أعد “الموساد” على مدى أعوام من العمل الاستخباراتي قائمة بـ 100 عالم نووي لاغتيالهم قبل أن تتقلص إلى 12 هدفاً
محمد غرسان صحافي سعودي
صور جنرالات عسكريين وعلماء نوويين إيرانيين قُتلوا في هجوم الـ13 من يونيو، طهران (أ ف ب)
ملخص
تعتبر إسرائيل أن ضرب “العقل النووي” هو الطريقة الأنجح لوقف البرنامج بصورة فعالة، إذ تعتقد أن استهداف العقول القيادية في البرنامج النووي يؤدي إلى تأخيره أو تعطيله بالكامل، ومن هنا بدأت مساعيها إلى تصفية العقول المدبرة للبرنامج الإيراني لتعطيل تقدم طهران في هذا المجال.
كثيراً ما كانت فكرة استهداف العلماء في سياق الصراعات النووية موضوع جدل واسع، خصوصاً حينما يتعلق الأمر بمحاولة تعطيل المعرفة العلمية نفسها، وهي ممارسة سبقت عصر السلاح الذري بزمن طويل.
وتجسدت الفكرة للمرة الأولى نهاية الحرب العالمية الثانية من خلال “عملية إبسيلون” عام 1945، حين قامت قوات الحلفاء بخطف واحتجاز 10 علماء ألمان يشتبه في عملهم ضمن البرنامج النووي النازي، وذلك لمراقبة أحاديثهم داخل منشأة سرية مزودة بأجهزة تنصت بهدف تقييم مدى اقتراب ألمانيا من إنتاج قنبلة نووية، وتفكيك ما تبقى من مشروعها العلمي.
غير أن هذا الأسلوب القائم على الاحتواء والرقابة لم يستمر طويلا في النزاعات النووية اللاحقة، ففي الحال الإيرانية تبنت إسرائيل نهجاً مختلفاً من خلال استهداف العلماء والمهندسين الإيرانيين بصورة مباشرة، انطلاقاً من قناعة أمنية بأن ضرب المنشآت لا يكفي وأن كبح البرنامج النووي يمر عبر ضرب العقول التي تقوده.
وتعتبر إسرائيل أن ضرب “العقل النووي” هو الطريقة الأنجح لوقف البرنامج بصورة فعالة، إذ تعتقد أن استهداف العقول القيادية في البرنامج النووي يؤدي إلى تأخيره أو تعطيله بالكامل، ومن هنا بدأت مساعيها إلى تصفية العقول المدبرة للبرنامج الإيراني لتعطيل تقدم طهران في هذا المجال.
عملية “نارنيا” العسكرية
فجر الـ 13 من يونيو (حزيران) الماضي وخلال الدقائق الأولى من الحرب الإسرائيلية التي استمرت 12 يوماً ضد إيران، استهدفت الأسلحة الإسرائيلية مجمعات سكنية ومنازل في العاصمة الإيرانية.
ومعها بدأت عملية “نارنيا” المدروسة من الاستخبارات الإسرائيلية والتي تستهدف كبار العلماء النوويين في إيران، حيث لقي محمد مهدي طهرانجي، عالم الفيزياء النظرية وخبير المتفجرات الخاضع للعقوبات الأميركية بسبب دوره في أبحاث الأسلحة النووية، مصرعه داخل شقته في الطابق السادس بمجمع سكني مشهور باسم “مجمع الأساتذة” في العاصمة طهران.
وبعد ساعتين فقط لقي فریدون عباسي حتفه، وهو عالم فيزياء نووية ترأس سابقاً منظمة الطاقة الذرية الإيرانية وكان مدرجاً على قوائم العقوبات الأميركية والأممية، في ضربة أخرى وسط العاصمة.
وفي اليوم نفسه والأيام التي تلته، أعلنت إسرائيل أنها اغتالت 11 من كبار العلماء النوويين الإيرانيين.
هز الهجوم الواسع والمتعدد الشرق الأوسط وأطلق تهديدات إيرانية بالانتقام، وأطاح في الوقت الراهن بأي أفق لاتفاق دبلوماسي يقيد أنشطة طهران النووية ويخضعها لرقابة دولية صارمة.
