تشكّل السمنة تحدّياً بارزاً للدول عامة، لا كمرض مزمن يُعتبر عبئاً على الأفراد الذين يعانونه، إنما أيضاً هو يُعتبر عبئاً على اقتصادات الدول، ما دعا العديد منها إلى اتخاذ إجراءات والقيام بمبادرات لمواجهته. في لبنان كانت تُسّجل مستويات متدنية من السمنة بالمقارنة مع دول المنطقة، لكن الأمور اختلفت من بداية الأزمة وتزيد المخاوف حالياً من ارتفاع معدلاتها في الأعوام المقبلة بسبب التغييرات الحاصلة في النظام الغذائي للمواطنين في البلاد بسبب الوضع المعيشي. في حديثه مع “النهار العربي” يشير رئيس قسم أمراض الغدد الصم والسكري والدهنيات في المركز الطبي للجامعة اللبنانية الأميركية -مستشفى رزق الدكتور كمال حربلي، إلى أنّه مع التطور الطبي الحاصل في مجال مكافحة السمنة، أصبح هناك حلول دوائية فاعلة قادرة على محاربة المرض وما له من تداعيات كالسكري وغيره، بحقنة أو بحبة دواء. هذا، على هامش نشاط أقامه المستشفى لمناسبة اليوم العالمي للسمنة، وتضمّن فحصاً لمؤشر كتلة الجسم والأوعية الدموية وإرشادات خاصة بالسمنة وخطر الإصابة بالسكري.
هل من تخوّف فعلي من ارتفاع معدلات السمنة في لبنان؟لا تتوافر ارقام فعلية تدلّ إلى معدلات السمنة في لبنان. لكن بالفعل كان يُسجّل انخفاض في معدلات السمنة والسكري، متدنٍ بالمقارنة مع الدول العربية، حيث كانت ترتفع معدلات السكري. وعلى الرغم من غياب الأرقام خلال الأزمة، من المؤكّد أنّ ثمة تخوفاً من ارتفاع معدلات السمنة بسبب التغيير الحاصل في النظام الغذائي، نتيجة الوضع المعيشي. لكن في الوقت نفسه، لا ينكر حربلي أنّه من الممكن أن يحصل سوء تغذية مع تراجع معدلات الأكل نتيجة الفقر الحاصل. وبالتالي لا بدّ من النظر إلى الوضع من الجهتين مع تراجع المستوى الغذائي لجهة النوعية والكمية أيضاً.
ما العلاجات الحديثة في مكافحة السمنة؟بات معروفاً أنّ السمنة مرض مزمن تماماً كالسكري، لكن ثمة علاجات له، وإن كانت لا تلغي المرض. هي من العلاجات التي لا بدّ من تناولها للمدى البعيد لمحاربة المرض. في السنوات الأخيرة أصبح هناك علاجات فاعلة توصف لعامين أو ثلاث، وإضافة إلى الحقن التي توافرت وأظهرت فاعليتها مثل حقن أوزمبيك، أصبح هناك علاجات أكثر فاعلية بعد، هي عبارة عن حقنة تعطى مرّة في الاسبوع، وهي تمتاز بفاعلية قصوى لكنها مكلفة. أيضاً أصبح علاج أوزمبيك متوافراً بشكل عقاقير يمكن تناولها بطريقة عملية، وهو متوافر في بعض الدول العربية مثل مصر ودبي. لكن يوضح حربلي أنّه لم يثبت بعد علمياً ما إذا كان هذا العلاج يمكن أن يكافح السمنة للمدى البعيد. إنما يمكن أن يُعطى للمدى الطويل لمكافحة السمنة ويحمي القلب والأوعية الدموية، وحتى في حال عدم الإصابة بالسكري. علماً أنّه أصبح من الممكن أن يحصل من يعاني السمنة على حقن أوزمبيك خلال فترة معينة، تليها فترة يمكن تناولها بشكل حبة في الفم بطريقة سهلة وعملية، تماماً كما في حال الإصابة بالسكري وارتفاع ضغط الدم. هذا، مع الإشارة إلى أنّ قلائل يحرصون على التقيّد بنظام غذائي صحي لضبط الوزن في مكافحة السمنة على الرغم من اهمية ذلك، ما يدفعهم أكثر إلى هذه الحلول الدوائية لاعتبارها تسهل عليهم الأمور.
هل توصف هذه العلاجات لأي كان؟من الضروري أن يتناول من يعاني السمنة هذه الأدوية بإشراف طبي لأنّ الطبيب وحده يؤكّد ما إذا كان الشخص المعني يجب أن يتناول مثل هذا العلاج. حتى أنّ البعض قد يختار تناوله لضبط الوزن حتى في حال عدم الإصابة بالسمنة. ويشير حربلي إلى أنّه ثمة من يتناول هذه الأدوية لحماية القلب والأوعية الدموية حتى في حال عدم الإصابة بالسكري ولا بالسمنة. لكن يبقى الإشراف الطبي أساسياً في كل الحالات. هذا، على أمل أن يتوافر العلاج في لبنان أيضاً في القريب العاجل. متى تكون الجراحة حلاً في مكافحة السمنة؟هناك معايير معينة لإجراء جراحات ربط المعدة ولا يمكن التغاضي عنها. فلدى البعض عوامل خطر معينة مثل السكري والخطر على القلب والشرايين ولا حل إلاّ بالجراحة. مع الإشارة إلى أنّه على الرغم من اللجوء إلى الجراحة من الممكن أن تعود زيادة الوزن، لكن في كل الحالات يمكن إطالة مدّة التعرض للأنسولين والخطر الناتج من السكري وأمراض القلب وغيرها من تداعيات السمنة. لكن يشدّد حربلي على انّ الجراحة ليست حلاً نهائياً كما يعتقد البعض، بل تعود زيادة الوزن في 30 أو 50 في المئة من الحالات.