على رغم استقرار التضخم في البلاد عند حدود 1.5 في المئة فإن تحديات العام الدراسي لا تزال تشكل عبئاً ثقيلاً على شريحة واسعة من الأسر
محمد غرسان صحافي سعودي
تشكل الرسوم الدراسية للمدارس الخاصة والجامعات عبئاً إضافياً يثقل موازنات العائلات ذات الدخل الأدنى والمتوسط مع تزايد كلفة التعليم ( اندبندنت عربية )
عادت قائمة الهواجس في السعودية مع بدء العام الدراسي إثر عودة أكثر من 6 ملايين طالب وطالبة إلى التعليم العام ونحو 1.3 مليون آخرين إلى الجامعي والمهني للفصول الدراسية غداً الأحد، وسط حال من الترقب للجدل حول التحديات المصاحبة للموسم. وظلت المواصلات والرسوم الدراسية أحد أبرز الهواجس التي تواجهها الأسر، إذ تشكل الرسوم الدراسية للمدارس الخاصة والجامعات عبئاً إضافياً يثقل موازنات العائلات ذات الدخل الأدنى والمتوسط مع تزايد كلفة التعليم، إذ يفيد بعض أولياء الأمور خلال حديثهم مع “اندبندنت عربية” بأنهم وجدوا أنفسهم بين أعباء الرسوم والمستلزمات الدراسية وما يعدونه حقاً أساساً لأبنائهم، مما دفع بعض الأهالي إلى البحث عن حلول لتخفيف الضغوط المالية من طريق القروض التعليمية.
وقال المستشار الأسري سعود المصيبيح لـ”اندبندنت عربية” إن العودة إلى المدارس هاجس لدى الأهالي في جميع أنحاء العالم، إذ تعد الدراسة من أهم المراحل التي يمر بها الإنسان في حياته وأن أكثر ما يقلق “ارتفاع الرسوم الدراسية نتيجة الوضع الاقتصادي العام”.
ويقول طالب في إحدى الجامعات الخاصة “إن التنافس على مقاعد الجامعات الحكومية شرس ولا ينالها إلا أصحاب الدرجات العالية، مما جعلني ألتحق بإحدى الجامعات الخاصة ودفع 48 ألف ريال (12 ألف دولار) سنوياً، ولتغطية الكلف لجأت أسرتي إلى القروض التعليمية من طريق شركات التمويل”.
فيما يرى رعد طارق أن تحمل الرسوم الدراسية في المدارس الخاصة يعد استثماراً في تعليم الأبناء، إذ يحرص على أن يتلقى أبناؤه تعليماً جيداً لبناء مستقبلهم حتى وإن كانت الكلف عالية، مما يجعله يدفع بسخاء نحو 50 ألف ريال (13 ألف دولار) سنوياً نفقات على تعليم أبنائه في المدارس الخاصة، على رغم إمكان تلقيهم التعليم في نظيرتها الحكومية إلا أنها أقل جودة في نظر عدد من الأهالي.
وعلى رغم استقرار التضخم في المملكة عند حدود 1.5 في المئة في آخر تقرير لهيئة الإحصاء في البلاد، فإن غلاء أسعار الرسوم والمواصلات والمستلزمات الدراسية لا يزال على رأس شكاوى شريحة واسعة من الأسر مع بداية العام الدراسي.
وأظهرت بيانات “بوابة التعليم الأهلي” في السعودية التي اطلعت عليها “اندبندنت عربية” تفاوتاً في الرسوم بين المدارس الأهلية والأجنبية في البلاد. وجاءت المدارس التي تقدم البرامج التربوية لذوي الحاجات الخاصة الأعلى من ناحية الرسوم، إذ وصلت في العاصمة الرياض إلى 100 ألف ريال (26 ألف دولار) للعام الدراسي الواحد، فيما تراوحت رسوم المدارس الأهلية والأجنبية للصفوف الدراسية الابتدائية والمتوسطة والثانوية بين 10 آلاف (2664 دولار) إلى 75 ألف ريال (20 ألف دولار) في العام.
يبدو أن البحث عن وسيلة نقل مدرسية آمنة وموثوقة هو الآخر ليس بالأمر السهل، ويعد من أبرز الهواجس التي تؤرق العائلات في السعودية ( وكالة الأنباء السعودية )
شروط الرحلة الآمنة
ويبدو أن البحث عن وسيلة نقل مدرسية آمنة وموثوقة هو الآخر ليس بالأمر السهل، ويعد من أبرز الهواجس التي تؤرق العائلات في السعودية مع عودة أبنائهم إلى المدارس خصوصاً ممن يقطنون في القرى والمناطق البعيدة من جامعاتهم، والتي هي عادة ما تكون داخل المدن الرئيسة.
ويشير بعض أولياء الأمور خلال حديثهم مع “اندبندنت عربية” إلى أن تنظيم المواصلات يتطلب تنسيقاً بين أفراد الأسرة، خصوصاً عندما يكون هناك أكثر من فرد من الأسرة يذهبون إلى مدارس مختلفة، مما يدفع عديد الأسر إلى البحث عن حلول بديلة مثل تنظيم رحلات مشتركة مع جيرانهم أو توظيف سائق خاص لضمان وصول أبنائهم إلى المدارس والجامعات من دون قلق.
