عماد الأطير
الفسق والفجور والعري والألفاظ الخارجة هم طُعم الطغاة للسيطرة على الشعب واستمرار العبودية.
إن الطُغاة يعلمون جيدًا أنه كُلما ازداد الفسق والفجور والبُعد عن الأخلاق وإلغاء العقل للشعب كانت السيطرة على الشعب أسهل لأن الشعب سيتحول في تلك الحالة إلى الشهوات والغرائز، ومع مرور الوقت سيلغى العقل وسيكون التفكير من خلال الجسد ومن خلال إشباع شهواته فيتقبل فكرة الذل والرضوخ بحجة العيش في أمان، حتى لو لم يجد ذلك الأمان لأنه يفكر بجسده وليس عقله ومن هنا كانت فكرة الإعلام المضلل والقنوات الإباحية والأفلام الممنوعة التي أصبحت متاحة وينتجها المنتجون تحت إشراف ودعم مالي من الحكومات لأنها تحقق لهم ما يريدون.
إن صناعة العري والألفاظ الخادشة للحياء انتشرت من خلال صرف أموالنا عليها والآن ننكرها ونريد أن نتخلص منها.
عندما تقبلنا نحن الشعب مشاهد العري والألفاظ الخارجة في أفلام السبكي وغيره من المنتجين، ورفعنا إيرادات تلك الأفلام فنجح هذا النوع من الفن وأصبح نجم شباك، لأننا ببساطة ضعاف النفوس نهتم بغرائزنا ونجري وراء شهواتنا ومن هنا تحولنا إلى صناعة بطل من ورق ونجوم من فراغ بسبب تلك الأشياء المقززة التي انتشرت وبدأت تأخذ أجيالًا كاملة نحو الفساد ونحو العهر وتقليد هؤلاء في أفعالهم وتصرفاتهم. فنحن من صنعنا هؤلاء الفاسقين والمنحرفين بسبب تقبلنا لهم ودفع أموالنا لهم ومشاركتنا الفعالة لهم في النجاح وعليك بالذهاب إلى يوتيوب وشاهد حجم المشاهدات على الرقص والمهرجانات وحجم المشاهدات على دروس وخطب ومحاضرات العلماء ستعرف الفارق الرهيب وإلى أين نتجه.
الرشوة والفساد مثل شرارة النار الصغيرة لو لم نمدها بالحطب لانطفأت من تلقاء نفسها.
نحن من نشجع المرتشي والفاسد والظالم على ظلمه ورشوته وفسوقه لأننا نساعده في ذلك حتى أصبحت العادة عبادة وحقًا مكتسبًا لهؤلاء الفاسقين والمرتشين. فلو وقفنا جميعًا ضد هذا الانحراف الأخلاقي وتمسكنا به واتخذنا إجراءات ضده ووقفنا يدًا واحدة فلن يستطيع هذا النوع من البشر أن ينتشر ويسير في طريق الشر، فهو مثل شرارة النار الصغيرة لو تركناها بدون إمدادها بالحطب فسوف تنطفئ من تلقاء نفسها، ولكن نقوم بعمل العكس بتزويد هؤلاء بالمال فيزيدون فسقًا وفجورًا وبجاحة ومع الوقت يعتبرونه حقًا أصيلًا ومكتسبًا لهم.
الشعب هو من يضع حجر الأساس لأي حاكم ظالم أو طاغية وذلك بالرضوخ للظلم والمعاناة والصراخ بصوت منخفض خوفًا من أن يسمعه أحد.
لقد بنى الطغاة في شعوبهم الذل وجعلوهم يفكرون فيهم وكأنهم الإله الحاكم في الأرض ولابد من الخضوع وعدم المناقشة أو البوح أو التحدث عن المعاناة، وسيطر الطغاة على الشعوب من خلال الإعلام الفاسد ومن خلال لقمة العيش وخدعة الأمن والأمان والخوف من القادم، فرضخ الشعب أمام كل هذا الظلم، ولكن نسي هؤلاء أن السبيل إلى التقدم ليس بالعصا أو المسدس ولكن بالمناقشة والعلم والحوار المتمدن الهادف إلى المصلحة العامة.
نحن نمهد الطريق للفاسق والفاجر والظالم حتى يسيروا فيه بدون مطبات ثم نكتفي بالمشاهدة والرضوخ للظلم والمعاناة.
نحن دائمًا نرمي بأخطائنا إلى الآخرين ولا نلوم أنفسنا ونظل نكتفي بالمشاهدة وننسى أننا من نصنع الفاسق والفاجر والمرتشي والظالم ونمهد لهم الطريق للسير فيها بقوة بدون مطبات. وفي النهاية نحصد الظلم والقسوة وانتشار الانحرافات والأشياء الدخيلة على مجتمعاتنا الشرقية، فنحن في حاجة إلى الوقوف مع النفس ولكن يجب أن تكون تلك الوقفة من الجميع وليس من شخص واحد حتى نرفض بقوة كل ما نراه غير مرغوب فيه ولو فعلنا ذلك فسوف نحقق ما نريد.