{عراقنا ضحية اللعبة الدولية}

2

حسن فليح / محلل سياسي

دائما ماتكون الشعوب والدول الهشة ضحية اللعبة الدولية ، ومايهمني هنا هو مايجري في وطني ،
المتوقع من الحكومات من حيث المبدأ على الأقل أن تخدم شعوبها، لكن الولايات المتحدة تنظر اليوم إلى السياسىيين ورجال الدين المتزعمين للاسلام السياسي بشقيه السني والشيعي بالعراق تحديدا وكأنهم ضمانة “الاستقرار” بالنسبة لها ، حتى لا ينزاح الغطاء الديمقراطي المهلهل للمطالب الشعبية تلك الصورة الوحيدة المتبقية التي تؤكد هناك نظام ديمقراطي بالعراق بغض النظر عن صورة الانتخابات المزيفة حسب قناعة عموم العراقيين لها ،

العالم يروج لحقوق الإنسان كقاعدة عامة، لكن العالم العربي وبالعراق على وجه الخصوص يشكل الاستثناء في نظر امريكا وعموم الغرب !!
ان المؤامرة ضد العراق تعدّ الحلقة الأكثر تطورا في مسلسل لعبة الأمم !؟
في 9 أبريل 2003، يوم دخول القوات الأميركية إلى بغداد واحتلال العراق، خرج الدكتور محمد الدوري، آخر سفير وممثل لحكومة العراق حين ذاك في الأمم المتحدة، وعند خروجة من مبنى الأمم المتحدة حيث قال جملته الشهيرة “انتهت اللعبة “
وفي الذكرى الثانية عشرة للاحتلال الأميركي للعراق، وجه الإعلامي طاهر بركة في قناة العربية سؤاله إلى الدكتور الدوري قائلا “ذكرت جملتك الشهيرة ذلك اليوم وغادرت، واليوم نسألك ما هي تلك اللعبة التي أعلنت عن نهايتها؟ ومتى بدأت؟
ذكر الدوري أن اللعبة بدأت يوم تأميم وتحرير النفط العراقي من سيطرة الشركات الغربية في عام (1972)، واللعبة هي بإيجاز عبارة عن منظومة من العمليات السياسية والمؤامرات المخابراتية اللاأخلاقية، قام بها الغرب ضد العراق منذ ذلك التاريخ بهدف عودة سيطرتهم على النفط العراقي والعربي، وها قد نجحت اللعبة أخيرا !!
تُعد اللعبة ضد العراق الحلقة الأكثر تطورا في مسلسل لعبة الأمم، بحيث تم تحديث اللعبة القديمة بما يتناسب مع عصرنا هذا ذي القوة الأميركية المفرطة والمستفردة بالبطش العسكري والسياسي والتكنولوجي، دون رادع، بينما كانت اللعبة الأممية القديمة، التي بدأتها الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية تدور في فترة الحرب الباردة، ووجود الرادع المتمثل بالقطب السوفييتي الذي غاب عن مسرح الاحداث الدولية بعد تلاشي القوة الرادعة التي كانت ممثلة بالاتحاد السوفيتي ومعسكرة الاشتراكي حين ذاك ،
نجد الولايات المتحدة اليوم
ما زالت تحاول التكيف مع هذا التحول الديمقراطي التاريخي الذي بدأ بالعراق على يدها وعلى الرغم من شكليته الواهية والمتهاوية بحكم احزاب وتيارات وكتل تتامر على الديمقراطية وغير مؤمنه بها في قرارة نفسها بدليل لم نجدها يوما انها ثقفت قواعدها على الديمقراطية وضرورة المحافظة عليها كنهج منقذ لجميع العراقيين ببعده الوطني الخالص، ان هذا التحول الذي قادته امريكا قد اعطا الحرية والحق للعراقيين بالتظاهر السلمي فهي ما زالت مترددة في التحالف مع المتظاهرين، وخائفة من تبعات ائتمان هؤلاء المواطنين على هذه الدولة المهمة ونظامها الذي اقامته من الانهيار !! وخير شاهد في ذلك ماحصل من قمع مفرط لانتفاظة تشرين العظيمة على الرغم من كونها تظاهرات سلمية منزوعة السلاح والمطالب كانت مشروعة !!!
لذلك نجد الولايات المتحدة متخبطة في قراراتها في معالجة الموقف المتردي بالعراق وعموم المنطقة ، ويعود السبب انها تريد اقامة نظام شرق اوسطي جديد بلا منافس او منازع ، وجائت الاحداث الاخيرة لتلقي بضلالها الثقيل عليها ، ليس لانها لم تستطيع حسم الامر بالمنطقة عسكريا لصالحها تماما ، ولكن تخشى تورطها بحرب شاملة بالمنطقة بوجود روسيا المتربصة والصين الناعمة بنفوذها الاقتصادي المخيف والمقلق لامريكا وعموم الغرب ، الحرب الاوكرانية هي لتحييد الدب الروسي وتقييد حركته ، ولذلك سيبقى الدعم الغربي مستمرا لادامة الحرب هناك ، والحرب التي تخشاها امريكا والغرب في المنطقة يعود كونها العامل الوحيد الذي يحرر موسكو من ذلك القيد وسيخلق الكثير من المعرقلات والمفاجآت في اقامة شرق اوسط جديد حسب المزاج الغربي لاسيما بوجود ايران الحليفة للصين وروسيا التي تشكل الان بوابة الدخول الخطيرة من خلالها للشرق الاوسط ، الامر الذي سيضيع على امريكا وعموم الغرب من ضبط ايقاعات تلك المنازلة الخطيرة ، من هنا نجد ان مرحلة الانقلابات العسكرية ستعود اجوائها وجدواها من جديد بأعتبارها الملعب الوحيد القابل لمزاولة اللعبة دون الخوض بما هو اخطر منها والخيار المتاح بعد الفشل الذريع بابعاد التجربة التي تعرضت للكثير من الاخطاء وعدم قدرة امريكا على التحكم بها كما يجب .

التعليقات معطلة.