فاوضونا وخذوا ما يدهشكم

2

سناء الجاك

يقفل “حزب الله” الطرق المؤدية إلى مخارج تسمح للدولة باستعادة سيادتها واستكمال مسيرة الإنقاذ والإصلاح، كأنه يرفض الاعتراف بهذه الدولة، ويتمسك بسلاحه في ظل المعطيات الحالية التي تكرس هزيمته وتؤثر على مصيره.

هو متيقن من أن مثل هذا التسليم سيفاقم خسارته غالبية حلفائه بعد أفول شمس محوره الممانع، وسوف يُتَرْجَم على الأرض بتقلص بيئته الحاضنة، وكل من كان ملتحقًا به لتحقيق مصالحه المالية وتعزيز نفوذه في إطار الجماعة. وأيضًا سيبتعد عنه من انضوى تحت رايته خوفًا، وفق مقولة “اليد التي لا تقوى عليها قبّلها وادعُ عليها بالكسر”. أيضًا وأيضًا، سوف يقوى نبض المعارضين الشيعة ويجمعون حولهم من يوافق على توجهاتهم.

وبحسبة بسيطة لن يبقى مع “الحزب بعد فقدانه فائض قوته، إلا المؤمنون إيمانًا أعمى بأيديولوجية الولي الفقيه، والتي لا تختصر المعتقدات الشيعية. وهؤلاء لا يضمنون له بالشراكة مع حركة “أمل” احتكار التمثيل الشيعي، ما يؤدي بالتالي إلى عجزه عن البقاء اللاعب الأقوى في لعبة التوازنات المقبلة، سياسيًا أو دستوريًا.

من هنا، يبدو منطقيًا لـ “الحزب” أن يستميت ويُميت، ربما، حتى يمنع التوصل إلى صيغة تقضي بتسليمه سلاحه للدولة، وفق استراتيجية رئيس الجمهورية جوزاف عون ومعه رئيس الحكومة نواف سلام، بأسلوب سلس ومن دون صدام ومواجهات، وإعلان التزامه بهذه الصيغة، حتى قبل تنفيذها، ما يعني أنه صار تحت إمرة هذه الدولة، التي بات بيدها وحدها قرار الحرب والسلم، لذا يرفع سعره وسقف توقعاته، تماما كما يرفع سقف تهديداته تجنبًا للحظة تجرع كأس السم.

في المقابل، تواصل إسرائيل اعتداءاتها المتكررة أينما كان على الأرض اللبنانية بحجة “إزالة أي تهديد” ضدها، لمنع “الحزب” من إعادة ترميم قدراته. وتعلن أنها “لا تزال تتوقع من الجيش اللبناني الاستمرار في جمع سلاح “الحزب”. وعندما يستكمل الجيش اللبناني مهمته بحسب الاتفاق، ستنسحب من الجنوب وتوقف الاستهدافات”.

وبين “الحزب” والعدو الإسرائيلي تستمر الدولة بمراوحة عقيمة في دائرتها المقفلة، ما لم تتحمل مسؤوليتها كاملة لجهة مواجهة “الحزب”، ليس بفتح الجبهات العسكرية والأمنية في الداخل اللبناني، ولكن بالإعلان الصريح عن رفضها ما قاله الأمين العام لـ “الحزب” نعيم قاسم، تمامًا كما تعلن رفضها الاحتلال الإسرائيلي، من “أن بإمكان الرؤساء الثلاثة تقديم ردهم بمعزل عن “الحزب”، لأن لدينا طريقتنا الخاصة في التعامل مع الورقة الأميركية”. وهذه الطرق لا تتضمن العودة إلى السلاح لدرء الاعتداءات الإسرائيلية، إنما بتسريب معلومات عن “رغبة في التعامل مع الورقة الأميركية مباشرة ومن دون وسائط”.

ربما لم يعد أسلوب تسليم السلاح “بالتي هي أحسن” صالحًا. أكثر من ذلك، في ظل مواقف “الحزب” سيتسبب هذا الأسلوب بالقضاء نهائيًا على الدولة لمصلحة “الحزب” الذي يكاد يقول للأميركيين ومن خلفهم العدو الإسرائيلي: فاوضونا وخذوا ما يدهشكم!!

التعليقات معطلة.