أولاً بعض الحقائق.
– أجرت كوريا الشمالية تجربة نووية تقول إنها لقنبلة هيدروجينية.
– الانفجار كان بقوة زلزال درجته 6.3 وسجلته أجهزة الرصد.
– كان الانفجار أقوى عشر مرات من أي تجربة نووية سابقة في كوريا الشمالية، ويكفي لتدمير معظم مدينة كبرى.
– كوريا الشمالية تملك أيضاً صواريخ عابرة للقارات، أو بعيدة المدى، وتؤكد أنها تستطيع حمل مثل هذه القنبلة.
– رئيس كوريا الشمالية ديكتاتور اسمه كيم جونغ- أون وعمره 33 سنة.
– خبير في البرنامج النووي التابع لمؤسسة كارنغي للسلام العالمي قال إن لا شك عنده أبداً في أن كوريا الشمالية اختبرت قنبلة هيدروجينية.
– القنبلة الهيدروجينية موجودة في ترسانتي الولايات المتحدة وروسيا منذ خمسينات القرن العشرين.
ما سبق حقائق لا تقبل تأويلاً أو تعديلاً فماذا فعل الرئيس دونالد ترامب؟ هو هدّد بردٍ من حجم كافٍ لقتل الطموحات النووية لكوريا الشمالية، ثم هاجم كوريا الجنوبية لأنه يعتبر موقفها من كوريا الشمالية محاولة «استرضاء» أو «ترضية» لا تخدم الهدف المطلوب. الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي- إن رد قائلاً إن حكومته ستظل تعمل لنزع سلمي للسلاح، وأضاف أن الكوريين الجنوبيين لا يفهمون لماذا يهاجم الرئيس ترامب حليفاً لبلاده في هذا الوقت المشحون بالصعوبات.
ترامب كتب في تغريدة له: «كوريا الجنوبية بدأت تكتشف، كما قلت لهم، إن محاولة استرضاء كوريا الشمالية لن تنجح فهم (كوريا الشمالية) يفهمون شيئاً واحداً (يقصد القوة)».
كوريا الجنوبية دولة ديموقراطية ومون جاي- إن جاء إلى الحكم في أيار (مايو) الماضي بعد عزل الرئيسة بارك جون- هيه بتهمة محاباة بعض أصدقائها. لو أن هذا المبدأ طبّق في واشنطن لكان ترامب اليوم رئيساً سابقاً.
الآن تهدد الإدارة الاميركية، على لسان ترامب، ووزير الدفاع جيمس ماتيس برد حازم أو حاسم على التجربة النووية الكورية الشمالية. إلا أنها هددت مع كل تجربة سابقة ومع تجارب الصواريخ البعيدة المدى ولم تفعل شيئاً. لا أقول إنها لن تفعل شيئاً هذه المرة أيضاً، لأن التجربة الأخيرة أهم كثيراً من كل تجربة سابقة، وإنما أقول إن الولايات المتحدة بحاجة الى حلفاء إذا كانت سترد على كوريا الشمالية رداً عسكرياً. لاحظت أن ترامب تحدث إلى رئيس وزراء اليابان شينزو آبي بعد التجربة الكورية الشمالية، إلا أنه لم يكلم مون جاي-إن مع أن بلاده نصف كوريا القديمة والخطر عليها أكبر كثيراً منه على اليابان.
إذا كان ترامب يركز على كوريا الشمالية وتجاربها النووية والصاروخية فلماذا يشغل نفسه بمحاولة إلغاء خطة وضعها الرئيس السابق باراك اوباما لتوفير تصاريح عمل لحوالي 800 ألف مهاجر غير شرعي وصلوا الى الولايات المتحدة وهم أطفال، ولا يعرفون بلداً غيرها؟ قرأت أن الرئيس ترامب قد يؤخر إلغاء خطة اوباما نحو ستة أشهر لإعطاء الكونغرس وقتاً كافياً لوضع خطة بديلة. لا أدري إذا كان ترامب سينجح هذه المرة، ولكن أذكر أن خططه لمنع دخول اللاجئين عارضتها المحاكم الاميركية في ولايات عدة، وأن مشروعه للرعاية الصحية (الذي يهتم بالأغنياء لا الفقراء) فشل كبديل لمشروع الرعاية الصحية الذي وضعه اوباما ويتيح خدمات لأكثر من 20 مليون اميركي.
لن أتكهن بما يخبئ المستقبل، فهذا شغل العرّافين، وإنما أقول إن كوريا الشمالية تخطت حدود المقبول بتجربتها الأخيرة وإن الولايات المتحدة تبحث عن رد لا يلقى معارضة من دول الجوار، أو أعضاء في الأمم المتحدة.