مقالات

{عالم الست امريكا}

حسن فليح/محلل سياسي

يذكرني مسلسل عالم الست وهيبة واحداثة المثيرة لشغف المشاهدين هذه الايام ، في بدايات الحياة للمجتمع الامريكي “مجتمع الكابوي” ومجتمع الجريمة والقتل والسرقة ، وان قدرة بعض السياسيين والمتنفذين بالسلطة الان بالعراق أستطاعوا من تكوين العصابات وحماية تجار المخدرات وترويجها بين الناس وانتشار السلاح في مجتمعنا بطريقة غير مألوفة من قبل ، وشهد العراق الكثير من حالات القتل بسب الخلافات على جلب وتهريب المخدرات وارباحها الخيالية ، التي ادت بالنتيجة الى انتشار الفساد واماكن الدعارة والصفقات المشبوهه ، البعيدة عن قيمنا واخلاقنا المعتادة ، وكان اخرها فضيحة ماحصل في جامعة البصرة ومن اغتصاب في جامعة ذي قار تلك الاماكن التي تعلم وتخرج اجيالنا والتي تحضى بالحرمة والقدسية لدى مجتمعنا !!! استطاعت احداث المسلسل من فضح وتعرية الواقع المزري الذي يعيشه شعبنا بفضل السياسيين والقوى المتنفذة ، الامر الذي اثار حفيظة البعض منهم وستيائهم الشديد من عرض المسلسل !! مجتمعنا اليوم يعيش حالة صراع القيم ، منا من يكافح حتى يحافظ ويتماسك امام هذا الكم الهائل من الضغط النفسي والاخلاقي والقيمي والاقتصادي والسياسي الجديد الذي يحاول ان يطرد القيم والاخلاق الاصيلة لدى مجتمعنا المعروف بشرف اخلاقة وعلاقاتة النبيلة ، استطاعت
امريكا ومن تعاون معها من دول اقليمية على بث السموم وتدمير مجتمعنا وبطرق مختلفة ، واهمها تفكيك المجتمع وبتداءاً من الاسرة تلك الوحدة المصغرة التي يتكون منها عموم المجتمع ، واستهداف القيم لها وبتالي يصبح المجتمع بلا قيم ،
ان عالم “الست امريكا” عالم خاص بها وتريد ان تصدره بكل قيمه واخلاقه الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وفرضه بالقوة العسكرية او بالضغط الاقتصادي على جميع المجتمعات بالعالم ، ومنذ احتلالها للعراق ولحد الان حولت العراق الى ميدان للتمرد الاخلاقي والقيمي وتفشي الجريمة بأبشع صورها ان اختراق واستهداف منظومة القيم والأخلاق في العراق كان الهدف الأول للاحتلال الذي كان يعلم تماما أن قوته العسكرية قادرة على احتلال العراق نظرا للفارق الشاسع بين قوته وقوة العراق المنهك من حصار وحروب مدمرة استمرت لعقدين من الزمان أو أكثر، لكن هدفه الأكبر هو كيفية تدمير الإنسان العراقي على وجه التحديد من خلال قتل كل قيمه وأخلاقه وتقاليده التي لطالما كانت ركنا أساسيا من أركان قوته وتصديه للهجمات التي تستهدف وحدته وتماسكها ، لم يكن اختلال منظومة القيم الاجتماعية العراقية بعد 20 عاما من الاحتلال أمرا مفاجئا بل كان نتيجة طبيعية لما حصل للعراق من زلزال عظيم نتيجة احتلاله، لكن الغريب والمثير للدهشة هو الوتيرة المتسارعة للاختلال والتي أسهم فيها بنحو لافت الاحتلال والحكومات التي نصبها والتي كما هو معروف قامت على أسس طائفية وعرقية وفئوية ما أدى إلى صنع منظومة التفكك الوطني الفاعلة بمقاييس الطائفية السياسية والعرقية القومية العلنية والمبطنة ، علما ان ذلك المنهج يُعد من أشد النماذج تخريبا للفكرة الوطنية ومرجعيات التعايش السلمي المشترك لمكونات المجتمع العراقي التي باتت اليوم تُلمس لمس اليد صور الفرز الطائفي القومي والفئوي في كل مرفق من مرافق الدولة والحياة العامة. هذه الحقيقة المرة التي باتت واقعا ملموسا نتعايش معاه في حياتنا اليومية ، ان عالم الست وهيبة يحاكي الواقع العراقي الحالي بكل تفاصيلة ويشكل التعرية الفاضحة و يجسد الرفض الشعبي لتكريس وتجذير عالم “الست امريكا” ومن يتعاون معها على تدمير مجتمعنا العظيم .