اكتشف باحثون من “جامعة مكماستر” أن هنالك فيروسات من الأنواع التي تمتلك القدرة على التهام البكتيريا، تتغيّر تركيبتها حين تخضع لظروف معينة، فتُشكِّل هياكل شبيهة بالزهور. يفتح هذا الاكتشاف آفاقاً جديدة لعلاج الأمراض وتشخيصها، بالاستناد إلى تلك الهياكل الفيروسية.
وأثناء اشتغال ذلك الفريق البحثي الجامعي بشكل روتيني، على الفيروسات الملتهمة للبكتيريا، اكتششف شيئاً غير متوقع ظهر أثناء شرائح عنها لتفحُّصها تحت المهجر.
وقد فوجئ الباحثون بأنها شكّلت هياكل ثلاثية الأبعاد تشبه زهرة عباد الشمس، لكنها بعرض عُشرَين من الملليمتر .
واستنتج الفريق إعطاء القليل من التحفيز للفيروسات الملتهمة للبكتيريا، أدّى إلى انتاجها بشكل طبيعي أنواعاً من الهياكل، استعصى على الخبراء تكوينها صناعيّاً، على مدار عقود طويلة. وكذلك أثبتت تلك الهياكل الطبيعية للفيروسات الملتهمة للبكتيريا، أنها أكثر كفاءة بمقدار 100 مرّة من نظيراتها التي لم تحصل على التحفيز نفسه، في ملاحقة الجراثيم.
الأشكال الفيروسية الفريدة
جاءت الاكتشافات الأولية نتيجة حادث سعيد حدث بصورة عرضية أثناء عمل روتيني في المختبر.
وقد اختار المؤلف الرئيسي لي تيان وزملاؤه معالجة الفيروسات الملتهمة للجراثيم بثاني أكسيد الكربون تحت ضغط مرتفع.
وتذكيراً، قاد هذه الدراسة الباحث تيان الذي يشغل الآن منصب الباحث الرئيس في جامعة جنوب شرق الصين، في سياق تحضير رسالته للحصول على درجة الدكتوراه، تمهيداً لتعيينه لاحقاً كزميل باحث لما بعد الدكتوراه في “جامعة مكماستر”.
على الرغم من أن الباحثين معتادون على رؤية عمل الفيروسات على صنع أشياء مذهلة حينما يراقبونها تحت المجهر، إلّا أنهم دُهشوا بصنعها أشكالًا معقّدة وطبيعية ومفيدة للغاية.
يوضح تيان، “لقد حاولنا حماية بنية تلك الفيروسات المفيدة. وشكَّل ذلك التحدّي التقني الذي سعينا لتخطّيه. ولكننا حصلنا على تلك الهياكل المذهلة التي صنعتها الطبيعة بنفسها”.
من طريق الصدفة
يؤكد توهيد ديدار، مؤلف آخر لورقة تلك الدراسة ومهندس ميكانيكي متخصص في المواد النانوية الحيوية، أن “الاكتشاف حدث بشكل عرضي. حينما أخرجنا تلك الفيروسات من غرفة الضغط العالي ورأينا هذه الزهور الجميلة، أصابتنا دهشة كاملة. استغرقنا عامين لاكتشاف كيفية وسبب حدوث ذلك، وفتحنا الباب أمام إمكانية إنشاء هياكل مماثلة باستخدام تراكيب جينية متنوعة”.
ووفق رأي المهندسة الكيميائية زينب حسينيدوست، أن “هذا النوع من الهياكل المتجعدة الجميلة موجود في كل مكان في الطبيعة. وعلى مدار عقود، ألهمت الخصائص الميكانيكية والبصرية والبيولوجية لهذا النوع من الهياكل، المهندسين لتقليدها بشكل صناعي، على أمل الحصول على نفس الخصائص منها”.
وثمة اهتمام متجدد باستخدام الفيروسات الملتهمة للبكتيريا كعلاجات لعدد من أنواع العدوى، لأنه يمكن برمجتها لاستهداف جراثيم مؤذية معينة، من دون أن تصيب الأنواع الأخرى.