صحيح أن الغذاء ضروري للجسم والصحة، إلا أن لجوئنا إلى الأكل لا يقتصر على الحاجة إليها، بل يذهب إلى أبعد من ذلك لأن في الأكل لذة. وأكثر بعد، بالنسبة لكثيرين تعتبر لذة الأكل أهم لذات العالم. وإضافة إلى تلك المتعة التي يمكن إيجادها في الأكل، للتلذذ بالأكل فوائد صحية عديدة أبرزها المساهمة في عملية الهضم وتعزيز العلاقة مع الأكل ما يساعد على تخطي الاضطرابات الغذائية التي يمكن التعرض لها، بحسب ما نشر في Healthline.
ما أهمية التلذذ بالأكل؟
قد لا تقل أهمية المتعة التي يمكن إيجادها في الأكل عن الفائدة منه والمكونات التي في الطبق. طوال أعوام، عمل الباحثون على دراسة الاسرار العلمية وراء المتعة التي يمكن إيجادها في الأكل. من الناحية الفيزيولوجية، تبين أن اللذة التي يمكن إيجادها في الأكل تحصل في الفم إنما في أيضاً في الدماغ. فأياً كان نوع اللذة سواء في الأكل أو في أي خطوة أخرى، هي تقود إلى إطلاق الدوبامين في الدماغ. وتعتبر الدوبامين في الواقع الهرمون التي تشعر الفرد بالارتياح كونها تساهم في تعزيز الإحساس بالسعادة والهدوء والقدرة على التركيز والانتباه.
وكانت دراسة أجريت في عام 2011، قد أظهرت أن الأشخاص الذين يعانون السمنة يعانون خللاً في تحسس الدوبامين ما يقودهم إلى الأكل بمعدلات كبرى بحثاً عن اللذة في الأكل.
في المقابل، عندما تعمل الكيماويات في الدماغ بالشكل الصحيح، تقود اللذة في الأكل إلى المزيد من الفائدة الصحية. إذ يؤكد الخبراء انه لدى الاستمتاع بالأكل يتم تحفيز إنتاج الدوبامين، ما يساهم في تحسين عملية الهضم لتصبح أكثر فاعلية. كما تنشط علمية الأيض. ففي هذه الحالة، يسترخي الجسم ومعه الجهاز العصبي ما يساعد على الاستفادة من العناصر الغذائية بشكل أمثل.
بشكل عام، لدى تناول الأطعمة اللذيذة التي يتم الاستمتاع بها، تزيد معدلا الرضى ما يساهم في تحسين جودة الغذاء والحد من فرص الإفراط في الأكل او اللقمشة غير الصحية. لذلك يعتبر الخبراء أن لحظات الأكل ستكون مملة فعلاً لو كان الهدف من الغذاء تأمين الطاقة للجسم فحسب. لذلك، تعتبر للحظات الأكل أبعاد كثيرة منها اجتماعية وثقافية وغيرها ونفسية وغيرها. حتى أن الاجتماعات بين الأهل والصدقاء تصبح أكثر متعة عندما تكون حول مائدة الطعام. هي تؤمن عندها إحساساً بالسعادة. كما أن لتجربة الطعام طابع ثقافي وفيها شيء من الإرث والعادات المجتمعية. أما الحرمان من أطعمة معينة أو استبعاد بعضها فيولّد شعوراً بالعزلة. وبالتالي لتجرية الطعام الممتعة انعاكس واضح وإيجابي على الصحة النفسية.
ما الفرق بين حالة الأكل العاطفي والمتعة في الأكل؟
يولّد اللجوء إلى الأكل هرباً من المشاعر السلبية كالتوتر والضغط النفسي والغضب والحزن إلى استهلاك الأكل من دون وعي وهذا ما يخلق علاقة يغلب عليها الخلل مع الأكل. لكن يختلف مفهوم الأكل العاطفي عن الأكل من أجل المتعة. ففي حالة الأكل العاطفي يستخدم الفرد الأكل من أجل التعامل مع مشاعر سلبية او إيجابية. أما الأكل من أجل المتعة فيعرف بالحالة التي يتم فيها اختيار الأكل من أجل الاستمتاع بتجربة مميزة سواء من خلال المذاق أو التجربة بذاتها او تركيبة الأكل. كما انه في حال الأكل العاطفي، غالباً ما يكون هناك خلل في العلاقة مع الأكل، بعكس ما يحصل عند الأكل من أجل المتعة، فتكون هناك علاقة قوية ومتعة في الأكل.
ولتحديد طبيعة العلاقة مع الأكل أفضل ما يمكن فعله هو تحديد المشاعر التي تأتي بعد تجربة الأكل . ففي حال الاستمتاع بالأكل، لا يولد شعور بالذنب بعدها او الخجل.