عنصرية الظالم توقد عنصرية المظلوم

1

عراق الامير

منذ عشرات السنين تكدست مرارات الأكراد من الدول الأربعة المحيطة بمواطن الكرد ‘ تركيا ، ايران ، العراق ، سوريا ‘ التي لا ترضى الإعتراف بحقوق شعب عانى الأمرين ، وأنكرت هذه الدول على الأكراد ثقافاتهم وتطلعاتهم القومية كما أنكرت مساندتهم الفاعلة على مر التاريخ السياسي للدولة الإسلامية ، فتعرض الأكراد للحصار وقتلوا وهجروا ، ووضعوا في موقع الإتهام والعمالة لأنهم فقط فكروا أو حتى حلموا لحكم ذاتي لهم . هذا الحكم يفهمه المعنيين من العرب والأتراك والفرس على إنه مشروع يمزق الأوطان والبلدان ، حتى أنهم يشبهون حلم الكرد بأنه دولة اسرائيل ثانية .. خوف يحاول البعض تبريره في الشارع العربي بالرغم من افترائه على الحقيقة وفقدانه لشرعية العصر ، لكنه بالنسبة الى البعض الآخر يعزى إلى غياب ثقافة التعدد والتنوع وكأن الفكر القومي لأي جماعة في المنطقة عموما لا يقوم إلا على نفي ثقافة الإختلاف وعلى نكران الآخر حتى توقد عنصرية الظالم عنصرية المظلوم فتلتهم النيران هذا الإنسان الحالم بحقه في الحرية والعدل والمساواة .

أصعب أنواع التخلي في حياة الإنسان هي إنه يترك القيم الحقيقية التي عرفتها الإنسانية .. إذ صدمتني مواقف بعض المثقفين وهم يؤدون دور الطبل الأجوف الذي يبحث عن مصالحه الشخصية والعنصرية على حساب القيم الإنسانية الرفيعة . فلم تكن مواقفهم إلا تعبير عن عنصرية مقيتة واستهتار بدم الضحايا وأمن الهاربين من الموت المجاني .

إلى هؤلاء الذين دفنوا رسائلهم الإنسانية في مقابر المصالح الأنانية ، أنقل لهم هذه الحادثة التي مر عليها نصف قرن من الزمن .

في عام 1968 سقطت عجوز يابانية عمياء على مسار القطار وقتلت ، الحادث كان مفجع بالنسبة لليابانيين حيث أعلنوا الحداد العام واستقالت كل الحكومة اليابانية وتم تغيير نظام المواصلات بشكل كامل في البلاد ليلائم ذوي الحاجات الخاصة .. وتم كتابة لوحات في كل شوارع اليابان موجودة لحد الآن ‘ لن ننسى الإنسانة التي أيقظت ضمير الشعب الياباني !!

اليابان ليس لديها مشروع خلافة أو مشروع ولاية فقيه ، فهي لم تحتاج الى قومية أو مذهب كي ترتقي .. اليابان إرتقت بإنسانيتها ؛ فمتى نستعيد الإيمان بإنسانيتنا التي قدسها الله وكفر بها العنصريون ؟ .

التعليقات معطلة.