جمال أكاديري
مع البلبلة السياسية والتراشق العدائي الدائم بين أقطاب دكاكين الاحزاب المغربية، التي دامت مدة قصيرة بعد الزلزال السياسي الذي عرفه المغرب ، والذي كانت نتائجه اعفاءات بالجملة لمسؤولين متحزبين؛ ألا يتعين الذهاب بعيدا والقيام بشكل راديكالي صادم ، بالانحلال من واجب التشبث بطقس احترام المنهجية الديمقراطية ، و التخلص ولو مرحليا ، من لزومية المبدأ الضمني الذي ينص:
“على أحقية كل من يتصدر نتائج الانتخابات ، أن تمنح له كامل الصلاحيات ، للتكفل بإعداد وتشكيل حكومة جديدة “
لأن من وجهة نظر عقلاء السياسة ، الموقف الراهن المتعنت لحزب الأغلبية (العاض بنواجذه على ناصية هذا المبدأالدستوري الذي يكفل له هذه الأحقية ) في ظل هذا الركود والعطالة السياسية الحالية التي سببها موقفه المعاند ، لن يحقق اي مكاسب للمصالح العليا لبلد كالمغرب ؛ مازال يتجرع كبسولات كمياء “الإنتقال الديموقراطي” و مازال يتعثر في طريقه لإتمام مشاريعه التنموية الكبرى .
ثم من ناحية أخرى ، موقف مثل هذا ، من المتوقع أن يكون له أثرا عكسيا ، و سييثير مزيدا من الريبة لدى شركاء المغرب الدوليين ، و ربما سيقلل من درجة تقييمهم لتماسك مؤسساته السيادية ، ولمدى قدرتها على أن تواصل بثبات إستمرارها العادي ، دون أن تتأثر بالمشاحنات الداخلية .
مع ، طبعا ، مايصاحب هذا التقييم الأجنبي للوضع الداخلي ، من مراقبة متأنية لكل منجزات المغرب القائمة فعلا ، ومن متابعة عن بعد ، لكيفية إنجاح الأخرى المعلنة مسبقا من طرف مسؤوليه الفعليين .
لكن بالمقابل ، سيكون مناسبا من طرف الجهات العليا لو تم ، إشهار فرضية سيناريو بديل ، وتفعيله لإنهاء دوامة الأزمة والتعديلات الحكومية المتوالية ، التي وصلت كما يعلم الكل ، الى الباب المسدود ؛ موازة مع ذلك التدخل الملكي الغاضب – بعد افتتاح دورة البرلمان – المسنود دستوريا ، الذي حسم الإشكال المفتعل جزئيا ، بإعادة عقرب المسؤوليات إلى ساعة الصفر ، و إعفاء نهائيا وزراء من تحمل مهامهم الحكومية الحالية .
وكان بودنا ، لو تبع نفس قرار الإقالة ، التسريع في تفعيل إجراء آخر، بحقن الدواء المناسب و بالضبط في فتحة شريان الجرح السياسي ، المفتوح و المتعفن ، التي كانت علته البينة والفاضحة والحقيقية ، حتى الآن ، هي تنافر مصالح أحزاب متباينة إيديولوجيا ، و هشة قاعديا و فاقدة للبوصلة السياسية الإجتماعية ، و غير مؤهلة ولو قليلا لصناعة حروف أبجدية جديدة ، يكتب بمدادها وفاق وطني تاريخي مدروس ، يترك صداه في أفق المستقبل القريب ؛ فكيف بالأحرى لها (أي الأحزاب ) القدرة على قيادة بلد كالمغرب ، يعيش تعقيدات داخلية على عدة مستويات ، و تحديات خارجية إقليمية تتطلب نظرة استراتيجية بعيدة المدى ، للخروج من عنق دوامة التكتيكات الخانقة.