وكشفت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية بالتعاون مع برنامج “فرونتلاين” تفاصيل غير مسبوقة عن التخطيط للهجمات وتداعياتها داخل طهران، استناداً إلى مقابلات مع مسؤولين حاليين وسابقين في إسرائيل وإيران والولايات المتحدة، تحدث بعضهم للمرة الأولى شرط عدم الكشف عن هوياتهم نظراً إلى حساسية العمليات والتقييمات الاستخباراتية.
علماء نوويين إيرانيين قتلوا في ضربات إسرائيلية خلال حرب الـ12 يوماً، في إطار حملة استهدفت الكوادر العلمية للبرنامج النووي (اندبندنت عربية)
وتصر إيران على أن برنامجها النووي مخصص لأغراض مدنية لكن أمير طهرانجي، وهو شقيق العالم محمد مهدي قال لبرنامج “فرونتلاين” إنهم “قد يرحلون بقتل هؤلاء الأساتذة لكن معرفتهم لا تضيع من بلدنا”.
وليست المرة الأولى التي تستهدف فيها إسرائيل علماء إيرانيين، فعلى مدى أعوام نُفذت عمليات اغتيال في طهران عبر عبوات مغناطيسية تلصق بسيارات العلماء وسط زحام المدينة، فقد نجا عباسي من محاولة اغتيال عام 2010 فيما قتل محسن فخري زاده، أحد أبرز العقول النووية الإيرانية في كمين خارج العاصمة عام 2020 بواسطة رشاش يدار عن بعد.
لكن ما ميز حملة “يونيو 2025” هو خروج الدور الإسرائيلي إلى العلن مدفوعاً بثقة متزايدة بعد ضرب وكلاء إيران في غزة ولبنان وسوريا، وقال جنرال في سلاح الجو الإسرائيلي شارك في التخطيط “أخيراً سنحت لنا فرصة عملياتية لتنفيذ ذلك”.
وفي السياق يرى المحلل الجيوسياسي الهندي غلريز شيخ أن استهداف إسرائيل لعلماء إيران النوويين يمثل تحولاً نوعياً في قواعد الاشتباك يهدف إلى “قطع رأس البرنامج النووي” عبر ضرب رأسماله البشري لا الاكتفاء باستهداف المنشآت، مشبّهاً هذا النهج بمحاولات الحلفاء خلال الحرب العالمية الثانية تحييد علماء المشاريع العسكرية الألمانية، إلا أن تنفيذه بصورة علنية وعلى نطاق واسع يرفع مستوى التصعيد إلى حد غير مسبوق.
ويضيف شيخ في حديثه إلى “اندبندنت عربية” أن إسرائيل باتت تتعامل مع العقول العلمية الإيرانية بوصفها خطراً يعادل المنشآت النووية نفسها، في تجاوز للأعراف الدولية التي تحمي المدنيين.
ويرى أن اغتيال شخصيات قيادية قد يُحدث تباطؤاً موقتاً في البرنامج النووي الإيراني، لكنه يحذر من المبالغة في تقدير الأثر مؤكداً أن طهران تمتلك قاعدة علمية واسعة تمكنها من تعويض الخسائر واستعادة الزخم مع مرور الوقت، مما يجعل هذه الاغتيالات رسالة ردع بقدر ما هي أداة تعطيل.
قائمة أهم العلماء النوويين في إيران
في إطار الاستعداد لـ “عملية نارنيا” أعد محللو الاستخبارات الإسرائيلية قائمة تضم 100 من أهم العلماء النوويين في إيران جرى تقليصها إلى نحو 12 هدفاً، وأعدت ملفات تفصيلية عن عمل كل منهم وتحركاتهم ومكان إقامتهم اعتماداً على عقود من العمل الاستخباراتي.
لكن العملية لم تكن بلا أخطاء إذ تمكنت “واشنطن بوست” بالتعاون مع “منصة بيلينغكات” الاستقصائية من التحقق بصورة مستقلة من مقتل 71 مدنياً خلال خمس ضربات استهدفت علماء نوويين، بالاعتماد على صور أقمار اصطناعية وتحديد مواقع بالفيديو وإعلانات وفاة وسجلات مقابر وتغطية جنائز في الإعلام الإيراني.
