مقالات

{عودة الحرب الباردة}

حسن فليح /محلل سياسي

لاشك ان الحرب بين اوكرانيا وروسيا أعادة اجواء الحرب الباردة الى الواجهة من جديد بين الولايات المتحدة وروسيا ، ومن تداعيات نهاية الحرب الباردة انها شكلت البداية لحالة الفوضى والتفرد الأميركي المزعج للعالم، وكشفت أيضا أن الجماعات المسلحة اللادولتية كانت أكثر انضباطا ومسيطر عليها ولم تكن بهذه الاعداد وحجم التسلح بل اصبحت قوى مسيطرة على قرارات بعض حكومات الدول مثل افغانستان ودول عربية مثل العراق وسوريا ولبنان واليمن وفلسطين ، ولم تكن تشكل هذا الخطر اللافت الذي عليه اليوم !! الامر الذي جعلها ان تنطلق بلا هوادة حتى أصبحت تهدد الامن والاستقرار ليس بالمنطقة فحسب وانما على المستوى العالمي، ربما تكون لعودة الحرب الباردة ان يصبح العالم أكثر أمانا واستقرار وتنظيما مثلما كان الحال ايام الحرب الباردة الاولى التي استمرت مايقارب 52 عاما،
عودة الحرب الباردة الان باتت شرطا موضوعيا سياسيا لابد منه لما يحصل من تطورات عسكرية وسياسية واقتصادية وصراع مفاهيم قيمية يشهدها العالم اجمع ، فهل تستطيع روسيا أو الصين أو كلاهما استعادة حالة التوازن العالمي وإعادة تنظيم العالم بعيدا عن الهيمنة الأميركية المتفردة؟
ان تهديد الرئيس بوتين الاخير من ان روسيا في حال تعرضها الى هجمات تطال العمق الروسي فأنها ستقوم بتزويد طرف ثالث بالاسلحة المتطورة ، هذا تصريح ينذر بخطر شديد وعودة جدية للحرب الباردة وربما الى ابعد من ذلك ! إن صراع النفوذ بين الصين وروسيا من جهة وبين الولايات المتحدة ودول الناتو ، تقع ضمن استراتيجية دول الصراع انفة الذكر امريكا تسعى لبناء تحالف غربي لمواجهة صعود نفوذ الصين وروسيا
ليس لأن هذا النفوذ يهدد بالضرورة مكانة الولايات المتحدة كقوة عظمى وحيدة في عالم ما بعد الحرب الباردة الاولى ، فحسب وانما من اجل المحافظة على بقاء امريكا القطب الوحيد بالعالم ، وكذلك مواجهة سياسىة الصين وروسيا الهادفة الى تعدد القطبية التي بانت ملامحها ترتسم على العالم امام فشل سياسة ادارة الديمقراطيين بقيادة بايدن بالسيطرة على بؤر التوتر بالعالم وخاصةً في منطقة الشرق الاوسط الذي اصبح مفتوحا على مصراعيه للنفوذ الروسي والصيني حتى اضحى هذا النفوذ في عقر دار النفوذ الامريكي بالخليج العربي بعد ان كان عصيا على الاتحاد السوفيتي سابقا من التقرب من المياه الدافئة طيلة اعوام الصراع البارد التي اعقبت الحرب العالمية الثانية حتى تفكيك الاتحاد السوفيتي ومعسكره الاشتراكي عام 1991 ، ان اثار الحرب الباردة الجديدة وصراعها المحموم على منطقتنا العربية في ضل الحرب على غزة والتي تنذر احداثها الى اتساع رقعتها لتشمل دول عربية اخرى بالوقت الذي تشهد المنطقة تحشدات عسكرية امريكية برية وبحرية بالاضافة الى دول غربية متحالفة معها يجعل المنطقة امام تحدي خطير لاسيما وان ايران الحليفة للصين وروسيا المتاخمة لدول الخليج النفطية والتي تقود الصراع مع اسرائيل عبر فصائل وقوى اللادولتية يجعل من دول الصراع العظمى ان تحسم خيارتها بمنطقتنا قبل اي موقع اخر بالعالم ، الامر الذي يشير بالخطر الحقيقي القادم على المنطقة، والذي لا مفر منه ، ومن المؤكد سيرسم خارطة نفوذ جديدة وتغيير لبعض انظمة الحكم فيها وسيضع المنطقة ودولها امام صورة مختلفة تماما عن ماهي عليها الان .