عالم الحلول

1

سمير عطا الله

هذا هو الشرق الأوسط الجديد: بالأرقام، لا بالحروف ترتسم خريطة مستقبل يفوق في واقعيته وحقائقه الخيال والأحلام. رئيس أميركا يعيد تصنيف مواقع الأمم في هذا العالم: السعودية أول الحلفاء بعد «الناتو».

انطلاقاً من هذا الإعلان التاريخي يبدأ الفريقان في ترسيخ الرؤية لعالم أكثر استقراراً، وليس فقط لشرق أكثر ازدهاراً. المستقبل لا يُصنع بتكرار هوائيات الماضي ومكدساته وأكوام الفراغ. جميع الاتفاقات التي وقعت خلال زيارة الأمير محمد بن سلمان، كُتبت بلغة المستقبل. القاطرة تحركت، والقطار للجميع.

هذه المرة الأولى في واشنطن تشرع الأبواب أمام الضيف العربي بمثل هذا الترحاب والتقدير. وهذه المرة الأولى يعلن الفريق العربي حليفاً، وليس مجرد صديق أو رفيق. في مثل هذا الإعلان، حمّلت واشنطن نفسها مسؤوليات والتزامات وأدبيات التحالف، ولم تقتصر مظاهر الاحتفاء على الرئيس الأميركي واعتزازه غير المسبوق بالشريك القادم من بلاد العرب والمسلمين، بل شملت أبرز مراكز القرار في واشنطن من سياسة واقتصاد وعلوم. بمعنى أن تاريخية الحدث لم تكن موقفاً حزبياً، وإنما موقف وطني شامل، وسياسة قومية دائمة.

لم يحدث من قبل أن طرحت قضايا في هذا العمق بين زعيم عربي ورئيس أميركي، ولا في هذه الأبعاد: من الدولة الفلسطينية، إلى الذكاء الاصطناعي، إلى مأساة السودان، إلى الاستثمارات الخيالية.

أليس أمراً نادراً أن يختار رئيس أميركا الضيف الذي يعامله النّد للنّد، على جميع المستويات؟ وألا يتردد لحظة في القول إن أميركا ممتنة للمملكة وليس العكس؟ نشهد نمطاً جديداً في سياسات العالم وليس مجرد شرق أوسط جديد. ثمة مَن يسعى لمسح هذه الكآبة الأزلية عن وجه الأمة الحزين. والأهمية التي تعطيها واشنطن لزيارة الأمير محمد.

آن لنا أنْ نبحث عن فلسطين خارج النواح، وعن النهضة خارج الظلام. الزيارة مفترق هائل في العلاقة مع الدول الكبرى. مَن يريد فلسطين لا يبحث عنها في فنزويلا، ولا في مالي، ولا في بوركينا فاسو. لو كانت هناك لعثرنا عليها منذ سبعين عاماً. لكن حتى الآن، لا نراها إلا على الطرقات. الطريق إلى القدس مروراً بغزة، وجنوب لبنان، وشرقه.

التعليقات معطلة.