هنا يتعين فتح قوس تاريخي ، و التأكيد ، على أن الدولة المغربية واجهت دوما كثير من الأزمات ، و عاشت حالات من الطوارئ السياسية الصعبة ، وكانت هناك في فترات ماضية ، تدخلات مفاجئة ، من الجهات العليا ، أكثر رزانة و جرأة ، حاولت فيها أن تساير توتر واقع اللحظة السياسية المتأزمة ، وإيجاد تركيبة متوازنة من الحلول العاجلة ، لإزاحة الأخطار المتربصة بالإستقرار الداخلي للبلد كله ، آخرها خطاب 9 مارس 2011 التاريخي
وبالمثل ، وفي ظل هذه الأزمة ، ولما لا ؟!
يمكن للملك المغربي محمد السادس ، إذن، أن ينتقي من النخبة النسائية المؤهلة إمرأة محايدة سياسيا و لامنتمية (سيدة اعمال أو إطار في مؤسسة كبرى مثلا ) ويعينها في منصب رئاسة الحكومة ، لكي تلعب دورا استثنائيا ، انتقاليا، في لعبة التهدئة بين هؤلاء القياديين المتحزبين ، الذين صار يكمن شغلهم الشاغل ، فقط في التنافس على الحصول على اكبر حصة من كعكعة المناصب الكبرى ،و فقط في إتقان فن إذكاء نيران التوتر وخلق المناوشات ، لعرقلة تقدم الخصم ، و التفنن في فبركة مفاوضات الكواليس العبثية المتشنجة .
سيدة محنكة ، سيكون من المطلوب منها بداية ، ان تتسم مهمتها ، بالتحفظ الواجب ، والتسامي المتعالي ، لكي ينأى بها عن السقوط في بركة التفاهات ، والتراشق و التلاسن غير المجدي ، الذي رافق شهورا هذا التطاحن السياسي ، و الذي لم يعد ، حتى الان ، على مصالح البلد بأي فائذة ترجى.
أما مايسمى بالشرعية الانتخابية ، التي يتم رفع شعارها عند كل محك و اصطدام ، و التبجح بها مرارا ، و تزكيتها وتبريرها رقميا ،
استنادا لذالك الرقم السحري، الذي تجسده عدد المقاعد المحصل عليها ( علاوة على تتويجها كحجة دامغة ختمت بها صناديق الإستحقاق الديموقراطي )
فهي واهية من أساسها ، بحكم أننا إذا سايرناهم ، في رشم وتنزيل نفس قواعد اللعبة ، سنجد أن عدد المقاطعين والغاضبين الساخطين على مجريات الانتخابات ، يفوق بكثير تلك الشرذمة المغيبة ، التي تم إغراؤها للتصويت ، ودفعها للمشاركة في الإقتراع جزافا.
ثم إن الملك له صلاحيات دستورية واضحة ، كضامن لإستمرارية مؤسسات سيادة الدولة المغربية ، ومن خياراته المشروعة كرئيس فعلي لها ، و مالك لسلطة تقديرية ، أن يتدخل فورا ويقف على اسباب هذا الفشل السياسي .
باختصار هذه المرأة القيادية ، على رأس حكومة مغربية ، ستتمثل مهمتها في مواصالة الحفاظ على عملية الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية ، داخل الورشات الكبرى ، مع اعطاء مهلة مؤقتة لمسيري الاحزاب ، لكي يتعقلوا ويبرمجوا شيئا مقبولا وملموسا ، يتعين انطلاقا منه ، تدبير سياسة البلد المستقبلية وآنئذ سيسمح لهم بالعودة للتباري من جديد فوق الحلبة
فالإشكال مازال كما هو ، فالمغرب بحاجة إلى حكومة تدبر أموره على وجه السرعة ، والضامن لوجودها الفعلي هو الملك ، فلم يعد تحقق هذا يتعلق بمسألة مشاركة الأحزاب أو بدونها . فلنترك آنئذ للزمن السياسي الآتي مهمة القيام بفرز المسؤوليات التاريخية لكل جهة وتحديد حصة مساهمتها في إنفراج الوضع المتأزم.
