لا يتوانى العشرات من الشباب الكورد والسياح الأجانب، على الرغم من شدة برودة الطقس وتساقط الثلوج وصعوبة الوصول إلى المكان، عن المشاركة في مهرجان الثلج المقام على مرتفعات تطل على مدينة أربيل في اقليم كوردستان.
وجرت العادة منذ أربع سنوات على إقامة مهرجان التزلج هذا في شهر فبراير على مرتفعات ويجان في أربيل بتنظيم من دائرة السياحة التابعة لإقليم كوردستان العراق.
وللوصول إلى نقطة بداية السباق في مرتفعات جومان أو سلسلة جبال ويجان كما يطلق عليها، يضطر المشاركون إلى المشي مسافة خمسة كيلومترات.
وقال محمد مجيد (30 عاما) -أحد منظمي الحدث- “هذه النسخة الرابعة من المهرجان الذي لا تسهل المشاركة فيه، إلا أن الشباب الكورد يمتلكون مقومات ممارسة هذه الرياضة”.
وعلى امتداد البصر، تكسر معدات التزلج وملابس المتزلجين الملونة والشواخص البرتقالية التي تحدد المسارات على المنحدرات، طغيان اللون الأبيض.
وتستعد الشابة رحمة جمال (18 عاما) لخوض سباق مع زميلاتها ضمن فريق محلي.
وتتجاوز طموحات جمال هذا الحدث، إذ قالت “نسعى لتشكيل فريق نسوي خاص بهذا النوع من الرياضة، ثمة فتيات يتمتعن بالمهارة والقدرة الفنية والبدنية على مزاولتها، خصوصا أننا نسكن في مناطق قريبة من هذه المرتفعات”.
وأوضحت أنها كانت ضمن فريق تزلج نسوي يجمع رياضيات من كل مدن الإقليم، إلا أن انعدام الدعم من المؤسسات الرياضية الحكومية، يحول دون الاحتراف.
وأكد سيبان بشتوان (25 عاما) استمتاعه الكبير بالمهرجان الرياضي الشتوي رغم الغيوم الكثيفة والأمطار والثلوج.
وأعرب طالب هندسة الكمبيوتر في أحد معاهد أربيل عن سعادته “بمشاركة رياضيين من جنسيات أجنبية. هم يحضرون معهم معداتهم الكاملة التي نضطر نحن إلى الذهاب إلى تركيا لشرائها” لعدم توافرها في أربيل.
وتمضي سوزي الآتية من بريطانيا إجازة بخمسة أيام في أربيل تشارك خلالها في هذا المهرجان. وقالت السيدة البالغة من العمر 46 عاما والعاملة في مجال علم النفس، “الكل يستمتع بوقته هنا، الضيافة الكوردية الشهيرة موجودة والجبال واسعة والثلج كثير”.
ونشطت الحركة في تلك المناطق السياحية في إقليم كوردستان، خصوصا بعد إعلان العراق نهاية عام 2017 دحر تنظيم داعش الذي كان يسيطر منذ عام 2014 على حوالي ثلث مساحة البلاد، وخصوصا مدينة الموصل المجاورة لأربيل.
المعاناة التي عاشها سكان تلك المناطق لم تمنع شيماء العباسي (21 عاما) من اختيار هذه الرياضة، فقد غادرت مدينة سنجار عام 2014 إثر دخول الجهاديين، وانتقلت مع أسرتها إلى أحد مخيمات النازحين في مدينة أربيل.
وأفادت بقولها “أعتقد أن المعاناة القاسية التي واجهتها زادتني إصرارا على أن أكون رياضية”، مضيفة “قبل عامين، شاركت في ماراثون أربيل وأحرزت مركزا متقدما، ما دفع إحدى المنظمات الإنسانية إلى مساندتي وتشجيعي على المشاركة في الأنشطة الرياضية المختلفة، ولهذا أشارك اليوم”.
ولا يقصد المكان المتزلجون فقط، بل يستغل هواة المشي لمسافات طويلة (الهايكينغ) أيضا الطقس الثلجي لممارسة تلك الرياضة.
وأشار أنور دولماري، رئيس جمعية تلك الرياضة في كوردستان العراق، إلى أنه “تم تأسيس هذه الرياضة منذ بضع سنوات، ومنذ ذلك الحين ونحن نحاول تطويرها”.
وتابع أن “هناك مساع إلى الترويج لهذه الرياضة في كوردستان العراق”، موضحا “ثمة عدد قليل من الفرق التي تتوجه إلى الجبال كل أسبوع”.
وإثر انتهاء المهرجان تشرع كاسحة ثلوج في تهيئة الطريق ليبدأ سباق من نوع آخر مع إسراع الجميع إلى مغادرة المكان.