ضربة امريكية مرشّحة ضدّ طهران من دون صواريخ !

1

رائد عمر

بعدَ أنْ ضَعُفَ وفترَ احتمال قيام ايران بتوجيه ردٍ انتقاميٍ عنيف ضد مصالح امريكية او اسرائيلية وربما سواها , جرّاء اغتيال عالمها النووي محسن فخري زادة , وبلغ ذلك الفتور الى درجة الحدّ الأدنى , ودونما بلوغ درجة العدم او الصفر , وقد لا يضحى كذلك ! , ثمّ على صعيدٍ إعلاميٍ وإخباريّ كان التفوّق المقابل في احتمال توجيه ضربة عسكرية امريكية ضدّ اهدافٍ مختارة في العمق الأيراني , وقد عزّزَ ذلك التفوّق ” على صعيد وسائل الإعلام على الأقل ” هو مديات الأستعداد والتحشّد الأمريكي في الخليج وسواه , لكنّ حتى الإحتمال هذا لا يدنو من درجة الجزم ويصعب الرهان على حدوثه او عدمه .! , لكنّ مع الإقتراب الزمني لتسنّم جو بايدن موقعه الرئاسي في المكتب البيضاوي في البيت الأبيض , إبتدأت المفاجآت المبكّرة بالظهور لموقف الرئيس الأمريكي الجديد تجاه الأزمة القائمة مع طهران , حيث اعلنَ بايدن مؤخّرا عن عزمه على توسيع طاولة المفاوضات المقررة مع ايران , عبر إشارةٍ تلميحية بإشراك السعودية والإمارات فيها .! , وذلك ما يوحي جليّاً الى تعقيد الموقف الإيراني وإدخال عناصر اضافية من ابرزها ملفّات التسليح والنفوذ الأقليمي والوضع المتوتّر في مضيق هرمز , فضلاً عن الموضوع الأساس المتعلّق بالبرنامج النووي الإيراني .

خطّة الرئيس بايدن هذه سرعانَ ما كانت لها اصداء مدويّة وسريعة الأنتشار خارج حدود الولايات المتحدة , حيثُ على الطرف الآخر من الأطلسي , بادرَ وزير الخارجية الألماني ” هايكو ماس – Heiko Maas ” بالإعلان المسبق عن موت الإتفاق النووي لعام 2015 ! وضرورة العودة الى طاولة المفاوضات لصياغة اتفاق جديد على ان يشمل برنامج ايران الصاروخي ” وفقاً للسيد مايس الألماني ” .! , وهنا وبقدر ما يمكن تفسير هذه النقطة بالعودة الى نقطة الصفر , لكنّ هذا التصريح بحدّ ذاته يشكّل تخلّياً عن الموقف الأوربي طوال السنين الماضية حول ضرورة الإلتزام بالإتفاق النووي وما يرتبط به من اعتباراتٍ وحسابات , ممّا صار يعطي معنىً ستراتيجياً جديداً بدفع المشهد القائم الى جولة تفاوضية جديدة اكثر بكثيرٍ من مجرّد العودة الى الأتفاق النووي السابق .

في الإعلام , لم نشهد تصريحاً مماثلاً من ايٍ من الدول الأوربية الأخرى , ولا توجد دلائل قاطعة بأن الوزير الألماني قد ادلى بتصريحه هذا بعد مشاوراتٍ مع نظرائه الأوربيين او بعضهم على الأقل . وبهذا الصدد لا يمكن التكهّن بالموقف او ردّ الفعل الإيراني تجاه هذه التطورات , وهو أمرٌ سابقٌ لأوانه ايضا , ويبقى الوضع الراهن معلّقاً الى ما بعد مباشرة الرئيس بايدن لمهام عمله , ولفترةٍ قد لا تغدو قصيرة .

منْ جانبٍ آخر , وبعيداً عن هذه المجريات التي قد تتأخّر مضاعفاتها , فإنَّ قرار البرلمان الأيراني الأخير بمنع التفتيش الأممي في المنشآت النووية وبما أكّده تقرير الوكالة الدولية عن عزم طهران على تركيب اجهزة جديدة ومتطورة للطرد المركزي > , بالإضافةِ الى قرارٍ آخر بزيادة تخصيب اليورانيوم بنسبة % 20 , كردٍ على اغتيال فخري زادة , وهذا ما عارضه الرئيس روحاني , بإعتباره قد يزيد الأزمة تعقيداً .

وبعيداً ايضاً عن الإعتبارات الوطنية الذاتية التي دفعت نواب البرلمان الإيراني لإتخاذ هذه القرارات , فإنّ عموم الرأي العام العالمي يقرأ ويستقرئ هذه القرارات , وكأنَّ اغتيال العالم النووي الإيراني كانَ بقرارٍ عالمي او أممي .! , وما برح الحديث في الأزمة الإيرانية قابلاً للإتّساع النسبي وفقاً لتطورات الأحداث , ومن دون التكهّن بمدى سرعتها .

التعليقات معطلة.