مع تسلم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب قيادة البيت الأبيض في 20 يناير، تتجه الأنظار نحو السياسات التي ستتبناها إدارته حيال الشرق الأوسط، خاصة في ظل التغيرات الكبرى التي شهدتها المنطقة خلال السنوات الماضية. تنصيب ترامب يأتي في وقت حساس للغاية، حيث تتشابك الأزمات الإقليمية والدولية، وتبدو المنطقة على مفترق طرق حاسم.
واقع متأزم وتحولات كبرى
تعيش المنطقة حالة من الترقب والتوتر. الصراعات الإقليمية ما زالت مستمرة، بدءًا من القضية الفلسطينية التي وصلت إلى مرحلة حرجة في ظل المواجهات بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل والتي ادت الى تدمير غزة وتشريد شعبها الذي يواجه الان عودة الى ارض لا تصلح للعيش نهائيا ومواجهة ازمة انسانية قل نظيرها في تاريخ البشري . وصولاً إلى الأزمة الإيرانية التي باتت تمثل التحدي الأكبر للتحالفات الإقليمية والدولية.
من جهة أخرى، تشهد العديد من دول المنطقة أزمات داخلية متصاعدة، مثل العراق ولبنان، حيث تعاني الشعوب من الفساد السياسي والتدخلات الخارجية، مما ينذر بتحركات شعبية جديدة قد تعيد رسم المشهد السياسي في هذه الدول.
ترامب: عودة السياسات الحاسمة؟
عودة ترامب إلى البيت الأبيض تشكل نقطة تحول في السياسة الأميركية تجاه المنطقة. من المتوقع أن تتخذ إدارته موقفًا أكثر تشددًا تجاه إيران، بما يشمل استهداف برنامجها النووي وأذرعها العسكرية في المنطقة. كما تشير بعض التقارير إلى أن إدارة ترامب قد تعمل على تعزيز التعاون مع حلفائها التقليديين، مثل إسرائيل ودول الخليج، لدفع مشروع “الناتو العربي” إلى الأمام كخطوة لمواجهة النفوذ الإيراني والإرهاب.
في الوقت نفسه، من المرجح أن يدفع ترامب نحو المزيد من التطبيع بين الدول العربية وإسرائيل، خاصة مع تصاعد المخاوف المشتركة من التهديدات الإيرانية. وقد تسعى إدارته إلى استغلال هذه اللحظة التاريخية لتحقيق مكاسب استراتيجية طويلة الأمد.
الرهانات الإقليمية والدولية
في ظل هذه التطورات، تبدو الدول الإقليمية أمام خيارات صعبة. من جهة، تسعى دول الخليج إلى تعزيز أمنها القومي عبر التحالف مع الولايات المتحدة وإسرائيل، ومن جهة أخرى، تحاول روسيا والصين الاستفادة من أي فراغ قد ينشأ عن تركيز ترامب على مصالح أميركية داخلية أو صراعات دولية أخرى.
أما إيران، فتواجه تحديًا كبيرًا يتمثل في عودة إدارة أميركية غير متسامحة مع سياساتها التوسعية. وهذا قد يدفعها إلى إعادة النظر في استراتيجياتها الإقليمية، أو الاستعداد لمواجهة مباشرة قد تكون مكلفة لجميع الأطراف.
إلى أين؟
مع تنصيب ترامب، يبدو أن المنطقة مقبلة على مرحلة من التحولات الحاسمة. السياسات الأميركية الجديدة قد تعيد رسم التوازنات الإقليمية، لكن يبقى السؤال: هل ستؤدي هذه التغيرات إلى استقرار مستدام أم أنها ستشعل صراعات جديدة؟
الشعوب العربية، من جانبها، تواجه لحظة فارقة. التحركات الشعبية في العراق ولبنان تمثل بوادر رغبة حقيقية في التغيير. ومع وجود قيادة سياسية دولية جديدة، قد تتاح لهذه الشعوب فرصة لتحقيق أهدافها إذا ما تمكنت من تقديم رؤية موحدة ومشروع واضح يدعو إلى الحرية والعدالة.
المنطقة تقف على أعتاب فصل جديد من تاريخها، حيث تتشابك التحديات الداخلية مع التدخلات الخارجية. لكن في ظل الإرادة الشعبية المتزايدة والرؤية الدولية الجديدة، يبقى الأمل قائمًا في بناء مستقبل أكثر استقرارًا، شرط أن تُدار التحولات بحكمة وشراكة حقيقية بين شعوب المنطقة والمجتمع الدولي.