وذكرت الصحيفة والمنصة أن 10 مدنيين بينهم رضيع يبلغ من العمر شهرين قتلوا خلال الضربة التي استهدفت “مجمع الأساتذة” في حي “سعادت آباد” بطهران، وتشير شهادات العيان وبعض الفيديوهات وصور الانفجار والأضرار الهيكلية الناجمة عنه إلى أن الضربة كانت تعادل في قوتها قنبلة تزن نحو 500 رطل.
إيرانيون يتابعون آثار الدمار الناجم عن غارة إسرائيلية على مبنى سكني في طهران (رويترز)
واستهدفت إسرائيل عالماً آخر هو محمد رضا صديقي صابر داخل منزله في طهران خلال الموجة الأولى من الضربات، لكن صديقي لم يكن موجوداً آنذاك فأدت الغارة قتل ابنه البالغ من العمر 17 سنة.
وفي اليوم الأخير من الحرب، أي الـ 24 من يونيو الماضي، قتل صابر الأب داخل منزل أحد أقاربه على بعد نحو 200 ميل من العاصمة في مدينة آستانة أشرفية بمحافظة جيلان.
وأفاد أحد سكان المنطقة “واشنطن بوست”، شرط عدم كشف هويته، بأن “صابر كان قد عاد لمنزل عائلته لحضور مراسم عزاء ابنه وقُتل هناك مع أقارب آخرين”، وقد تحققت الصحيفة الأميركية من مقتل 15 مدنياً خلال الضربة بينهم أربعة قُصر، حيث سُوي منزلان بالأرض مخلفين حفرتين عميقتين في مكانهما.
من جانبهم ذكر مسؤولون أمنيون إسرائيليون أنهم بذلوا قصارى جهدهم للحد من الخسائر البشرية، وصرح ضابط رفيع في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية قائلاً “كان تقليص الأضرار الجانبية قدر الإمكان أحد الاعتبارات الرئيسة عند التخطيط لعملية نارنيا”.
وفي المقابل قال مسؤول في الجبهة الداخلية الإسرائيلية إن الضربات الإيرانية أصابت مدارس ومستشفيات ومواقع مدنية أخرى مما أسفر عن قتل 31 إسرائيلياً، فيما صرح متحدث باسم الحكومة الإيرانية في يوليو الماضي أن 1062 شخصاً قُتلوا خلال الضربات الإسرائيلية، بينهم 276 مدنياً.
أسلحة خاصة وعملاء نائمون
أطلقت إسرائيل على حملتها الأوسع ضد إيران اسم “الأسد الصاعد” ودمرت الطائرات الحربية والمسيرات الإسرائيلية، بالتعاون مع عملاء داخل إيران، أكثر من نصف منصات إطلاق الصواريخ الباليستية الإيرانية، وحيدت ما بقي من دفاعاتها الجوية، كما أطاحت الضربات بقيادات الجيش الإيراني والحرس الثوري.
واستهدفت محطات كهرباء وأنظمة تهوية تعتمد عليها إيران لتشغيل أجهزة الطرد المركزي في منشأتي نطنز وفوردو، وهما الموقعان الرئيسان لتخصيب اليورانيوم، تلتها ضربات أميركية ضخمة نفذتها قاذفات “بي–2” الشبحية، إضافة إلى وابل من صواريخ “توماهوك”.
وفي داخل العمق الإيراني جند جهاز “الموساد” أكثر من 100 عميل إيراني وزود بعضهم بـ”سلاح خاص” يتكون من ثلاثة أجزاء لتنفيذ ضربات دقيقة ضد أصول عسكرية، وفقاً لمسؤول أمني إسرائيلي رفيع شارك مباشرة في التخطيط، مضيفاً أن السلطات الإيرانية استعادت بعض منصات الإطلاق لكنها لم تعثر على الصواريخ أو المكوّن الثالث السري.
