ترجمة: مروة مقبول – في مثل هذا الأسبوع منذ مائتين وخمسين عامًا، لعب الشاي دورًا هامًا في استقلال القوة الأعظم في العالم وهي الولايات المتحدة عن بريطانيا، ولكن قدم صحفي بارز لدى صحيفة “واشنطن بوست” تحليلًا مختلفًا لواحدة من أكثر اللحظات الحاسمة في عصر تأسيس أمريكا، متسائلًا عما إذا كان بهذه الأهمية التي يذكرها التاريخ الأمريكي بمعايير الوقت الحاضر.. فما هي الحكاية؟
أقر البرلمان البريطاني قانون الشاي في 10 مايو 1773، وهو أحد أكثر التشريعات إثارة للجدل وتأثيرًا في الفترة التي سبقت الثورة الأمريكية، وذلك لإنقاذ شركة الهند الشرقية البريطانية British East India التي كانت تعاني من أزمات مالية.h
وبموجب هذا القانون، ستتمكن الشركة من احتكار بيع الشاي في المستعمرات الأمريكية دون الاضطرار إلى دفع الضرائب والرسوم التي يتم فرضها على استيراد الشاي.
أثارت هذه الخطوة غضب الأمريكيين الذين رأوا أن الحكومة البريطانية تحاول انتزاع الإيرادات من المستعمرات بشكل غير قانوني. فقد كانت جزء من مجموعة من الضرائب التي استخدمها البرلمان البريطاني لتمويل الحكام البريطانيين في المستعمرات.
وبحسب ما ذكر موقع Britannica، كان يتم نقل الشاي الذي يتم إرساله إلى المستعمرات على متن سفن شركة الهند الشرقية فقط ، على أن يتم بيعه من خلال وكلائها، متجاوزًا الشاحنين والتجار الاستعماريين المستقلين. وبالتالي تمكنت الشركة من بيع الشاي بسعر أقل من المعتاد في أمريكا أو بريطانيا.
تحالف التجار الاستعماريين مع حركة وطنية معارضة للحكم البريطاني تحمل اسم “أبناء الحرية” Sons of Liberty، بقيادة صامويل آدمز أحد الآباء المؤسسين للولايات المتحدة، لاتخاذ خطوات لمقاومة هذا القانون.
وفي مدن مثل نيويورك وفيلادلفيا وتشارلستون، قام وكلاء الشاي بإلغاء طلباتهم، ورفض التجار الشحنات. ومع ذلك، في بوسطن، قرر الحاكم الملكي توماس هاتشينسون الالتزام بالقانون وأصر على أنه ينبغي السماح للسفن الثلاث القادمة، دارتموث، وإليانور، وبيفر، بإيداع حمولتها. في ليلة 16 ديسمبر 1773، قامت مجموعة مكونة من حوالي 60 رجلًا من المقاومة بالصعود على متن السفن، متنكرين في زي هنود الموهوك، وألقوا حمولتها البالغة 342 صندوقًا إلى ميناء بوسطن.
ردًا على ذلك، أقر البرلمان سلسلة من الإجراءات العقابية وتمرير القوانين القسرية لتأكيد سلطتها وفرض إرادتها على المستعمرات، بما في ذلك مشروع قانون ميناء بوسطن الذي أغلق التجارة البحرية للمدينة في انتظار دفع ثمن الشاي المدمر، مما أدى في النهاية إلى الثورة الأمريكية.
“تناقض مجتمعي”!
وتساءل الصحفي ثيودور جونسون عما إذا كان حادث حفل شاي بوسطن هو بالفعل عمل “بطولي” قام به “رجال بيض” يرتدون زي السكان الأصليين ودمروا بضائع تبلغ قيمتها ما يقرب من مليوني دولار بأموال اليوم، وأنها حقًا رمز للروح الثورية التي أدت إلى الاستقلال.
واستشهد جونسون بمنظور الكاتب بنيامين كارب، مؤلف كتاب “تحدي الوطنيين: حفلة شاي بوسطن وتأسيس أمريكا” Defiance of the Patriots: The Boston Tea Party & the Making of America، حيث كتب أن المؤلف يرى أن الحادث الذي وقع طوال تلك السنوات الماضية “قد يتم تصنيفه الآن على أنه عمل إرهابي”.
وأشار إلى التناقض المجتمعي الذي يعيشه الأمريكيون اليوم، فحركة الدفاع عن الحقوق المدنية Civil Rights Movement كانت بمثابة انتصار للتعديل الأول للدستور، بينما وصفها المسؤولون بأنها غير قانونية فأرسلوا الشرطة لقمعها بالعنف.
كما اعتبر البعض احتجاجات “حياة السود مهمة” Black Lives Matters عصيانًا مدنيًا مشروعًا، بينما ركز آخرون على الأضرار التي لحقت بالممتلكات والتي حدثت أحيانًا بالتزامن مع الاحتجاجات وأعلنوا أن الحركة لا تمثل الأمريكيين.
وأُدين العديد من مثيري الشغب الذين اقتحموا مبنى الكابيتول الأمريكي في 6 يناير 2021 بتهمة التآمر وإتلاف الممتلكات، في حين يعتبرهم ربع سكان البلاد وطنيين و”سجناء سياسيين”.
وفي نهاية مقاله، أكد السيد جونسون على أن القصص والأبطال تعتبر أساسية للهوية الوطنية الأمريكية، وأوضح “القصص البطولية الأمريكية تحكي شيئًا ما عن طبيعتنا، وعن هويتنا، وعن الوجهة التي نتجه إليها”.