حسن فليح /محلل سياسي
ان فتيل الحرب العالمية لازال مستعرا في حرب اوكرانيا وروسيا ، وجاءت عملية طوفان الاقصى في اخطر منطقة متنازع عليها بين الكبار لتشعل فتيل طوفان الشرق الاوسط ، ربما العالم يستطيع ان يتجنب الحرب العالمية الثالثة ، ولكنه الان اصبح مؤمناً ان لا يتجنب حرب الشرق الاوسط التي يراها بديلا ومتنفسا متاحا ومقنعا لتفريغ الاحتقان العالمي لجميع الاطراف وقوى الصراع الكبرى ذات النفوذ والهيمنة وبديلا حيويا عن خوض الحرب العالمية الثالثة وتجنب منزلقاتها الكارثية على عالمهم بأسره ، الشرق الاوسط بات ملعبا مُهيئا للتباري والصراع لتقاسم النفوذ الدولي مجددا ورسم السياسات الاقتصادية والامنية وتأمين الممرات البحرية الآمنة لتدفق الطاقة وعدم امكانية تهديد الملاحة وحركة البواخر والسفن مستقبلا ، بالوقت الذي نشاهد فيه ان العالم مستعد ان يخوض حربهُ في منطقتنا وعلى اراضينا وغير مبالي بتضحياتنا البشرية وكوارثها البيئة والتنموية وتحطيم البنى التحتية من جراء تلك الحرب ، وأن الحشود العسكرية الكبيرة الحاصلة الان دليلا حيا وشهادا قويا على قولنا هذا ، في حين هناك حوارا سريا يجري حاليا بين موسكو وكييف لوضع الحلول والتفاهمات لوقف الحرب بينهما تمهيدا لاخذ الصراع في الشرق الاوسط ابعاده النهائية واستعدادا له ، بينما نجد هناك اصرارا وتماديا بالاستمرار بالحرب على غزة ، ونجد كذلك اصرارا امريكيا وبريطانيا على رفض وقف اطلاق النار لحين تحقيق الاهداف المتوخات من الحرب بين حماس واسرائيل حتى تحقيق غاياتها!! ماهي الاهداف التي تريد اسرائيل وامريكا وبريطانيا تحديدا من تحقيقها في تلك الحرب الغير متكافئة وغير العادلة ؟ حددت اسرائيل ثلاثة شروط لتلك الاهداف اولها القضاء على حركة حماس والجهاد الاسلامي ، وتحرير الاسرى ، وتهجير الفلسطينيين ، والخطر يكمن في الشرط الاخير وهو تهجير الفلسطينيين الى اين وكيف يعيشون بعد فقدان ماتبقى من وطنهم وماهي المخططات المعدة لذلك ، ناهيك ان الحديث الان يدور عن اقامة منطقة عازلة في الجنوب اللبناني تمتد بعمق اربعين كيلو مترا داخل الاراضي اللبنانية ولن يتوقف الكلام عند هذا الحد بل التهديد بالقضاء على حزب الله والحوثيين والفصائل المسلحة بالعراق وسوريا ، بالتزامن مع التصريحات الاخيرة من قبل المسؤولين الايرانيين عن تخليهما عن تلك الفصائل استدراكا منهما لتجنب الحرب الشاملة ! ولكن ذلك امرا يتطلب الكثير من التنازلات التي تجعل من النظام في ايران لايستطيع القبول بها والتعايش معها والتي من شأنها ان تنهي بقائه ، ان الاستعدادات العسكرية في البحر الابيض المتوسط والبحر الاحمر ومياه الخليج العربي تأتي لتطويق منطقة التوتر قبل البدء بالحرب عليها وتنظيفها تماما من القوى المسلحة الطارئة التي استطاعت ايران من صناعتها وتمكينها حول المنطقة ، لايمكن لاسرائيل ان تفقد فرصتها وعدم اغتنامها للتجمع العسكري الغربي الكبير المصطف معها الان دون تحقيق اهدافها الكاملة التي تعيد لها ثقة مواطنيها التي تعرضت للاهتزاز العنيف بامنها واستقرارها بالعيش في الوطن السليب ، الا بانتصار حقيقي وفاعل على الارض يكون الاساس النهائي للقضاء على القلق الذي ينتاب المستوطنين اليهود ، حيث لايتحقق ذلك دون خوض حرب كبيرة وشاملة تعيد رسم المنطقة سياسيا وعسكريا واقتصاديا وحتى ثقافيا ليس فقط فيما يخص اسرائيل وامنها بل حسم الصراع الدولي شرق اوسطيا ليصبح العالم امام فرض واقع جديد يكون اكثر امنا واستقرارا على مصالحهم وخاليا من التهديد لهما مستقبلا ، وجعل الشرق الاوسط بلا منازع .