بعد خمس سنوات من تفشي فيروس كورونا الذي قلب العالم رأساً على عقب، تظهر تقارير من الصين حول ارتفاع حاد في حالات الإصابة بفيروس
“ميتانمو البشري” (HMPV)، ترافق مع تساؤلات حول احتمال تحوله إلى أزمة صحي واسعةة جديدة. ومع اكتظاظ المستشفيات في بعض المناطق الشمالية بالصين وانتشار صور ومقاطع فيديو لمواطنين يرتدون الكمامات مجدداً، تتّجه الأنظار نحو هذا الفيروس الذي يُشبه نزلات البرد، لكنه قد يسبّب مضاعفات خطيرة، خاصة لدى الأطفال وكبار السن وذوي المناعة الضعيفة.
هل نحن أمام موجة مرضية جديدة تهدد الصحة العامة؟ وما الذي يميز هذا الفيروس عن غيره؟ وهل تمتلك الأنظمة الصحية العالمية القدرة على مواجهته في حال انتشاره على نطاق واسع؟
تتصدر هذه الأسئلة النقاشات، في وقت تُسارع فيه السلطات الصينية والعالمية إلى طمأنة الجمهور بأن الوضع لا يزال تحت السيطرة.
بروفايل علمي عن فيروس “ميتانمو البشري”
بحسب موقع “كليفلاند كلينك” https://my.clevelandclinic.org/health/diseases/22443-human-metapneumovirus-hmpv ، فيروس “ميتانمو البشري” (Human Metapneumovirus) ، واختصاراً “أتش أم بي في” (HMPV) فيروس شائع يسبب أعراضاً مشابهة لنزلات البرد. وتتضمّن أعراضه الشائعة معاناة السعال، الحمى، انسداد أو سيلان الأنف، التهاب الحلق، الأزيز، وضيق التنفس. وعلى الرغم من أن معظم الحالات تكون خفيفة، فإن الفئات العمرية الضعيفة، أي الأطفال دون الخامسة والرضّع، وكبار السن فوق 65 عاماً، أو الفئات ذات المناعة الهشة، معرّضة بشكل أكبر لخطر الإصابة بمضاعفات خطيرة كالالتهاب الرئوي أو تفاقم أمراض الجهاز التنفسي المزمنة.
انتشار الفيروس ومخاطره
في الغالب، يتسبّب HMPV بالتهابات الجهاز التنفسي العلوي [الأنف والحلق والحنجرة…]، لكنه قد يؤدّي في بعض الحالات إلى التهابات في بقية الجهاز التنفسي كالقصبات الهوائية والرئتين. وفي الحالة الأخيرة، يصبح HMPV مشابهاً الالتهاب الرئوي الحاد أو نوبة ربو متفاقم أو حالة حادة من مرض الانسداد الرئوي المزمن. ويشيع انتشار العدوى خلال فصل الشتاء وبداية الربيع. تُظهر الأبحاث أن الإصابة الأولى تكون شديدة في العادة، لكن المناعة المكتسبة تجعل الإصابات اللاحقة أقل حدة.
وكخلاصة، قد يسبب HMPV مضاعفات خطيرة مثل التهاب القصيبات، التهاب الشعب الهوائية، أو التهابات الأذن الوسطى.
كيفية انتقال العدوى
ينتقل HMPV من خلال ملامسة مباشرة لشخص مصاب أو من خلال لمس الأسطح الملوثة بالفيروس. وتشمل طرق الانتقال:
- السعال والعطس.
- المصافحة، التقبيل، أو العناق.
- لمس الأسطح الملوثة مثل الهواتف، مقابض الأبواب، أو الألعاب.
عوامل الخطر والمضاعفات
تشمل عوامل الخطر الرئيسية:
- العمر (الأطفال الصغار، خصوصاً خاصةً الرضع، أو كبار السن فوق 65 عاماً.
- الأفراد الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة بسبب أمراض أو أدوية مثبطة للمناعة.
- مرضى الربو أو الانسداد الرئوي المزمن
التشخيص والعلاج
في العادةً، تشخص الإصابة بفيروس HMPV بناءً على الأعراض والتاريخ الطبي. وكذلك من المستطاع أخذ عينة من الأنف أو الحلق لتحليلها في المختبر. لا توجد أدوية مضادة للفيروسات مخصّصة لـ HMPV. وبصورة عامة، يجري التركيز على التعامل مع الأعراض باستخدام أدوية تخفيف الألم والسعال.
وفي الحالات الشديدة، قد يحتاج المريض إلى علاج بالأكسجين أو إعطاء سوائل بالوريد أو غيرها.
الوقاية
بغية تقليل خطر الإصابة بـ HMPV، يُنصح باتباع هذه الخطوات:
- غسل اليدين بانتظام بالماء والصابون.
- تغطية الأنف والفم عند السعال أو العطس.
- تجنّب الاتصال المباشر مع الأشخاص المرضى.
- استخدام الكمامات عند الضرورة.
التوقعات والمآل
تستمر الحالات الخفيفة من HMPV من بضعة أيام إلى أسبوع، بينما قد تستغرق الحالات الشديدة وقتاً أطول. ويُنصح بمراجعة الطبيب إذا استمرّت الأعراض أكثر من بضعة أيام أو إذا ظهرت علامات شديدة مثل صعوبة التنفس أو الحمى العالية.
يكون فيروس HMPV شائعاً وعوارضه معتدلة في معظم الأحيان، لكنه قد يصبح خطيراً لدى الفئات الضعيفة، مما يتطلّب مراقبة وعناية طبية عند الضرورة.
باختصار، يشكل فيروس “ميتانموي البشري” تحدياً صحياً يتطلّب زيادة التوعية والاحتياطات، خاصةً للفئات الأكثر عرضة للمضاعفات. ومع أن معظم الإصابات خفيفة ويمكن إدارتها منزلياً، إلا أن التساؤلات تثار حول مدى جاهزية الأنظمة الصحية لمواجهة حالات التفشي الحادة.
هل يكفي الاعتماد على الوقاية التقليدية لتقليل انتشار الفيروس؟ وهل هناك أفق لتطوير علاجات مضادة للفيروسات أو لقاحات تحمي الفئات الأكثر ضعفًا؟ مع تزايد أعداد الإصابات بالأمراض التنفسية عالمياً، يصبح من الضروري أن نتساءل عن كيفية تعزيز استراتيجيات الوقاية والعلاج بهدف ضمان صحة مجتمعاتنا.