وقال رائد وهو أب لثلاثة أبناء إنه يتعامل مع تحدي المواصلات كل صباح، إذ إن كل أحد من أبنائه ينتظم في مدرسة مختلفة عن الآخر ومكان عمله بعيد منها، وعليه إيصالهم إلى مدارسهم في طريقه خلال وقت محدود.
وتعبر بعض الأسر عن قلقها من استخدام الحافلات المدرسية وبخاصة حال رغبتها في التأكد من أن الرحلة آمنة وخالية من المشكلات.
وتقول نورة وهي أم لطفلين “على رغم أن الحافلات المدرسية توفر لنا كثيراً من الوقت فإنني دائماً أشعر بالقلق حتى أطمئن على وصول أطفالي إلى المدرسة بسلام”.
وعلى رغم ندرة حوادث النقل المدرسي خلال العام الدراسي فإن الهيئة العامة للنقل وضعت اشتراطات تنظيمية لنقل للطلاب والطالبات، وحددت عمر السائق بألا يقل عن 25 سنة، وأن يحصل على بطاقة سائق ورخصة قيادة سارية المفعول، وشهادة خلو من السوابق.
وتتضمن الاشتراطات حصول السائق على دورة إسعافات أولية معتمدة واجتيازه الفحص الطبي من قبل الهيئة وأيضاً اختبار الكفاءة المهنية، وأي اختبار أو دورات تدريبية تحددها الهيئة العامة للنقل.
ونبهت الهيئة العامة للنقل السائقين بعدم المغادرة قبل دخول الطلاب والطالبات إلى مقر الجهة التعليمية أو مقر السكن. وألزمت المرخصين في هذا النشاط بتطبيق جميع التجهيزات الفنية وأدوات السلامة للحافلات التعليمية المستخدمة، ومن ضمن هذه التجهيزات توافر أدوات السلامة داخل الحافلة وأجهزة تتبع مرتبطة بمنصة “وصل”، وكذلك توافر الكاميرات داخل الحافلات وعلامة “حافلة مدرسية” على جانبيها والجزء الخلفي منها، وأن تكون باللون العاكس.
تتخذ وزارة التعليم في البلاد إجراءات صارمة لضمان استمرار تقديم الخدمات التعليمية وعدم التسبب في انقطاعها ( وكالة الأنباء السعودية )
منصة مراقبة
ومن جانبه خصصت شركة “رافد” الذراع التطويرية لخدمات النقل للمؤسسات التعليمية من مدارس خاصة وأجنبية وجامعات ومعاهد تابعة لشركة تطوير التعليم القابضة المملوكة للدولة منصة لمراقبة أداء خدمة النقل المدرسي، وعرض أداء خدمة النقل وتحليله بصورة تفاعلية ومباشرة. ووضعت الشركة 19 مؤشراً لأداء خدمة النقل المدرسي تتضمن الأمن والسلامة، وسائقي الحافلات، والمخالفات ومعالجتها.
الغياب وتحمل الأمانة
ومع عودة الطلاب إلى مقاعد الدراسة تتخذ وزارة التعليم في البلاد إجراءات صارمة لضمان استمرار تقديم الخدمات التعليمية وعدم التسبب في انقطاعها، وكذا يُتعامل مع الطالب الذي يتكرر غيابه من دون عذر مقبول سواء كانت أيام الغياب متصلة أو منفصلة، ويحال الطالب من إدارة المدرسة إلى إدارة التعليم لدراسة حالته ومتابعتها وأخذ تعهد كتابي من ولي الأمر بعدم تغيب ابنه عن الدراسة، وعند غيابه 15 يوماً ينقل إلى مدرسة أخرى.
ويرى المستشار الأسري أنه من المهم مع بداية العام الدراسي الانضباطية والجدية والمثابرة إلا أن هناك حالات من بعض الطلاب لا تعطي ذلك أهمية، خصوصاً مع أول وآخر أسبوع دراسي داعياً إلى محاسبة الغائبين، مشيراً إلى أن ذلك يعكس خللاً في وجود التنسيق بين الأسرة والمنظومة التعليمية.
في غضون ذلك دعا مفتي عام السعودية الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ معلمي بلاده تزامناً مع العام الدراسي، الذي ينطلق غداً إلى تذكر أن عليهم “مسؤولية كبيرة وأمانة في أعناقهم في بيان الحق وتعليم الأبناء والبنات ما يرفع درجاتهم في الدنيا والآخرة وعليهم الإخلاص وبذل النصح وفتح الحوار مع الأبناء في المراحل التعليمية كافة والإصغاء للصغير قبل الكبير وتوجيههم إلى ما يفيدهم ويحصن عقيدتهم ليكونوا لبنات صالحة في مجتمعهم”.
بينما حض التلاميذ على “التحصيل العلمي الذي هو سلاحكم في هذا الزمن الذي كثرت فيه الملهيات والمغريات”، موصياً بالاستماع إلى “توجيهات آبائكم وأمهاتكم وولاة أمركم في شؤون حياتكم لتكونوا سفراء خير لأسركم وبناء وطنكم الذي يبذل لكم كل نفيس وغال لإسعادكم وتذليل الصعاب”.