ضغوط اقتصادية متزايدة على ترامب بعد الانتكاسات الانتخابية

6

جيمس بوليتي
في اليوم التالي للانتكاسات القاسية التي مُني بها الجمهوريون في الانتخابات المحلية وانتخابات الولايات، تظاهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالشجاعة في الساحة الرياضية والترفيهية الرئيسية بوسط مدينة ميامي، وقال أمام الحضور من رجال الأعمال والمستثمرين.

 

بالإضافة إلى صهره جاريد كوشنر، ومبعوثه الخاص ستيف ويتكوف: «لدينا اقتصاد في أفضل حالاته حالياً. الكثير من الناس لا يدركون ذلك».

وأشاد ترامب بالارتفاعات القياسية التي حققها سوق الأسهم الأمريكية، والنمو القوي، وانتشار «منشآت الذكاء الاصطناعي» في جميع أنحاء البلاد. كما أعلن أن «الأسعار تنخفض بسرعة كبيرة» – على الرغم من أن مؤشر أسعار المستهلك السنوي سجل نسبة 3%.

 

وفقاً لأحدث البيانات الشهرية لشهر سبتمبر، وهو المعدل نفس الذي كان عليه عندما تولى منصبه في يناير. وقال: «أقول للجمهوريين: إذا كنتم تريدون الفوز في الانتخابات، فعليكم تسليط الضوء على هذه الحقائق».

إن هذا التباهي بعد نتائج الانتخابات في نيويورك ونيوجيرسي وفيرجينيا – حيث أدت مخاوف ارتفاع تكلفة المعيشة إلى فوز الديمقراطيين زهران ممداني وأبيجيل سبانبرغر وميكي شيريل بانتصارات حاسمة – يُخفي الضغوط التي يتعرض لها ترامب للرد على الأسئلة حول قدرة الأمريكيين على تحمل التكاليف بعد عودته إلى البيت الأبيض مستندا إلى وعد بكبح التضخم.

 

وقال كيفن مادن، الشريك الأول في مجموعة بنتا والمستشار السابق لحملة ميت رومني الرئاسية لعام 2012: «الدرس الرئيسي عام 2025 هو نفسه الدرس الذي تعلمناه في عام 2024، وهو أن القدرة على تحمل التكاليف تُثير مخاوف الكثير من الناخبين».

 

وأضاف: «لقد عاد التشاؤم الاقتصادي، بعد فترة وجيزة من التفاؤل عقب فوز ترامب».

 

يصر مسؤولو البيت الأبيض على أن الرئيس ترامب يركز دائماً على الاقتصاد، لكن منذ يناير، بات السعي لمعالجة ارتفاع التكاليف ضائعاً وسط أجندة ترامب الواسعة والصارمة في ولايته الثانية، إلى جانب أولويات أخرى عديدة، بدءاً من حملات مكافحة الهجرة والجريمة في الداخل.

 

وصولاً إلى مفاوضات تجارية نشيطة، وجهود دبلوماسية لصياغة اتفاقيات سلام في غزة وأوكرانيا، وخطة إنقاذ للأرجنتين بقيمة 20 مليار دولار، لذلك كتب جيه دي فانس، نائب الرئيس، على موقع «إكس» الأربعاء الماضي في رسالة لافتة: «علينا التركيز على الجبهة الداخلية».

وأضاف: «سنواصل العمل من أجل حياة كريمة في متناول اليد في هذا البلد، وهذا هو المعيار الذي سيحكم به على به أدائنا عام 2026 وما بعده»، ملمحاً إلى انتخابات العام المقبل والترشيح لانتخابات عام 2028، والتي يرجح ترشحه فيها.

 

لكن يبدو أن الديمقراطيين اقتنصوا الفرصة في مواجهتهم لترامب والجمهوريين من خلال التركيز بقوة على مخاوف الناخبين المتصاعدة من تأثيرات ارتفاع تكاليف المعيشة.

 

وقال جوليان زيليزر، أستاذ تاريخ السياسي في جامعة برينستون: «يعاني الناس بسبب الاقتصاد، والديمقراطيون، الذين حققوا نجاحات ضخمة في هذه الانتخابات، يعدون بمعالجة هذه المخاوف الأساسية للكثيرين». وأضاف: «إنهم يعتبرون الاقتصاد مصدر رزقهم ومفتاحهم الرئيسي إذا ما أرادوا العثور على الطريق الصحيح للعودة إلى السلطة».

