“عام الإنجازات” أمام تحدّيات ميدانيّة… هل تفكّ مشاريع السوداني خناق بغداد؟

1

السوداني خلال تفقده أحد مشاريع توسعة الطرق في بغداد.


بداية العام الجاري أطلق رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني شعار “عام الإنجازات” الذي يتضمن افتتاح مشاريع عدة، منها جسور وطرق، فضلاً عن بناء فنادق سياحية ومجمعات سكنية خارج العاصمة بغداد، لكن ثمة من يطرح ملاحظات بشأن عدم أخذ بعض المشاريع في الاعتبار المشاكل المرورية التي تفاقمت في أنحاء عدة من المدينة.
وقد افتتح السوداني خلال الأيام الأخيرة جسوراً وطرقاً حيوية في محاولة لتخفيف الازدحامات المرورية التي تشهدها العاصمة منذ سنوات، وكان آخرها يوم أمس السبت، افتتاح جسر تقاطع كلية الفنون الجميلة الذي أطلق عليه اسم الفنان التشكيلي الراحل فائق حسن.  ويقول المتحدث باسم الحكومة العراقية الدكتور باسم العوادي لـ”النهار العربي” إن “رئيس الوزراء يشرف بنفسه على مشاريع إعادة إعمار العراق باعتباره رئيساً لمجلس الوزراء، ورئيساً للهيئة التنسيقية العليا بين المحافظات، وهو يتابع من خلال اللقاءات والإحاطات والمخاطبات كل اللجان التي شكلت لإعمار العراق، وبالتالي فهو من أشرف على تصميم وتوجيه أغلب القطاعات الخدمية. من هنا فهو يعرف بالتفاصيل البرامج والخطط حسب جداول إطلاقها أو تنفيذها أو الانتهاء منها خلال العامين الجاري والمقبل، لذلك أطلق تسمية عام الإنجازات على عام 2024”. “بنى تحتية متكاملة”وستشمل الإنجازات، حسب حديثه، بنى تحتية متكاملة في عشرات المدن، من طرق وجسور ومدارس ومستوصفات ومستشفيات تبدأ من سعة 100 سرير إلى حدود 600، إضافة إلى تأهيل وتبليط شوارع وأرصفة، ومشاريع للمجاري والمياه ومحطات كهرباء وملاعب، ناهيك عن مصانع القطاع الخاص المختلفة مع نهضة نوعية في قطاع السياحة والفنادق والمتنزهات.

 ويوضح العبودي أنه “لكل من هذه المشاريع خريطة طريق من خلال الوزارة المعنية أو المحافظة ومؤسساتها مع المتابعة الدورية من رئيس الوزراء مع كل المؤسسات ذات الاختصاص”.
أما في ما يتعلق بالعاصمة بغداد، فقد صارت من أكثر العواصم ازدحاماً بالسكان الذين يقترب عددهم من 9 ملايين، وعدد سيارات يفوق 4 ملايين سيارة. ولم يحصل في العاصمة بغداد أي تطوير عمراني حقيقي منذ منتصف الثمانينات. وتزامناً مع المشاريع الجاري تنفيذها، برزت قضية الاختناقات المرورية التي تعوّق حركة الناس وتسبب تذمراً شعبياً واسعاً، لذلك انطلقت حملة فك الاختناقات المرورية في منتصف العام الماضي، ورتبت على شكل حزم حسب الأولوية السكانية ودرجة الازدحام، إذ أطلقت الحزمة الأولى بعشرات المشاريع (تقاطعات، مجسرات، أنفاق، جسور) وبمعدلات زمنية من 6 أشهر إلى سنتين حداً أقصى لأصعب المشاريع. وسيتم افتتاح مشاريع الحزمة الأولى تباعاً هذه السنة وابتداءً من الشهر المقبل، يضاف إلى ذلك المشاريع الكبيرة والاستراتيجية، ومنها الطريق الحلقي الذي يدور حول كل العاصمة بغداد وتتفرع منه طرق فرعية لكل الأحياء الكبيرة المجاورة. حملة “بغداد أجمل”ويتطرق العوادي إلى حملة “بغداد أجمل” التي “وضعت أساس المحافظة على جمالية العاصمة وتناسق طرازها، مع ما تقوم به مهمات الجهد الخدمي والهندسي من حملات تطرير للأحياء الفقيرة والتي لم يصلها الاهتمام منذ أربعة عقود”.
وتشدد حكومة السوداني على “مضي منهج الإعمار والبناء والنهوض بالبنى التحتية”، حسب بيان حكومي ورد فيه أنه “لا تراجع في ملف الخدمات”، مؤكداً العمل في مشروع جسر جديد متعدد المسارات على نهر دجلة في منطقة الجادرية، يربط بين ضفتي النهر، وتوسعة طريق أبو نواس، ضمن الحزمة الأولى لمشاريع فكّ الاختناقات المرورية التي أقرت للعاصمة بغداد. 

قلق من المحاصصةويقول المراقب السياسي علي الشعلان إن “إنشاء الجسور والطرق وبناء المجمعات السكنية وتوفير الخدمات استحقاق شعبي ولا يمكن أن تدرج ضمن الاستثمار السياسي”، لافتاً لـ”النهار العربي” إلى أنه “مع ذلك تواجه عجلة الإعمار والإنجازات التي رفعتها الحكومة خلال العام الجاري تحديات تتعلق بتغلغل المحاصصة والجهات السياسية الأخرى، وهذه مشكلة كبيرة تواجهها”.
وفي أوقات الصباح والظهيرة تحديداً، تشهد العاصمة بغداد التي تبلغ مساحتها 5169 كلم وتضم نحو 8 ملايين ونصف مليون نسمة، اكتظاظاً مرورياً خانقاً، مع قلة عدد الطرق المعبدة والأنفاق والجسور. ويتحدث خبير الطرق والجسور عبد الله الأوسي عن “أسباب عدة وراء مشكلة بغداد المرورية وأولها اقتصادية”، موضحاً لـ”النهار العربي” أن “الحل الأول لفك الاختناق المروري هو إنشاء مدن سكانية خارج العاصمة بغداد، وهذا يمكن من خلاله أن يقلل الزخم في الطرق، وثانياً أن بغداد ذات العدد السكاني الكبير تعتبر بالنسبة لسكان المحافظات الأخرى مركزاً تجارياً واقتصادياً مهماً، وبالتالي يجدون فيها فرص العمل”. 

 أما الرأي الثالث فيقول إنه “في بغداد لا خطوط نقل عامة، ما فاقم المشكلة المرورية، بالإضافة إلى أن مساحة العاصمة مصممة بطريقة ضيقة وقديمة، كما أن التربة لا تساعد في إنشاء أنفاق ولا حتى مترو، كما يتداول أن تربتها رسوبية وليست صخرية”، مشيراً إلى أن “لا حل لفك الاختناقات إلا بإنشاء مجمعات سكنية خارج العاصمة وتوفير فرص عمل لسكان المحافظات”.
وفي مقابلات لمراسل “النهار العربي” مع سائقي سيارات أجرة وعدد من المواطنين، استمعنا من جهة إلى شكاوى وامتعاض جراء الازدحامات الخانقة بسبب المشاريع، وثمة من قال، من جهة أخرى، إنه مستعدّ لتحمّل هذه الاختناقات المرورية إذا كانت ثمة ضمانات بانتهاء المشاريع في مواعيدها وتحقيقها نتائج جذرية في حلّ أزمة الطرق.

التعليقات معطلة.