صقور السُّنة يتهمون المالكي بتعطيل “العفو العام”: الغضب سيتوسع

2

القضاء يُنقض قرار “الاتحادية”.. والمشهداني يحاول تطويق الأزمة
بغداد/ تميم الحسن
انطلقت تظاهرات في الموصل ضد إيقاف قانون العفو العام، ويتوقع سياسيون سُنّة أن الغضب سيتوسع.
وفي المقابل، تجري محاولة شيعية لـ”تطويق الأزمة”، حيث دعا الإطار التنسيقي إلى اجتماع طارئ لكل القوى السياسية.
ومساء أمس الثلاثاء، فجّرت المحكمة الاتحادية مفاجأة بإيقاف قوانين ما تعرف بـ”السلة الواحدة”، والتي تضم ثلاثة قوانين صُوِّت عليها الشهر الماضي: الأحوال الشخصية، العفو العام، والعقارات.
وظهرت أمس صور على مواقع التواصل الاجتماعي لاحتجاجات في الموصل ضد تعطيل قانون العفو.
وهذه الاحتجاجات هي الأولى منذ 12 عامًا، حيث كانت آخر تظاهرات ضد سياسة نوري المالكي، رئيس الوزراء الأسبق، وجرت قبل عام من انتشار “داعش” سنة 2014.
ويقول مسؤولون شيعة في تصريحات لـ(المدى)، طلبوا عدم الإشارة إلى هويتهم، إن “توقيت إلغاء قانون العفو خاطئ، وقد يثير مشاكل داخلية”.
هذه المجموعة من المسؤولين تتبنى خط الاعتدال، واقتنعت بنصائح إيرانية بعدم إثارة غضب الشركاء.
ويُفترض أن نائب الرئيس الإيراني للشؤون الإستراتيجية، محمد جواد ظريف، بدأ أمس زيارة إلى العراق.
واعتُبر تمرير العفو العام، نهاية كانون الثاني الماضي، جزءًا من “تصحيح العلاقة” مع الشركاء.
وكان السُنّة قد صعّدوا منذ أحداث سوريا الأخيرة ضد الإطار التنسيقي، ودعوا إلى “الإصلاح السياسي” و”تعديل الدستور”.
لكن بالمقابل، يبدو أن الإطار التنسيقي الشيعي منقسم، مع “غضب” عمار الحكيم بسبب ازمة محافظ ذي قار، وسيطرة نوري المالكي، بحسب سياسي سُنّي.
وفي وقت لاحق على قرار المحكمة الاتحادية، أصدر مجلس القضاء تعليقا على الاخيرة، مفاده بان “لا يجوز إيقاف تنفيذ القانون الذي يتم تشريعه من قبل مجلس النواب قبل نشره في الجريدة الرسمية”.
وقال في بيان أن “المحاكم ملزمة بتطبيق قانون العفو العام المصوت عليه من قبل مجلس النواب العراقي بتاريخ (21 /1 /2025) وأن المادة (129) من الدستور منعت تعطيل تنفيذ القوانين ما دام لم يصدر قرار بات بعدم دستوريتها أو إلغاءها من الجهة التي أصدرتها”.
بالمقابل تداولت وسائل إعلام محلية أنباءً عن طلب الإطار التنسيقي عقد اجتماع للقوى الحاكمة، المعروف بـ”ائتلاف إدارة الدولة”، يوم السبت المقبل في القصر الحكومي.
ويضم “الائتلاف” جميع القوى السياسية التي شاركت في تشكيل حكومة محمد السوداني عام 2022.
المشهداني يتحرك
وفي الأثناء، أكد رئيس مجلس النواب، محمود المشهداني، أن “الجميع ملزم بالقرارات القضائية وما يصدر عن المحكمة الاتحادية”.
وجاء ذلك بعد زيارة المشهداني إلى مبنى المحكمة الاتحادية العليا ولقائه برئيس المحكمة، جاسم العميري، بعد ساعات من قرار إيقاف القوانين الثلاثة.
وأضاف المشهداني في بيان أنه “تم التباحث حول ملف تشريع القوانين ضمن الأطر القانونية والدستورية”.
وأفادت وثيقة صادرة عن المحكمة الاتحادية أن إيقاف القوانين الثلاثة جاء بعد أن “تقدّم 10 نواب بدعاوى طلبوا فيها إصدار أمر ولائي بإيقاف تنفيذ القوانين، بدعوى عدم سلامة إجراءات التصويت خلال جلسة مجلس النواب التي شهدت التصويت على القوانين الثلاثة بتاريخ 21/1/2025”.
ورحبت “جبهة نواب الوسط والجنوب”، التي يُعتقد أن النواب المعترضين ضمن هذه المجموعة، بقرار المحكمة الاتحادية.
ورفضت الجبهة في بيان “التصريحات والبيانات الانفعالية وغير المسؤولة الصادرة عن بعض الجهات والشخصيات السياسية والنيابية، لما تضمنته من إساءات واضحة واعتراضات غير مبررة على قرار المحكمة”.
وفي وقت لاحق، أعلن أكثر من نائب، بينهم هادي السلامي، وهو عضو الجبهة، تقديم طلب إلى القضاء لإقالة محافظين في المناطق السُنّية، اعترضوا على إلغاء “العفو العام”.
