على قمة كيليمنجارو لتحدي الذات والسرطان

5

انطلاقاً من هذه التجربة التي مرت بها منى، تبدلت نظرتها إلى الحياة. كأي مريض يمر بتجربة مماثلة أصبحت أكثر تمسكاً بالحياة وأكثر حباً لها.

شكلت إصابة منى أبو هنا بالسرطان حافزاً لها لتخطو خطوة ما كانت لتقوم بها ربما في ظروف مختلفة. فبعد اكتشافها إصابتها بالسرطان، قررت أن تقوم بهذا التحدي لذاتها وللمرض ولمرضى السرطان أيضاً. أرادت أن تنقل رسالة أمل إلى مرضى السرطان وأن توفر الدعم لهم بمجهود جبار بذلته مع صديقتها دانا باقي التي لها طفل مصاب بالتوحد. لم يكن التحدي سهلاً إلا أن الحافز كان الأقوى لتنجحا في بلوغ قمة كيليمنجارو دعماً لمرضى السرطان والمصابين بالتوحد، ولرفع علمي “جمعية بربارة نصار لمرضى السرطان” و”جمعية Open minds” لدعم ذوي الاحتياجات الخاصة.

 

 

 

 

تشخيص عن طريق المصادفة
اكتشفت منى أبو هنا إصابتها بالسرطان عن طريق المصادفة بعد تشخيص إصابة شقيقتها بسرطان الثدي بالدرجة الثالثة منه وبنوع عدواني سريع التطور. لكن شاءت المصادفة أن يساهم مرض شقيقتها وسيلة لإنقاذ حياتها. فهذا ما دفع الأطباء إلى تشجيع الشقيقات على إجراء الفحوص اللازمة  كون المريضة في سن مبكرة والمرض يتطور بسرعة لديها. وبالفعل، عندما أجرت منى صورة الرنين المغناطيسي تبين وجود ورم بحجم 5 سنتيمترات ما شكل صدمة لها أيضاً لأنها لم تتوقع إصابتها بالمرض.  هذا ما استدعى استئصال الثدي لإزالة الخطر، وفق ما أوضحت في حديثها.
لكن بعد أن شهدت معاناة شقيقتها مع المرض والعذابات التي مرت بها، قررت استئصال الثديين وإن لم يكن ذلك مطلوباً آنذاك. فقد أرادت بهذه الخطوة الجريئة أن تلغي الخطر وتتجنب أي معاناة يمكن أن تعيشها ويعيشها معها أطفالها في حال أصيبت بالمرض.

رسالة أمل على قمة كيليمنجارو
انطلاقاً من هذه التجربة التي مرت بها منى، تبدلت نظرتها إلى الحياة. كأي مريض يمر بتجربة مماثلة أصبحت أكثر تمسكاً بالحياة وأكثر حباً لها. ما مرت به جعلها تقدّر جمال الحياة وتكتشف أن فيها الكثير من النشاطات والإنجازات المهمة والرائعة التي يمكن القيام بها. فلكل تجربة جمالها، وكل منها يسمح بتقدير روعة الحياة بشكل أفضل. في حديثها تؤكد أن تسلق قمة كيليمنجارو ليس معياراً، وهو ليس الأساس. فصحيح أنها رياضية ولطالما عشقت تسلق الجبال وتحلم من الطفولة بتسلق إحدى القمم العالية، لكن إذا كانت قد اختارت هذا التحدي، فيمكن لأي شخص آخر أن يختار تجربة أخرى تحلو له ليتحدى بها ذاته والمرض وينقل رسالة أمل.
“الحياة رائعة، وعلى كل فرد، خصوصاً إذا كان مريضاً أن يقدّر جمالها، ويدرك أهمية المحيط والأصدقاء والحياة الاجتماعية ليتمسك بالحياة. على كل مريض مر بتجربة من هذا النوع أن يقوم بما يحبه وما يحلو له ويستمتع، لأن ذلك يشكل حافزاً له في الحياة ليتمسك بها ويتخطى المرحلة الصعبة التي مر بها”.
عندما قررت منى القيام بهذه الخطوة، كان قرارها هذا نابعاً أولاً من رغبة في الاستمتاع وأن تثبت لذاتها أنها قادرة على إنجاز هذا التحدي بعد التجربة التي مرت بها. لكنها أرادت ايضاً أن تنقل من خلال هذه الخطوة رسالة أمل إلى كل مرضى السرطان ليدرك كل منهم أنه بعد تجربة المرض يمكن تحقيق الكثير ومن ضمن ذلك تسلق أعلى القمم ،أو القيام بأي تحد آخر لا يقل صعوبة ويمكن أن يجد فيه المريض متعة ووسيلة للتمسك بالحياة. وانطلاقاً من ذلك أيضاً، اتخذت قرار الاستفادة من هذا التحدي لدعم مرضى السرطان مادياً أيضاً لجمع المال للمرضى من خلال “جمعية بربارة نصار” التي لا تكتفي بتقديم المساعدة المادية للمرضى فحسب، كما تفعل جمعيات أخرى، بل توفر الإحاطة الشاملة خلال فترة المرض والعلاج وما بعدهما أيضاً للعودة إلى الحياة والاستمتاع بها وتخطي التجربة، وذلك من خلال خدمات متكاملة لا تستثني أي جانب يتأثر بتجربة المرض من النواحي النفسية والطبية والتجميلية والجسدية وغيرها. فكانت تجربة تسلق القمة فرصة لتقدم الدعم المادي للمرضى عبر جمع التبرعات من خلالها.
ما حققته منى يمكن أن يحققه أي مريض ما دام الأمل موجوداً في قلبه ويتحلى بالعزم ليتحدى المرض بكل ما لديه من قوة.

التعليقات معطلة.