بغداد ــ علي الحسيني، محمد علي
يواصل الرئيس الإيراني حسن روحاني زيارته الأولى إلى العراق، التي بدأها أمس الاثنين، والمقرر أن تستمر حتى غد الأربعاء، وسط تأكيد مسؤول عراقي رفيع في بغداد مواكب للزيارة، أنّ الرئيس الإيراني أوصل رسالة واضحة للمسؤولين العراقيين بضرورة تسريع إخراج القوات الأميركية.
وبحسب المسؤول نفسه، الذي تحدث طالباً عدم الكشف عن اسمه، فإنّ زيارة روحاني للعراق تأتي للتوقيع على ما تم التفاهم عليه من اتفاقيات سابقة بين الجانبين، لافتاً إلى أنّه “أبلغ العراقيين بشكل واضح أن وجود الأميركيين في العراق خطر على أمن إيران وعليهم الاستعجال في إنهاء هذا الخطر”. وأكد أنّ “روحاني أوصل كذلك رسائل لمسؤولي إقليم كردستان العراق في هذا الإطار، واعتبر تواجد الأميركيين في الإقليم يشكّل خطورة على بلاده، أكثر من تواجدهم في مناطق العراق الأخرى كالأنبار وبغداد ونينوى”.
“
أبلغ روحاني العراقيين بوضوح أن وجود الأميركيين في العراق خطر على أمن بلاده، وعليهم الاستعجال في إنهاء هذا الخطر
“
ووفقاً للمسؤول نفسه، الذي شارك الرئيس العراقي، برهم صالح، في مراسم استقبال روحاني، فإنّ باقي الملفات التي يبحثها روحاني خلال زياته “تعتبر ثانوية أمام ملف الوجود الأميركي”، مؤكداً أنّ قلق الإيرانيين من هذا الموضوع “واضح، وبدا أنهم غير مقتنعين بفاعلية الزعامات السياسية العراقية في ملف الضغط لإخراج الجيش الأميركي من العراق”.
وقد انعكس جزء من القلق الإيراني في تصريحات روحاني أمس، إذ قال في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره العراقي إنّ “علاقاتنا مع العراق ليست جديدة، بل تعود إلى آلاف السنين، وهي دينية وثقافية وتاريخية وإقليمية”، مؤكداً “لن نستغني عن علاقاتنا مع العراق، بل نبذل الجهود لتطويرها، فعلاقاتنا لصالح الشعبين”. وأشار روحاني إلى “وجود مجالات واسعة للتعاون المشترك بين العراق وإيران”، لافتاً إلى أنّ “المحادثات جيّدة ولا توجد نقاط خلاف بيننا، ونبذل الجهود لتأمين مصالحنا وتعزيز علاقاتنا مع العراق”. وأوضح “ناقشنا ملفات التجارة، والاستثمارات، والمدن التجارية المشتركة، والمناطق الحدودية المشتركة، والزوار (المقامات الدينية الشيعية)، والطاقة والغاز، والبترول والمصارف، والطرق والسكك الحديدية والممرات المائية البيئة”، مضيفاً “كما ناقشنا القضايا السياسية الإقليمية والدولية”. وتابع روحاني “كنّا بجانب العراق وجيشه خلال الأيام الصعبة التي مرّت عليه، ونريد أن نكون بجانبه اليوم لتوفير أرضية لنستقبل الآخرين ليكونوا معنا”، مضيفاً “الذي يهمنا هو أمن العراق والديمقراطية التي نراها فيه، وللعراق دور كبير في تأمين الاستقرار في المنطقة”.
بدوره، قال الرئيس العراقي، برهم صالح، خلال المؤتمر “يجب أن ننتقل بالعلاقات بين العراق وإيران إلى فضاء أرحب”، واصفاً بلده بأنه “محظوظ بجيرانه”. وأضاف أنّ “العراق يشكّل اليوم الملتقى بين دول المنطقة”، داعياً إلى “خلق منظومة متكاملة من المصالح المشتركة”.
في موازاة ذلك، كانت تصريحات السفير الإيراني في بغداد، إيرج مسجدي، أكثر وضوحاً في ما يتعلق بالهواجس الإيرانية، إذ قال إنّ الولايات المتحدة الأميركية تمارس ضغوطاً شديدة على الحكومة العراقية لمواكبة الحظر الإيراني والعقوبات المفروضة على بلاده، مشيراً إلى أنّ “المسؤولين العراقيين رفضوا هذه الضغوط”. وأوضح مسجدي في تصريحات لوكالة أنباء “فارس” الإيرانية، أنّه “في مثل هذه الظروف تكتسب زيارة روحاني إلى العراق أهمية ومعنى ومفهوماً خاصا”، مضيفاً أنّ “العراق كان طوال عشرات الأعوام يشكّل أكبر تهديد أمني لإيران، لكنّه تحوّل اليوم إلى حليف استراتيجي وصديق يمكن الركون إليه، وتحولت الحدود بين البلدين إلى حدود صداقة وتعاون واستقرار”.