د.نعيمه أبو مصطفي
من لا يعرف شيئا عن يوم الأرض، ومن لا يعرف من هم الفلسطينيون الذين صمدوا سبعون عاما على احتلال أراضيهم، وتهجيرهم من مدنهم وقراهم، ومعاملتهم أسوأ معاملة في التاريخ من دول وشعوب مختلفة، ولا يزالون يتعرضون للقمع والتنكيل سواء في داخل الأراضي التي اُحتلت عام 1948، أو في الأراضي التي احتلت عام 1967، أو في الشتات. فالقمع والحصار واحد وأن اختلفت يد المنفذ.
في ذكرى يوم الأرض الموافق 30 مارس/آذار من كل عام، حيث يحتفل الفلسطينيون بإحياء هذه الذكرى التي وقعت أحداثها في العام 1976 عندما قامت عصابات الاحتلال الصهيوني بمصادرة 21 ألف دونم من الأراضي الفلسطينية، ورفض أصحاب الأرض هذا الأجراء، وتم الإعلان عن إضراب شامل في 30مارس/آذار، وازدادت حدّة المواجهات بين الفلسطينيين وعصابات الاحتلال التي اقتحمت القرى الفلسطينية، وقتلت وجرحت واعتقلت العديد من أبنائها، وسقط ستة شهداء وحوالي مائة مصاب، وتم اعتقال المئات.
وتأتي ذكرى أحياء هذا اليوم في 30 مارس عام 2018، بنكهة مرارة جديدة على الشعب الفلسطيني، والشعوب العربية التي عاشت في حلم القومية والوحدة العربية، بعد أن انفجر في وجوههم عدة قرارات زلزلت الأرض من تحت أرجلهم، وصفعت وجه المطبعين والمتآمرين على القضية الفلسطينية والمتاجرين بها في كل مكان، حيث قرر ترامب الصهيوني نقل سفارته إلى القدس، وإعلانه القدس عاصمة أبدية لـ (إسرائيل)، وبعد تبنى عدد من دول الشرق الأوسط المشروع الصهيوني ما عرف بـ(صفقة القرن)، والذي تضمنت بنوده توطين الفلسطينيين في جزء من سيناء، وشرق الأردن، وإقامة تطبيع كامل مع العصابات الإرهابية الداعشية التي احتلت فلسطين وأرهبت العالم.
ومهد لتنفيذ هذا المخطط تغير شامل وجذري في سياسة بعض الدول العربية والخليجية تجاه هذه العصابات الصهيونية، والتعامل معها علناً على أنها شريك في كل شيء، وعقد صفقات بمليارات الدولارات أمام العالم. ليس على حساب وشرف تصفية القضية الفلسطينية وحسب، بل أيضاً، على شرف تصفية وإنهاء عدد من الدول العربية، وإعادة تشكيل المنطقة جغرافيا وسياسيا، بما يتناسب مع الأطماع التوسعية والاستعمارية لكل من أمريكا وبني صهيون.
في ظل هذه الصورة القاتمة التي يعيشها الفلسطينيون، بالإضافة إلى، ما كرسته سياسة الرئيس منتهى الولاية محمود عباس من انقسام وفرقة وحصار للشعب الفلسطيني، وتحديدا توقيع عقاب جماعي على أهل غزة والتنكيل بهم. ورفع درجة الفساد الإداري في سلطة حماس، والتضييق والحصار على أهل غزة.
تأتي فعالية إحياء ذكرى يوم الأرض بنكهة مختلفة لتصفع كل هذه المؤامرات والخيانات على وجهها وتركلها بالحذاء إلى خارج الأرض، وتذكر العالم بأن أصحاب الأرض أحياء إلى قيام الساعة، عندما أعلنت الهيئة الوطنية العليا عن مسيرة كبرى باسم (مسيرة العودة)، والتي خرج فيها أبناء فلسطين للتوجه نحو أراضيهم التي هجروا منها قسراً قبل سبعون عاماً، وضمت هذه المسيرة جميع الفصائل الفلسطينية بلا استثناء ولا انقسام ، وتم نصب عشرة خيام كبيرة في خمسة مواقع على طول الحدود بين قطاع غزة وأراضي ال 48، كما نصبت العائلات الفلسطينية التي تعيش في مخيمات داخل القطاع عشرات الخيام على حدود غزة، وحملت لافتات تعبر عن تمسكهم بالأرض وحق العودة إلى ديارهم.
هذه الخطوة كانت بمثابة الصفعة الكبرى ليس على وجه الاحتلال وحده بل على كل من يفكر في التلاعب بمقدرات الشعب الفلسطيني ومصيره، هذا شعب الجبارين، شعب المرابطين في أكناف بيت المقدس إلى قيام الساعة، الشعب الذي قدم أكبر تضحيات على مر التاريخ، الشعب الذي قاوم كل أشكال العنصرية تجاهه.
في هذا اليوم انتفضت غزة وأهلها البواسل الأبطال لتقول للعالم كله، أنا هنا باقون وإلى ديارنا عائدون، ولمؤامراتكم رافضون، ومن أجل الوطن مضحون، وبالشهداء مدافعون، ولحصاركم رافضون، ولعدوانكم صامدون.
تحية لأهل غزة البواسل، تحية للفصائل الفلسطينية التي توحدت في هذا اليوم، تحية ورحمة للشهداء، ونتمنى الشفاء للمرضى والحرية للمعتقلين، وان تكون هذه نقطة البداية لوحدة أبناء الدم الواحد.