غزة بين نيران الحروب وأوامر الوصاية الإيرانية

7

 

لم يفق شعب غزة بعد من صدمة الحرب الأخيرة، التي أحرقت الأخضر واليابس، وأثقلت كاهل أهله بجراحٍ نفسية ومعيشية لا تُحتمل. غزة التي دفعت ولا تزال تدفع ثمن صراعات أوسع من حدودها، تجد نفسها اليوم رهينة أوامر إيرانية تُنفذها حماس وغيرها من الفصائل المسلحة، التي تستغل المآسي لتحقيق أجندات خارجية لا تعنيها المصلحة الفلسطينية في شيء.

الكارثة النفسية والبيئية
عندما يعود أهالي غزة إلى منازلهم أو ما تبقى منها سيواجهون كارثة نفسية ومعاشية تفوق ما تعرضوا له خلال الحرب ذاتها. الدمار البيئي الذي حل بالمدينة، والتشريد الجماعي، وفقدان الأحبة، ستترك بصماتها العميقة على النفوس. الأطفال الذين شهدوا أهوال الحرب، والعائلات التي فقدت كل شيء، ستعيش سنوات طويلة تحت وطأة الألم والحرمان.

حماس وأوامر إيران: من يدفع الثمن؟
لا يمكن إنكار دور حماس كفاعل أساسي في المشهد الغزاوي، لكن الحقيقة التي يجب أن تُقال هي أن قراراتها ليست مستقلة. أوامر إيران، التي تحرك حماس وفقًا لأجندة طائفية وإقليمية، دفعت غزة إلى أتون صراعات لا ناقة لها فيها ولا جمل. إيران، التي تدعي دعم القضية الفلسطينية، استغلت معاناة الشعب الغزاوي كورقة ضغط لتحقيق مكاسبها الإقليمية، تاركة غزة وشعبها يدفعان الثمن من دمائهم ومستقبلهم.

إيران وإسرائيل: تخادم واضح يفوق التصورات
ما حققته إيران بالتخادم مع إسرائيل تجاوز بكثير ما تمكنت إسرائيل من تحقيقه بمفردها. فعلى مدى العقود الماضية، ساهم التدخل الإيراني في تعميق الانقسامات داخل الصف العربي والفلسطيني، وزيادة عزلة غزة عن محيطها العربي، وإبقاء القضية الفلسطينية رهينة للصراعات الإقليمية. في لبنان وسوريا واليمن أيضًا، كان لإيران دور مباشر في تدمير البنى التحتية وتفكيك المجتمعات، مما منح إسرائيل مساحة أوسع لتحقيق أهدافها دون مواجهة حقيقية.

شعب غزة: ضحية مزدوجة
الشعب الغزاوي اليوم ضحية مزدوجة: من جهة، الاحتلال الإسرائيلي الذي لا يتوانى عن تدمير غزة وتشديد الحصار عليها، ومن جهة أخرى، الأجندات الإيرانية التي تُنفذ بأيدي الفصائل المسلحة، والتي لا تتوانى عن التضحية بالشعب ومصالحه لتحقيق أهداف سياسية ضيقة.

غزة ليست ساحة حرب فحسب، بل أصبحت عنوانًا لمعاناة إنسانية تتجاوز حدود المكان والزمان. هذا الشعب المظلوم الذي يدفع ثمن حروب وصراعات لا تخصه، يستحق وقفة جادة من المجتمع الدولي والعالم العربي لإنقاذه من براثن الاحتلال وأوامر الوصاية الإيرانية. يكفي أن تُستخدم غزة كأداة في لعبة المصالح الكبرى، فقد آن الأوان أن يُمنح أهلها فرصة للعيش بكرامة وسلام.

التعليقات معطلة.