عالم جديد بين ليلة وضحاها
مع تفشّي الجائحة، تبدّلت أنماط الحياة بشكل جذريّ. فالإغلاق العامّ فرض نفسه، والتباعد الاجتماعي أصبح قاعدة، وتحوّلت المكاتب إلى بيئات عمل رقمية، فيما انتقلت الفصول الدراسية إلى الشاشات. خلال فترة قصيرة، تأقلمت المجتمعات مع واقع جديد لم يكن متوقعًا. لكن، بعد خمس سنوات، هل استمرّت هذه التغييرات، أم عاد العالم إلى ما كان عليه؟
شهد المجال الطبي تطوّرات غير مسبوقة؛ إذ تمّ تطوير لقاحات سريعة، وظهرت تقنيات تشخيص وعلاج أكثر تطوّرًا. ورغم سرعة الاستجابة، لم يسلم الطبّ من الجدل؛ إذ أقبل البعض على اللقاحات بحماس، بينما شكّك آخرون في فعاليتها، وربما كان الفريقان على حق، خصوصاً بعدما دلت دراسات متأخرة على أن اللقاح لم يكون خالياً من العيوب.
وأدّت العزلة والتباعد الاجتماعيّ إلى ارتفاع معدّلات القلق والاكتئاب بسبب قلّة التواصل وضعف الدعم الاجتماعيّ. في المقابل، عزّزت الجائحة الوعي بالصحة العامة وغيّرت عادات العمل والتواصل، حيث ازدهر العمل عن بُعد وأصبح أسلوب حياة في العديد من القطاعات.
تحوّلات اقتصادية بارزة
قفزت نسبة العمل عن بُعد عالميًا من 8% قبل الجائحة إلى ما بين 35 و40% في بعض القطاعات بعد 2020، وفقًا لدراسة ماكينزي. وتاثرت ريادة الأعمال الرقميّة، إذ شهدت الشركات الناشئة نموًّا غير مسبوق، حيث جمعت استثمارات بقيمة 621 مليار دولار في 2021، مقارنة بـ 335 مليار دولار في 2020، وفقًا لـ CB Insights.
خسرت السياحة 1,3 تريليون دولار في 2020، لكنّها بدأت في التعافي، حيث سجلت السياحة الدولية 963 مليون سائح في 2022، أي ضعف الرقم المسجّل في 2021، وفقًا لمنظمة السياحة العالمية. وبذلك، تراجعت إيرادات شركات الطيران بنسبة 60% في 2020، لكنّها تجاوزت 800 مليار دولار في 2023، وفقًا لـ IATA، وهاي يعد تعافياً مشهوداً.
في عالم التجارة بالتجزئة، انخفض الإنفاق على المتاجر التقليدية، بينما نمت التجارة الإلكترونية 27.6% عالميًا في 2020، وفقًا لـ eMarketer.
في النهاية، ورغم التحدّيات التي فرضتها الجائحة، ولّد العالم بعد الـ”كوفيد” واقعًا جديدًا مليئًا بالتغيرات، كما أصبح المرض متوطّنًا مع استمرار ظهوره بين فترات وأخرى. ليبقى السؤال مفتوحًا: هل نحن مستعدّون لأزمة أخرى تلوح في الأفق؟