صناعة الخوف وشيطنة المجتمع

1

 
يوسف عبدالله الوابلي
 
الخوف بتعريف بسيط كما ذكر في ويكيبيديا (هو الشعور الناجم عن الخطر أو التهديد المتصور من شيء معين) وهناك خوفاً منطقي طبيعي وهناك خوفاً مرضياً وهذا هو ما سوف أتحدث عنه.
 
الخوف المرضي يكون عبارة عن أوهام آمن بها الشخص بغير وعي نتيجة العديد من التراكمات التربوية والأسرية عن شيء أو أشياء معينه لا وجود لها من الأساس أو ليس لها التأثير المطلق الذي يجعل الإنسان يخاف من الإقدام على فعل شيء أو ترك ذلك الشيء الذي تربى عليه سواء كان ذلك من خلال طرح فكره أو رأي او عمل معين. وقد يكون بشكل أخر خوف زُرع من أشخاص أو منظمات خارجية بشكل ممنهج و منظم لإيهام الناس بأن الإقدام على ذلك الشيء أو ترك شيء معين سوف تكون كارثه لا تُحمد عقباها، لأن زرع ذلك الخوف هو شرعنة لوجودهم وسيطرتهم على الأخرين وإبطائهم عجلة التطور والتقدم.
 
دعونا نأخذ مثالا بسيطا، عندما أقر مجلس الوزراء الموقر تنظيم عمل الهيئة الجديد ,, سبق ذلك بث شائعات في المجتمع وتخويفهم بأن تنظيم عمل الهيئة هو بداية انهيار المجتمع بل وصل الأمر إيحائهم للناس بأنه سوف يظهر لنا نوعاً من الشباب سوف يقومون بتعرية النساء في الشوارع والهجوم عليهن.. وكل ما بُث من شائعات تخويفية لم تحصل، بل الجميل أن الأمن وبكل احترافية أصبح مسانداً لجهاز الهيئة بعد التنظيم الجديد لحفظ الأمن و التصدى للتجاوزات الفردية وهو أمر طبيعي في أي مجتمع لكن لم يحصل الشيء المزعج مثلما وصفوه للناس ولن يحصل كذلك بمشيئة الله لعدة أسباب منها أن الأمن السعودي مُسيطر تماماً وثانياً وهو الأهم أن الغالبية من أفراد المجتمع السعودي هو بطبيعته متدين تديناً فطرياً لا يُقبِل على تلك التجاوزات ولا يقبلها ولو تم قياس التجاوزات بالمقارنة مع عدد سكان السعودية لا تُعتبر ذلك ظاهرة، فما حصل هو تنظيم لأداء جهاز حكومي مثله مثل أي جهاز حكومي أخر ولم يكن بالصورة التي صوروها للناس أنه تقويض لشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
 
من الأمثلة على شيطنة المجتمع، سابقاً كان الحديث عن ممارسة المرأة للرياضة أو حضورها للمناسبات والاحتفالات الفنية و الرياضية ضرب من الإثم وكان هناك تشويه ممنهج، لكن بعدما صدر القرار بالسماح لحضور العوائل المباريات في الملاعب السعودية والتصريح للنوادي الرياضية النسائية الخاصة وبعد تنظيم الحفلات الغنائية النسائية تم كل شيء بكل يسر وسهولة وحضرت العوائل المباريات الزوج مع زوجته والأب مع بناته بكل سعادة وحضرت الناس الحفلات الغنائية الخاصة بهن بكل فرح و اطمئنان وعاد الجميع لمنازلهم، ولم يحصل مما شيء مما قالوه من أن الشباب ذئاب بشرية جاهزة للإغارة على فريستهم بأي لحظة. وكذلك سوف تقود المرأة سيارتها بكل أمن وأمان ولن يحصل شيء مما ذكر من نسج خيالهم الغير سوي، من يشيطنون المجتمع فئتين،، إما فئة تريد أن تشرعن وجودها وتبقى هي المسيطرة على الذهن الجمعي السعودي وثبت بعد التقصي أن كثيراً من عمليات الشيطنة صدرت من دول يغيضها تقدم المجتمع السعودي وهذه لها مآرب أخرى، وفئة أخرى لديها مشكلة تربوية في الأساس لا يرون الأصل في المجتمعات هو النقاء بل يرون أن الأصل في المجتمعات هو الفساد، والفئة الأخيرة هي التي تحتاج للعلاج لأن مرضهم يمتد لأسرهم وعوائلهم فتخيل معي كم أسرة حُرمت من شيء مباح بسبب فكرة مشوهة ما انزل الله بها من سلطان آمن بها الأب أو الزوج أو الأخ.
 
أشياء كثيرة جداً يخافها الشخص والمجتمع بشكل غير منطقي ولكن بسبب رأي معارض لا يرى الإباحة أو وجوب العمل فيها أصبحت خاطئة و آمن بخطئها ممن جعلوا عقولهم رهينة للفكر الجمعي، ولكن لو طرحها الشخص بينه وبين نفسه وقام بتحليلها بشكل منطقي وعقلاني لما وجد لها أي داع أو مسوغ لبقاء تلك الفكرة في عقله وأنها غرست في اللاوعي حتى يتم السيطرة على تصرفاته وبالتالي ينعكس ذلك على الحياة الشخصية والأسرية بشكل عام. ويجب علينا أن نكون أكثر حذراً مما يُطرح والذي يظهر عادة بشكل إشاعة صغيرة وتكبر وتنهي على شكل معتقد كامل الأركان.
 
بالفعل عام 2017 م كان عاماً إستثنائياً جميلاً بالمشهد السعودي، ضبطت فيه القيادة السعودية المجتمع وصلة المجتمع وإيقاعه الجميل كأي مجتمع أخر في الدنيا.

التعليقات معطلة.