وفي 22 كانون الثاني الماضي، أعلن نواب من الجبهة ذاتها أنهم قدّموا طعنًا إلى المحكمة الاتحادية بسبب إجراءات جلسة تمرير القوانين الثلاثة.
وأحدث رئيس المجلس، محمود المشهداني، جلبة واسعة في جلسة يوم 21 كانون الثاني، بعدما مرر “على عجل” ثلاثة قوانين خلافية دون قراءة البنود الإضافية والتعديلات.
وأعلن الإطار التنسيقي، بعد صدور قرار المحكمة الاتحادية، دعمه للقرار القاضي بإيقاف تنفيذ القوانين “الجدلية”.
وقال الإطار في بيان إنه يدعم المحكمة في القرارات “التي مُررت خلال جلسة مجلس النواب المنعقدة بتاريخ 21 كانون الثاني/ يناير الماضي، بوصفه حقًا دستوريًا للمحكمة ومسارًا قانونيًا متاحًا ضمن العملية الديمقراطية، كما أن الأمر الولائي لا يعني بأي حال من الأحوال الدخول في أصل الحق أو إعطاء رأي مسبق بالدعاوى المقامة”.
وأضاف: “يستغرب الإطار التنسيقي الهجمة ضد المحكمة الاتحادية، في محاولةٍ للنيل من سمعتها والسعي لسلب حقها الدستوري في الرقابة على دستورية القوانين”.
وعقب صدور الأمر الولائي من المحكمة الاتحادية العليا، أصدر كل من رئيس مجلس النواب السابق، محمد الحلبوسي، وتحالف السيادة بزعامة خميس الخنجر، والأمين العام للمشروع الوطني العراقي، جمال الضاري، ونائب رئيس مجلس الوزراء وزير التخطيط، محمد علي تميم الجبوري، ورئيس لجنة النفط والغاز والثروات الطبيعية في البرلمان العراقي، هيبت الحلبوسي، بيانات استنكار لقرار المحكمة الاتحادية واتهموها بأنها “مُسَيّسة”.
كما أعلنت الحكومات المحلية في محافظات نينوى، الأنبار، وصلاح الدين عن تعطيل الدوام الرسمي يوم غد الأربعاء، احتجاجًا على قرار المحكمة الاتحادية.
صفقة خسارة!
يقول مشعان الجبوري، النائب السُنّي المثير للجدل، إن “الدولة العميقة” لا تزال فوق كل السلطات في العراق، تعليقًا على إجراءات المحكمة الاتحادية.
وكتب الجبوري سلسلة تغريدات على “إكس”، انتقد فيها السياسيين السُنّة الذين يطلقون على أنفسهم “ألقاب قيادة”، بينما يلتزمون “الصمت المُطبق” في القضايا المصيرية مثل قضية العفو العام.
واتهم الجبوري نوري المالكي بأنه وراء إيقاف قانون “العفو العام”، بعد أن أعلن الأخير في مؤتمر عشائري أن القانون “لن يمر”، وذلك قبل يومين فقط من قرار المحكمة.
وكان المالكي قد شنّ هجومًا على “العفو العام”، واعتبره ضمن “مؤامرة” لإخراج الإرهابيين وعودة البعثيين.
وكانت صفقة القوانين الثلاثة قد وضعت الأحوال الشخصية للشيعة مقابل العفو العام للسُنّة، وقانون إعادة العقارات للكرد.
وتخشى أطراف سُنّية أن تخرج خاسرة من الصفقة، كما حدث في مرات سابقة، حيث رفض الشيعة تنفيذ الاتفاقيات بعد تشكيل كل حكومة.
ويقول أثيل النجيفي، وهو قيادي سُنّي، إن “من الواضح أن هناك احتقانًا سُنّيًا كبيرًا، وقد وجد هذا الاحتقان متنفسًا له في الإجراءات المتعلقة بقانون العفو العام”.
النجيفي، وهو شقيق أسامة النجيفي، رئيس البرلمان الأسبق، رجّح في حديث مع (المدى) أن هذا الاحتقان “سينمو كثيرًا إذا لم تجد الأطراف الشيعية قدرة سياسية على احتوائه”.
وأضاف أن اعتراض السُنّة “لا يقتصر على قانون العفو العام، بل يتعلق بجملة الوضع السُنّي، وقد شكّل القانون نقطة ضاغطة”.
واعتبر الشيعة، بعد صدور قرار المحكمة، أنهم متضررون أيضًا من إيقاف “العفو العام”، لأنه يشمل أبناء الجنوب من المتعاطين للمخدرات، بحسب النائب عن دولة القانون، عارف الحمامي.
وعلّق القيادي في حزب “تقدم”، عبدالله الجغيفي، على وقف تنفيذ العفو العام من قبل الاتحادية، قائلًا: “المالكي يأمر والاتحادية تنفذ”.
ويقول القانوني أحمد العبادي إن “الأمر الولائي ليس نهائيًا، وهو إيقاف مؤقت للقوانين الثلاثة”.

التعليقات معطلة.