وتلقى العملاء الإيرانيون تدريباتهم في إسرائيل وأماكن أخرى من دون اطلاعهم إلا على مهماتهم المحددة أو النطاق الكامل لما كانت إسرائيل تستعد لتنفيذه، وذكر المسؤول الإسرائيلي أن “هذه العملية غير مسبوقة في التاريخ، فلقد حشدنا أصولنا وعملاءنا للاقتراب من طهران وشن العملية البرية حتى قبل أن تدخل القوات الجوية الإسرائيلية المجال الجوي الإيراني”.
واتفقت تل أبيب وواشنطن في عهد كل من الرئيسين جو بايدن ودونالد ترمب على أن إيران تعمل على امتلاك سلاح نووي، لكن أجهزة الاستخبارات في البلدين تباينت أحياناً في تقييماتها لما كان يفعله العلماء الإيرانيون ومدى خطورته.
واعتباراً من عام 2023 جمعت “وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية” (CIA) معلومات تشير إلى أن باحثين يعملون في وحدة تابعة لوزارة الدفاع الإيرانية تُعرف باسم (SPND) كانوا يستكشفون سبل بناء سلاح نووي بوتيرة أسرع، في حال تراجع المرشد الإيراني علي خامنئي عن فتواه الصادرة عام 2003 والمتعلقة بتحريم صناعة الأسلحة الذرية.
جنازة قادة عسكريين إيرانيين وعلماء نوويين قتلوا في غارات إسرائيلية بالعاصمة طهران (رويترز)
ووفقاً لتقييم “سي آي إيه” فقد كان الإيرانيون يجرون أبحاثاً حول “جهاز نووي بدائي” يمكن إنتاجه خلال ستة أشهر باستخدام مخزوناتهم الحالية من اليورانيوم المخصب، غير أن هذا الجهاز لا يمكن اختباره مسبقاً أو إطلاقه من مسافات بعيدة عبر صواريخ باليستية، لكنه يظل مدمراً في حال بنائه واستخدامه، وكذلك بدا أن الإيرانيين يجرون أبحاثاً حول “أسلحة الاندماج النووي”، وهي نوع أكثر تقدماً وقوة من القنابل النووية.
واتفق محللو الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية على أن القنبلة الاندماجية، وعلى رغم كونها مثيرة للقلق، تظل بعيدة من متناول إيران في الوقت الحالي.
وبعد انسحاب ترمب عام 2018 من الاتفاق الدولي الذي كان يقيد الأنشطة النووية الإيرانية بدأت طهران إنتاج كميات أكبر بكثير من اليورانيوم المخصب، ولم تكن “سي آي أيه” ولا “الموساد” تعتقدان أن إيران بدأت فعلياً ببناء قنبلة، لكن بحلول ربيع العام الحالي لم يعد المحللون الإسرائيليون واثقين من قدرتهم على رصد أي تغيير مفاجئ في شأن تجميع سلاح في الوقت المناسب.
وعشية عملية “الأسد الصاعد” في يونيو الماضي أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن طهران انتهكت التزاماتها في مجال منع الانتشار النووي، وهو أول توبيخ من نوعه منذ 20 عاماً.
الدبلوماسية والتضليل
عندما زار نتنياهو ترمب في بداية ولايته الثانية كأول زعيم أجنبي يفعل ذلك، عرض عليه أربع رؤى لكيفية تطور الهجوم على إيران، بحسب مصدر مطلع تحدث شرط عدم الكشف عن هويته.
وكان الخيار الأول هو هجوم إسرائيلي منفرد، والثاني قيادة إسرائيلية بدعم أميركي محدود، والثالث تعاون كامل بين الحليفين، والرابع أن تتولى الولايات المتحدة القيادة.
وبعدها بأشهر بدأ التخطيط الإستراتيجي المكثف والسري، وكان ترمب يريد منح الدبلوماسية فرصة لكنه واصل تبادل المعلومات والتخطيط العملياتي مع إسرائيل، وقال مصدر مطلع “كان التفكير أنه إذا فشلت المحادثات نكون جاهزين”، بينما اعتقد قادة إسرائيل أن إتاحة فرصة للدبلوماسية أمر مهم للرأي العام العالمي، غير أنهم خشوا أن يوافق ترمب على اتفاق سيئ.
