطار وحدة الصف ولمّ الشمل، ويمثل خطوة كبيرة نحو المصالحة الوطنية تمهد لإجراء الانتخابات، وتؤكد أن ليبيا موحدة ولا يمكن تقسيمها. وقال: “نوجه رسالة إلى الأطراف كافة بأن مجلس النواب منفتح على كل الليبيين ولا حواجز أو معوقات أمام اللقاء… حان الوقت لتوحيد الصفوف، والمضي قدماً في إنهاء الانقسام”، مشيراً إلى أن اختيار الزنتان كان لأن المدينة أولى مدن الغرب الليبي الداعمة للمجلس. المحلل السياسي الليبي عبد الله العتامنة أكد لـ”النهار العربي” أن المشهد الأخير يعكس احتدام الصراع بين الفرقاء الليبيين على الشرعية وبسط النفوذ على الأرض، فمجلس النواب يحق له أن يجتمع في أي مدينة ليبية وفقاً للقانون، لكن حقه هذا مقيد بظرف قوة التشكيلات العسكرية المسلحة التي تعمل تحت ولاية حكومة الوحدة الوطنية.  ورأى أن محاولة مجلس النواب عقد جلسة في الزنتان “تهدف إلى تحقيق مكاسب سياسية وتحمل رسائل إلى الخارج، معتمداً على أن للمدينة تمثيلاً وحضوراً قويين داخل المجلس وحكومته المكلفة في الشرق، وهناك مساندة من تشكيلات مسلحة داخل المدينة على رأسها مجموعات جويلي، لكن هذه الخطوة قد تجر المدينة إلى حرب، فالدبيبة في المقابل يعتبر أن الزنتان ضمن الإطار الجغرافي التابع لحكومته، ولديه قاعدة جماهيرية في داخلها لا يستهان بها، ووزير داخليته عماد الطرابلسي ابن المدينة، كما تقع بالقرب منها قاعدة الوطنية العسكرية التي تتمركز فيها القوات التركية”. وشدد العتامنة على ضرورة تجنب أن تدفع الزنتان وسكانها ضريبة صراع النفوذ، محذراً من أن ليبيا وضعها حرج وباتت على شفا حفرة من الانهيار السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وبالتالي يجب ذهاب كل الأطراف نحو الحلول السلمية وليس تفجير الوضع.

التعليقات معطلة.