مشاري الذايدي
صحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية».
أمام جمع من الأطفال الصغار، قامت المُعلّمة أو «الميس» فدوى مواهب، تلقي مواعظَها وليس دروسها، ومن هذه المواعظ أنَّ ارتداءَ الطفلة الصغيرة لـ«شورت» أمام والديها وأهلها، حرام، حتى لو كانت أمها فقط… نظرت إلى الأطفال وقالت لهم بالإنجليزية surprise مع ابتسامة غامضة.
هذا ليس مشهداً تمثيلياً في فيديو كليب أو إعلان تلفزيوني، من الأشياء التي كانت السيدة فدوى أبو المواهب أو فدوى مواهب تعملها أيام كانت تُخرج الأغاني المصوّرة للفنّانين، والإعلانات التجارية.
لا… بل هذا درس تلقيه السيدة مواهب على مجموعة من طلبة صغار، في مدارس يرتادها بعض أبناء الطبقات المادية المرتاحة.
ليس هذا وحسب، بل تقول لهؤلاء الأطفال بطريقة مسرحية، إنَّه يجب عليهم إغلاق شبابيك منازلهم قبل الغروب، لأنَّ الشياطين «بتجري» في الشوارع، فأي مكان مفتوح «حتخش فيه على طول».
لك أن تتصوَّرَ الخيالات المرعبة التي تغزو الأطفال بعدها قبل وأثناء النوم، وكأنَّهم في داخل فيلم رعب هوليوودي.
المحامية والحقوقية المصرية نهاد أبو القمصان أعلنت، أمس الاثنين، عن قبول النائب العام المصري، البلاغ المقدّم من طرفها ضد فدوى مواهب، بدعوى الإساءة للأطفال وتحريضهم على كراهية أسرهم والخوف من آبائهم وأهلهم، بكلامها، عن ارتداء الطفلة للشورت أمام والديها. وأكَّدت أنَّ الدعوى قيد الفحص بمحكمة جنوب القاهرة الكلية.
وكتبت أبو القمصان عبر صفحتها على «فيسبوك» أنَّ شعورَ الفتيات بعدم الأمان داخل المنزل هو أمرٌ كبير يستدعي تدخلاً قانونياً، واعتبرت ما سمّته «خطاب التخويف» هو أساس التجنيد السياسي للجماعات المتطرفة.
هذه السيدة – فدوى – لا علاقة لها بالفقه والفتوى ودقائق العلوم، هي تعتمد الثقافة السماعية الشفوية، والله أعلم من أين تستقي هذه «المواهب» العلمية والاجتماعية.
غير أنَّ الخطير في الموضوع، أنَّها بسلوكها هذا، تُجدّد – تعرف أو تجهل ذلك «موش مهم» – سيرة الدعاة الجُدد، الذين نبعوا بشكل جوهري من مصر والكويت، مثل عمرو خالد وطارق السويدان، وتلاميذهم بعدهم، باعتماد أسلوب «عصري» ممزوج بشيء من الرطانة الإنجليزية، لترويج «ثقافة» و«ذوق» «الإخوان» وأنصارهم.
هذه التصرفات، اعتدنا عليها من «الإخوان»، وأشباه «الإخوان»، في لحظات الكمون، وأيضاً هناك مشروع سابق ولاحق لاستهداف أبناء الطبقات الاجتماعية المرتاحة، مثلما كان يصنع عمرو خالد وأمثاله.
ربما تكون هذه السيدة مجرد مجتهدة متحمسة بسيطة وجريئة، تجهل موضوعات السياسة والجماعات والفتوى وأحوالها، ربَّما تكون مجرد باحثة عن الإثارة و«التريند» وربما غير ذلك.
لكن من المهم صون الثقافة العامة، خاصة الموجّهة للصغار والمراهقين وأصحاب العقول الغضّة، من غزوات مثل هذه المواهب الجديدة.