مع البلبلة السياسية والتراشق العدائي الدائم بين أقطاب دكاكين الاحزاب المغربية، التي دامت مدة قصيرة بعد الزلزال السياسي الذي عرفه المغرب ، والذي كانت نتائجه اعفاءات بالجملة لمسؤولين متحزبين؛ ألا يتعين الذهاب بعيدا والقيام بشكل راديكالي صادم ، بالانحلال من واجب التشبث بطقس احترام المنهجية الديمقراطية ، و التخلص ولو مرحليا ، من لزومية المبدأ الضمني الذي ينص:
“على أحقية كل من يتصدر نتائج الانتخابات ، أن تمنح له كامل الصلاحيات ، للتكفل بإعداد وتشكيل حكومة جديدة “
لأن من وجهة نظر عقلاء السياسة ، الموقف الراهن المتعنت لحزب الأغلبية (العاض بنواجذه على ناصية هذا المبدأالدستوري الذي يكفل له هذه الأحقية ) في ظل هذا الركود والعطالة السياسية الحالية التي سببها موقفه المعاند ، لن يحقق اي مكاسب للمصالح العليا لبلد كالمغرب ؛ مازال يتجرع كبسولات كمياء “الإنتقال الديموقراطي” و مازال يتعثر في طريقه لإتمام مشاريعه التنموية الكبرى .
ثم من ناحية أخرى ، موقف مثل هذا ، من المتوقع أن يكون له أثرا عكسيا ، و سييثير مزيدا من الريبة لدى شركاء المغرب الدوليين ، و ربما سيقلل من درجة تقييمهم لتماسك مؤسساته السيادية ، ولمدى قدرتها على أن تواصل بثبات إستمرارها العادي ، دون أن تتأثر بالمشاحنات الداخلية .
مع ، طبعا ، مايصاحب هذا التقييم الأجنبي للوضع الداخلي ، من مراقبة متأنية لكل منجزات المغرب القائمة فعلا ، ومن متابعة عن بعد ، لكيفية إنجاح الأخرى المعلنة مسبقا من طرف مسؤوليه الفعليين .
لكن بالمقابل ، سيكون مناسبا من طرف الجهات العليا لو تم ، إشهار فرضية سيناريو بديل ، وتفعيله لإنهاء دوامة الأزمة والتعديلات الحكومية المتوالية ، التي وصلت كما يعلم الكل ، الى الباب المسدود ؛ موازة مع ذلك التدخل الملكي الغاضب – بعد افتتاح دورة البرلمان – المسنود دستوريا ، الذي حسم الإشكال المفتعل جزئيا ، بإعادة عقرب المسؤوليات إلى ساعة الصفر ، و إعفاء نهائيا وزراء من تحمل مهامهم الحكومية الحالية .
وكان بودنا ، لو تبع نفس قرار الإقالة ، التسريع في تفعيل إجراء آخر، بحقن الدواء المناسب و بالضبط في فتحة شريان الجرح السياسي ، المفتوح و المتعفن ، التي كانت علته البينة والفاضحة والحقيقية ، حتى الآن ، هي تنافر مصالح أحزاب متباينة إيديولوجيا ، و هشة قاعديا و فاقدة للبوصلة السياسية الإجتماعية ، و غير مؤهلة ولو قليلا لصناعة حروف أبجدية جديدة ، يكتب بمدادها وفاق وطني تاريخي مدروس ، يترك صداه في أفق المستقبل القريب ؛ فكيف بالأحرى لها (أي الأحزاب ) القدرة على قيادة بلد كالمغرب ، يعيش تعقيدات داخلية على عدة مستويات ، و تحديات خارجية إقليمية تتطلب نظرة استراتيجية بعيدة المدى ، للخروج من عنق دوامة التكتيكات الخانقة.
