“لا يُمكن توقع المشقة التي قد يسببها الشتاء القارص”، هذا ما قالته صحيفة “غارديان” البريطانية في افتتاحيتها، مشيرة إلى أنه في الوقت الذي “لا تستبعد فيه رئيسة الوزراء ليز تراس بشكل قاطع أي احتمال لحدوث نقص في الطاقة هذا الشتاء، إلا أنها تُقلل من شأن هذا الخطر القائم برفضها التعامل معه بصراحة”.
ولفتت الصحيفة إلى ضرورة تحذير البريطانيين من “الاضطرابات التي قد يواجهونها هذا الشتاء الذي يشهد ذروة الطلب على الغاز، بسبب أزمة الطاقة، كما فعلت الشبكة الوطنية حيث أثارت الشركة احتمال انقطاع التيار الكهربائي لمدة ثلاث ساعات يومياً”، حال لم تستطع البلاد استيراد الكهرباء من أوروبا، مضيفة أنه “ليس السيناريو الأكثر احتمالاً، ولكن من الممكن جداً أن يحدث إذا فاق الطلب على الغاز الإمدادات من بقية أوروبا”.
وذكرت الصحيفة أن تراس “لا تريد أن تكون أمام الشعب رئيسة الوزراء التي فرضت تقنين الطاقة، ويبدو أنها تُفضل الإنكار باعتباره الطريقة لتجنب حدوث ذلك”.
منع الحملات
وفي الوقت نفسه، قالت الصحيفة إن “داونينغ ستريت منع حملة إعلامية من قبل وزارة الأعمال تُشجع السلوكيات البسيطة الموفرة للطاقة ظاهرياً كما في الدول الأوروبية الأخرى، وعلى ما يبدو بسبب التكلفة البالغة 15 مليون جنيه إسترليني”.
وأشارت “غارديان” إلى أن “هذا المبلغ ضئيل جداً مقارنة بعشرات المليارات التي تلتزم الحكومة بإنفاقها على خفض الفواتير خلال فصل الشتاء”.
وترى الصحيفة أن “هذا الإنفاق، الذي سيزيد العجز المالي، سيكون أقل إذا كان هناك جهد وطني جماعي لاستخدام الطاقة بشكل مقتصد”.
وقالت إن “تراس ليست غريبة تماماً على البراغماتية، إذ أنها تدرك أن تدخل الدولة المكثف ضروري لحماية الناس من ارتفاع أسعار الطاقة، حيث بدأت بتذويب الجليد في العلاقات مع فرنسا وبقية أوروبا، حين استسلمت في النهاية لخفض معدل الضريبة إلى 45 بنساً”.
حكم ضعيف
وأضافت أنه “قبل أن تؤيد تراس الإعانات لاستخدام الطاقة، كانت تُعارض بشدة مثل هذه (الصدقات) للأسر والشركات، فضلاً عن أنها تخلت عن التخفيض الضريبي لأنه حتى نوابها اعتقدوا أنه يكافئ الأغنياء دون مبرر”، واعتبرت الصحيفة أن “حكم رئيسة الوزراء ضعيف في الاقتصاد والسياسة والدبلوماسية”.
وأشارت الصحيفة إلى أن تراس “مغرمة بالجدل، ويبدو أنها تقيس الجرأة في السياسة بقوة رد الفعل ضدها، إذ تنقسم خريطتها العقلية السياسية ما بين الزمرة الأيديولوجية الصغيرة التي تؤيد خططها، والتحالف المناهض للنمو الذي يضم الجميع. إنها شعبوية دون شعبية، وترأس حكومة غير منتظمة ومنقسمة وتثير الاستياء”.
“قائدة ضعيفة”
وذكرت الصحيفة أن “العديد من أعضاء البرلمان المحافظين الذين ينتمون إلى حزب تراس توقعوا حدوث ذلك، حتى قبل دخولها إلى داونينغ ستريت، أما الآن إنهم متأكدون من ذلك، ويتساءلون عن كيفية الحد من الضرر الذي سيلحق بآفاقهم الانتخابية”.
واختتمت “غارديان” مقالها بالقول إنه “في وقت قصير جداً، وضعت رئيسة الوزراء سجلاً ادعت فيه أموراً بثقة تبين أنها خاطئة. إنه شتاء صعب، يواجه الملايين الفقر وقلة الوقود والغذاء، من شأنه أن يستنفد مكانة أي حكومة”، مضيفة أن تراس “قد تكون محظوظة بشتاء دافئ، لكنها قائدة ضعيفة، تقامر كثيراً بأشياء لا يمكن التنبؤ بها.. مثل الطقس”.