 

إن فكرة أن الديمقراطيين لديهم حلول أفضل للتضخم من لديه تُثير حفيظة ترامب، الذي يشير باستمرار إلى سجل الرئيس السابق جو بايدن الفاشل في مجال الأسعار، والذي شهد ارتفاعاً حاداً في مؤشر أسعار المستهلك السنوي فوق 9% لفترة وجيزة في عام 2022.

 

وصرح ترامب لشبكة فوكس نيوز في مقابلة الأربعاء الماضي: «عندما توليت المنصب، كان الوضع كارثياً، لقد خفضت التضخم بشكل كبير. الآن، وصل إلى مستوى طبيعي، بل أقل من المعدل الطبيعي».

 

وقال ترامب ذلك رغم أن التضخم لا يزال عالقاً عند 3%، وهو أعلى بكثير من هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2% – كما أن هذا المستوى يسبب صعوبات كبيرة لمجموعة واسعة من الأسر ذات الدخل المنخفض والمتوسط.

 

ووفقاً لجمعية السيارات الأمريكية، يبلغ متوسط سعر جالون البنزين 3.08 دولارات، أي أقل بثلاثة سنتات فقط عن العام الماضي، وقد ركز ترامب على سلع بارزة محددة حيث يريد أن يرى انخفاضاً في التكاليف. ويوم الخميس، أعلن عن خطة جديدة لخفض أسعار أدوية السمنة.

 

وخلال الأسابيع القليلة الماضية، تعهد مراراً وتكراراً بالحد من ارتفاع أسعار لحوم الأبقار. كما ضاعف جهوده لحث الاحتياطي الفيدرالي على خفض أسعار الفائدة بهدف تقليص أسعار الرهن العقاري بشكل أكبر.

والتي انخفضت من حوالي 7% في يناير إلى 6.2% للقروض الثابتة لمدة 30 عاماً، بينما الخطر الذي يواجه ترامب يكمن في وقوعه في الفخ السياسي نفسه المتعلق بالتضخم والذي وقع فيه بايدن، لذلك لم يجد حديثه عن انخفاض الأسعار صدى لدى الناخبين.

كذلك جاءت رسالته حول القدرة على تحمل التكاليف في وقت يواصل فيه العمل على بناء قاعة رقص ضخمة في البيت الأبيض، واستضافته حفلة هالوين فخمة على طراز «غاتسبي العظيم» في منتجعه مارالاغو خلال إغلاق حكومي واجه فيه ملايين الأمريكيين الفقراء فقدان مساعداتهم الغذائية.

 

وصرحت إيمي كلوبوشار، عضوة مجلس الشيوخ الديمقراطية عن ولاية مينيسوتا، لشبكة «إم إس إن بي سي»: «إنه يقوم ببناء كل هذه القاعات الرائعة التي يريدها. ويقيم حفلات ضخمة على طراز «غاتسبي العظيم». ويبني كذلك حمامات رخامية، بينما الناس مهمومون عندما ينظرون إلى فاتورة البقالة الخاصة بهم ويدركون مدى ارتفاع تكلفة القهوة أو اللحم البقري».

 

ليس من الواضح ما إذا كان ترامب سيغير مساره في مواجهة هذه الضغوط، فقد ظل جدول أعماله حافلاً بالاجتماعات الدبلوماسية بعد انتخابات الثلاثاء، بما في ذلك عشاء مع زعماء آسيا الوسطى الخميس، واجتماع مع فيكتور أوربان، رئيس وزراء المجر، أمس الجمعة، واجتماع مع الرئيس السوري أحمد الشرع، بعد غدٍ.

 

لكن مارجوري تايلور غرين، عضوة الكونغرس الجمهورية عن ولاية جورجيا، والتي ازدادت انتقاداتها لترامب في الأسابيع الأخيرة، قالت إنها بدأت تلاحظ تحولاً في العمل. وكتبت على «إكس»: «لقد تحدثتُ للتو مع فانس، ويسعدني أن أبلغكم بأنه تجري بالفعل تغييرات على السياسة الداخلية. برأيي يجب أن يكون هذا هو محور تركيزنا الوحيد. – أمريكا!».

التعليقات معطلة.