صبحي ساله يي
ماسمعناه من أعضاء الوفد الكوردستاني الذي زار بغداد في الاسبوع الماضي، بهدف توضيح نوايا الكوردستانيين وما في أذهانهم، وإعلان مطاليبهم التي تتجسد في إستحالة تخليهم عن حقوقهم الطبيعية، وعزمهم وتشوقهم الى تقرير مصيرهم وتحقيق طموحاتهم القومية المشروعة. وما سمعناه من غالبية الذين إجتمعوا مع ذلك الوفد في بغداد، تؤكدان بالدليل القاطع ما يقوله الرئيس مسعود بارزاني، بخصوص عدم تغير العقليات هناك وبالذات تجاه الكورد, وعدم التزامهم بمبادىء الشراكة وتجاهلها، وعدم تقيدهم بالكلمة أو العهد، ومحاولاتهم لقرأة التطورات والأحداث والمستجدات بشكل خاطئ، ونزوعهم الدائم نحو تفسير أفعال الآخرين على إنها تهديدات مقصودة.
تلك العقلية الثابتة التي تأبى التغير والتغيير والتفتح، دفعت الى فقدان الثقة بين المكونات العراقية، والتعامل مع الوقائع والأحداث بإنتقائية شديدة، وتعرض العلاقات الى التمزق والتصدع وتفاقم المشكلات، كما ضربت أسس الإستقرار المجتمعي، وزرعت بذور الإنقسام بين الولاء والانتماء، والتفكير الجدي في فض الشراكة بين الكورد والعرب من جهة وبين السنة والشيعة من جهة أخرى، او حتى بين الشيعة والشيعة.
تلك العقلية وسمت المرحلة التي تلت إسقاط صدام بمجموعة من الخصائص والسمات المتناقضة المستمدة من مؤشرات إغتنام الفرص وخلط الأوراق بهدف السيطرة على المال العام والمواقع الحساسة وفرض الوصاية على الآخرين للحد من نشاطاتهم المشروعة، والتسلل إلى ثغورٍ خطرة والنمو والتكاثر والتفريخ في جميع المؤسسات والميادين، وإختراق كل المجالات والمواقع الحكومية والسياسية والإعلامية، وبنظرة واحدة الى واقع حال العراقيين في بغداد وبقية المحافظات، نعرف سبب وثمن ممارساتهم وتلاعباتهم بمستقبل مواطنيهم وشعبهم من أجل منافع ذاتية أولاً، وأجندات خارجية ثانياً، ومساهماتهم السلبية في ظهور التعصب القومي والمذهبي والتشدد والتطرف والإرهاب والكوارث وخلق الظروف العصيبة، والبحث المستمر عن عدو مصطنع لتذكية حروبهم القومية والطائفية وخلق ملاذات للتنظيمات الإرهابية كالقاعدة وثم داعش.
جراء تلك العقلية وتصرفات السياسيين المتقلبين المتناقضين المخادعين في أرائهم، تحول العراق الى بحيرة تطوف فوقها الشؤم واللؤم والويلات والفتن والازمات والكوارث، وغرق فيها الضحك والسعادة والرفاه والإستقرار والحريات، ويعوم فيها الإنتهازيون الذين لم يستفد العراقيون من أفعالهم وحواراتهم وصراعاتهم المستعرة وسجالاتهم البائسة، بل يعتبرونهم السبب الأساس في تقويض القيم ومبادئ الأخلاق وسيادة القانون، وإشاعة الفساد والإفساد والتخلف والتخريب والفوضى وفقدان الأمن وإنتهاك حقوقهم. والغريب في الأمر أن هؤلاء الإنتهازيون المتلونون يؤكدون على ضرورة بقاء الكورد شركاء في الوطن والواجبات، ولكن، دون حقوق. وفي ظل تلك العقليات تم إفتقاد النظرة الصحيحة والراسخة للحقوق والواجبات، لذلك أصبح من الطبيعي، أن يكرهوا الكورد بشدة، ويعتبرونهم أعداء ينبغي سحقهم وتطهير الساحة منهم، ومحاربتهم بشتى الوسائل، والتي غالباً ما تكون وسائل غير أخلاقية وغير مشروعة ومحرمة ومليئة بالخداع والمكر والنفاق والرياء والكذب والترويع والتهديد والتجويع.
في المقابل، فإن الكوردستانيين، بكل شرائحهم وقومياتهم وأديانهم وأحزابهم السياسية، ورئاستهم وحكومتهم، سئموا السياسات العدائية العنصرية والشوفينية والمذهبية، واقتنعوا بأن مصلحتهم تكمن في فض الشراكة مع أناس لا يلتزمون بمبادىء الشراكة، لذلك حددوا يوم 25 أيلول 2017 موعدا للإستفتاء على الإستقلال، طبعاً، دون غلق أبواب الحوار.