وفي منتصف أبريل (نيسان) الماضي منح ترمب إيران مهلة 60 يوماً للتوصل إلى اتفاق نووي، وحين انتهت المهلة تحرك هو ونتنياهو لإبقاء الإيرانيين غير مستعدين لما سيأتي، ففي الـ 12 من يونيو الماضي صرح ترمب بأن توجيه ضربة إسرائيلية لإيران “أمر وارد جداً”، لكنه أشار في الوقت ذاته إلى تفضيله الحل التفاوضي.
وبالتزامن مع ذلك سرّب مسؤولون إسرائيليون أنباء تفيد بأن كبير مستشاري نتنياهو، رون ديرمر، ورئيس “الموساد” ديفيد بارنياع سيلتقيان قريباً المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف، وجرى تحديد موعد لجولة جديدة من المحادثات النووية الأميركية الإيرانية في الـ 15 من يونيو الماضي، إلا أن الحقيقة كانت أن إسرائيل قد حسمت قرارها بالهجوم وهو ما كانت الولايات المتحدة تعلمه يقيناً، إذ لم تكن الدبلوماسية المقررة سوى خديعة حين تعمد مسؤولو البلدين تشجيع التقارير الإعلامية التي تتحدث عن وجود شرخ في العلاقات الأميركية – الإسرائيلية.
اقرأ المزيد
“تورا بورا” فشل أميركي لا يغتفر… فهل يتكرر مع “فوردو”؟
خلايا إسرائيلية نائمة في طهران… “أيقظوا البومة”
البرنامج النووي الإيراني.. مسار بدأته أميركا وقد تنهيه: 10 أسئلة
وصرح مصدر مطلع أن “كل التقارير التي كتبت عن عدم توافق نتنياهو مع ويتكوف أو ترمب لم تكن صحيحة، لكن كان من الجيد أن يسود هذا الانطباع العام، فقد ساعدنا ذلك في المضي قدماً نحو التخطيط من دون أن يلاحظ ذلك كثر”.
وفيما كان الرئيس الأميركي يدرس إمكان انضمام الولايات المتحدة إلى حرب إسرائيل ضد إيران، أقدم أحد أعضاء حكومته على ما اعتبره محاولة جريئة لتغيير مساره، وحتى بعد بدء حملة القصف والاغتيالات الإسرائيلية بذلت إدارة ترمب مسعى دبلوماسياً أخيراً حين نقلت سراً اقتراحاً إلى إيران لحل المأزق المتعلق ببرنامجها النووي، وما لم تكن إيران تدركه هو أن هذه المبادرة كانت فرصتها الأخيرة قبل أن يوافق ترمب على انضمام القوة الضاربة الأميركية إلى إسرائيل.
أما شروط الصفقة التي حصلت عليها “واشنطن بوست” ولم يكشف عنها سابقاً، فكانت قاسية للغاية وتضمنت إنهاء طهران دعمها وكلائها مثل “حزب الله” و”حماس”، إضافة إلى استبدال منشأة “فوردو” لتخصيب الوقود وأية منشأة عاملة أخرى بمرافق بديلة لا تسمح بالتخصيب.
وفي المقابل نص الاقتراح المؤرخ في الـ 15 من يونيو 2025 على أن ترفع الولايات المتحدة العقوبات المفروضة على إيران كافة، ووفقاً لدبلوماسي رفيع شارك في العملية فإنه بمجرد أن نقلت الولايات المتحدة الاقتراح رفضته طهران، وعندها أعطى ترمب الضوء الأخضر للضربات الأميركية.
وأشار مسؤولون أميركيون وإسرائيليون ومسؤولون من “الوكالة الدولية للطاقة الذرية” إلى أن الضرر الذي لحق ببرنامج إيران النووي وإن لم يكن كاملاً لكنه كان كبيراً، إذ أعاد البرنامج أعواماً للوراء وربما أنهى في الوقت الحالي قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم الذي يمكن استخدامه وقوداً لسلاح نووي.
من جهته ذكر “معهد العلوم والأمن الدولي” عبر تقييم صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بناء على صور الأقمار الاصطناعية أنه “إجمالاً كانت الأضرار الناجمة عن الغارات الجوية على كثير من المواقع النووية واسعة النطاق، وكانت كارثية في حالات كثيرة”.

