في أحيان كثيرة، يواجه عديد من الناس مشكلات صحيّة لا يظهر سبب واضح لها، ثم يتبين أن الاضطرابات في الغدة الدرقية تقف وراءها.
ووفق توضيح من الطبيبة الاختصاصية في أمراض الغدد الصمّ والسكريّ في مستشفى “أوتيل ديو دو فرانس”، الدكتورة كارول سعادة، في حديث مع “النهار” لمناسبة الشهر العالمي للتوعية حول الغدة الدرقية، يجب عدم الاستخفاف بالدور المركزي الذي تؤدّيه الغدة الدرقية في صحة الجسم وأمراضه.
عن أربع مشكلات رئيسية
تشير سعادة إلى أربع مشكلات أساسية ترتبط بالغدة الدرقية، ولا بدّ من التنبّه إلى الأعراض الناتجة عنها، على النحو الآتي:
– وجود عُقَد في أنسجتها.
– حصول نشاط مفرط في عملها. يترافق ذلك مع نحول زائد وتسارع في ضربات القلب وتعب مستمر.
– حدوث كسل فيها بمعنى انخفاض إفرازاتها الهرمونية الطبيعية.
– إصابتها بفيروس ما يتسبب بحالة التهابية تشمل ارتفاع حرارة الجسم ومعاناة ألمٍ في الحنجرة وما إلى ذلك من الأعراض المختلفة.
هل من تأثير وراثي؟
وفق د. سعادة، لا شكّ في أن العامل الوراثي يؤدي دوراً في حصول الاضطرابات في الغدة الدرقية، ويشمل ذلك ظهور عُقَدٍ في نسيجها أو حدوث كسل في عملها أو زيادة مفرطة فيه. لذلك، لا بدّ من البحث عن تاريخ عائليّ حينما يجري التعامل مع اضطرابات الغدة الدرقية، خصوصاً لدى النساء.
لننتبه إلى هذه الأعراض!
يترافق النشاط المفرط في عمل الغدة الدرقيةث مع أعراض من بينها
– انخفاض الوزن بشكل غير مبرر
– زيادة الشهية
– نوبات من الإسهال
– تسارع ضربات القلب
– الإحساس بالتعب بشكل مستمر
– التعرق الزائد
– سرعة الانفعال
وفي مقلب آخر، تُلاحظ الأعراض الآتية، حينما تصاب الغدة الدرقية بحالة من الكسل في نشاطها:
– زيادة الوزن بشكل يفوق التوقع
– النعاس المستمر خلال النهار
– الشعور بالبرد بشكل لا يتناسب مع حرارة الطقس
– أوجاع االمفاصل
– الاكتئاب
– الإمساك
– تدنّي القدرة على تحمل تناول المشروبات الكحولية
– تساقط الشعر
– فقر الدم
وإذا اجتمع عدد من تلك الأعراض سوياً، فحينئذ لا بدّ من التفكير في إجراء فحوص للغدّة الدرقية بغية التأكّد من عدم وجود اضطراب فيها.
طرق تشخيص اضطرابات الغدة الدرقية
توضح د. سعادة بأنه من السهل تشخيص اضطرابات الغدة الدرقية بمجرّد إجراء فحص الدم الخاص بقياس مستوى إفرازاتها الهرمونية. كذلك قد يُلجأ إلى فحوص أكثر تعمقاً تشمل قياس الأجسام المناعية التي تظهر بالترافق مع التغيّر في عمل تلك الغدة. وكذلك قد تُجرى صور صوتية “آلترا ساوند” (Ultra Sound) بغية التثبت من ظهور عُقد في نسيجها، أو عدم حصول ذلك. وبحسب حجم العُقد وخصائصها، يحدّد الطبيب مدى الحاجة لأخذ خزعة من الغدة. وتطمئن سعادة إلى أن معظم العُقد في الغدة الدرقية تكون أوراماً حميدة، لكن إذا ارتاب الطبيب في الأمر، فقد يلجأ إلى أخذ عينة من نسيج العُقد ويرسلها إلى الفحص المجهري للتثبت من طبيعتها.
ما مدى سهولة العلاج؟
على الرغم من الصعوبات التي تتسبّب اضطرابات الغدة الدرقية فيها، وتأثيرها على وظائف الجسم والحياة اليومية للمريض، فإن معالجتها سهلة في معظم الحالات، وكذلك الحال بالنسبة إلى تشخيصها.
ويعالج الكسل في الغدة الدرقية بالدواء وحده، على أن تضبط جرعاته على أساس فحص الدم ونتائجه. ويجري التعامل مع حالة الإفراط في نشاط تلك الغدة بالدواء أو اليود المشعّ أو الاستئصال. وحينما تظهر عُقد في الغدة الدرقية، فقد تكفي مراقبة الحالة، وربما يستدعي الأمر استئصالها جراحياً.
وفق سعادة، حينما تُعالج اضطرابات الغدة الدرقية بإشراف طبيب متخصص، تسير الأمور بصورة سلسلة، إلا في حالات نادرة جداً. وفي الأغلب، تكون اضطرابات الغدة الدرقيّة حاضرة في ذهن طبيب العائلة حينما يتعامل مع أعراض تتعلّق بها. وقد يعمد الطبيب إلى طلب الفحوص الخاصّة بالغدة الدرقية باعتبار أن اضطراباتها تندرج ضمن المشكلات الصحية الشائعة.
في المقابل، تبرز المخاطر الفعليّة حينما تحدث اضطرابات الغدة الدرقية عند المسنّين، وكذلك إذا تأخّر التشخيص المتعلّق بالتغيّر في إفرازاتها أو إصابتها بأورام خبيثة، على الرغم من ندرتها.