هنا يتعين فتح قوس تاريخي ، و التأكيد ، على أن الدولة المغربية واجهت دوما كثير من الأزمات ، و عاشت حالات من الطوارئ السياسية الصعبة ، وكانت هناك في فترات ماضية ، تدخلات مفاجئة ، من الجهات العليا ، أكثر رزانة و جرأة ، حاولت فيها أن تساير توتر واقع اللحظة السياسية المتأزمة ، وإيجاد تركيبة متوازنة من الحلول العاجلة ، لإزاحة الأخطار المتربصة بالإستقرار الداخلي للبلد كله ، آخرها خطاب 9 مارس 2011 التاريخي
وبالمثل ، وفي ظل هذه الأزمة ، ولما لا ؟!
يمكن للملك المغربي محمد السادس ، إذن، أن ينتقي من النخبة النسائية المؤهلة إمرأة محايدة سياسيا و لامنتمية (سيدة اعمال أو إطار في مؤسسة كبرى مثلا ) ويعينها في منصب رئاسة الحكومة ، لكي تلعب دورا استثنائيا ، انتقاليا، في لعبة التهدئة بين هؤلاء القياديين المتحزبين ، الذين صار يكمن شغلهم الشاغل ، فقط في التنافس على الحصول على اكبر حصة من كعكعة المناصب الكبرى ،و فقط في إتقان فن إذكاء نيران التوتر وخلق المناوشات ، لعرقلة تقدم الخصم ، و التفنن في فبركة مفاوضات الكواليس العبثية المتشنجة .
سيدة محنكة ، سيكون من المطلوب منها بداية ، ان تتسم مهمتها ، بالتحفظ الواجب ، والتسامي المتعالي ، لكي ينأى بها عن السقوط في بركة التفاهات ، والتراشق و التلاسن غير المجدي ، الذي رافق شهورا هذا التطاحن السياسي ، و الذي لم يعد ، حتى الان ، على مصالح البلد بأي فائذة ترجى.
أما مايسمى بالشرعية الانتخابية ، التي يتم رفع شعارها عند كل محك و اصطدام ، و التبجح بها مرارا ، و تزكيتها وتبريرها رقميا ،
استنادا لذالك الرقم السحري، الذي تجسده عدد المقاعد المحصل عليها ( علاوة على تتويجها كحجة دامغة ختمت بها صناديق الإستحقاق الديموقراطي )
فهي واهية من أساسها ، بحكم أننا إذا سايرناهم ، في رشم وتنزيل نفس قواعد اللعبة ، سنجد أن عدد المقاطعين والغاضبين الساخطين على مجريات الانتخابات ، يفوق بكثير تلك الشرذمة المغيبة ، التي تم إغراؤها للتصويت ، ودفعها للمشاركة في الإقتراع جزافا.
ثم إن الملك له صلاحيات دستورية واضحة ، كضامن لإستمرارية مؤسسات سيادة الدولة المغربية ، ومن خياراته المشروعة كرئيس فعلي لها ، و مالك لسلطة تقديرية ، أن يتدخل فورا ويقف على اسباب هذا الفشل السياسي .
باختصار هذه المرأة القيادية ، على رأس حكومة مغربية ، ستتمثل مهمتها في مواصالة الحفاظ على عملية الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية ، داخل الورشات الكبرى ، مع اعطاء مهلة مؤقتة لمسيري الاحزاب ، لكي يتعقلوا ويبرمجوا شيئا مقبولا وملموسا ، يتعين انطلاقا منه ، تدبير سياسة البلد المستقبلية وآنئذ سيسمح لهم بالعودة للتباري من جديد فوق الحلبة
فالإشكال مازال كما هو ، فالمغرب بحاجة إلى حكومة تدبر أموره على وجه السرعة ، والضامن لوجودها الفعلي هو الملك ، فلم يعد تحقق هذا يتعلق بمسألة مشاركة الأحزاب أو بدونها . فلنترك آنئذ للزمن السياسي الآتي مهمة القيام بفرز المسؤوليات التاريخية لكل جهة وتحديد حصة مساهمتها في إنفراج الوضع المتأزم.